غرداية تستضيف وفودا من العاصمة ووهران وبومرداس

مشاعر روحانية في ليلة مولد خير البرية

مشاعر روحانية في ليلة مولد خير البرية
  • القراءات: 357
حنان. س حنان. س

نظم الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات - مكتب بومرداس ما بين 6 و10 أكتوبر الجاري، رحلة سياحية إلى ولاية غرداية، تدخل في إطار التبادل الثقافي ما بين ولايات الشمال والجنوب، تزامنا مع احتفالية المولد النبوي الشريف، والتي تكتسي قدسية خاصة عند أهل المنطقة، حيث تقام، بالمناسبة، عدة تظاهرات، أهمها الأعراس الجماعية، وكذا التغني بـ البردة، وترتيل القرآن عبر المساجد، في حين كانت الاحتفالية، أيضا، فرصة لجمع وفود عن ولايات الجزائر العاصمة ووهران وبومرداس، للاستمتاع بهذا الجو الروحاني المفعم بترحيب أهل الجنوب.

تعالت أصوات مرتلي القرآن الكريم من مآذن مساجد بلدية متليلي الشعانبة بولاية غرداية، مساء الجمعة الماضي. واسترسل القراء في ذلك ساعات متتالية بدون كلل أو تعب، كيف لا والمناسبة نُظمت إحياء لذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. هذه الشعيرة الدينية التي تكتسي أهمية كبيرة عند الأسرة الجزائرية، ولا يستثني ذلك سكان منطقة متليلي شعانبة بولاية غرداية، التي كانت محل زيارة "المساء" في إطار تبادل ثقافي ما بين ولايتي بومرداس وغرداية. وفي السياق، حدثنا قدور بن سانية صاحب استراحة "القطراني" بمنطقة "شعبة المدقة" بمتليلي يقول، إن مناسبة المولد النبوي الشريف تكتسي قدسية خاصة عند أهل المنطقة، حيث تقام البردة عبر مختلف المساجد، وهي عبارة عن ترتيل القرآن الكريم لأسبوع كامل قبيل ليلة المولد النبوي الشريف.

ويبدأ الترتيل بعد صلاة الظهر، ويستمر إلى صلاة العشاء. كما يتخلل ذلك - يواصل محدثنا - قراءة صحيح البخاري، واستحضار سيرة خير الأنام، وهو ما وقفنا عليه فعلا، حيث وصلت إلى مسامعنا التراتيل عبر مكبرات الصوت، في موقف روحي رائع، خاصة أن ترتيل كتاب الله كان على وقع صوت واحد، بخشوع يبعث قشعريرة في الأبدان، ويوحي بأن المناسبة عظيمة، تستحق وقفة أكيدة. وفي ليلة المولد، تقام احتفالية تكريم حفظة القرآن، مع إلقاء دروس حول السيرة النبوية، التي تُعتبر درسا أبديا لكل الأجيال من مختلف مناحي الحياة، بينما تعالى في الأطراف أصوات المفرقعات، وصيحات الأطفال المبتهجين بالمناسبة.

كما لفت بن سانية، في مقام آخر، إلى استغلال مناسبة المولد النبوي الشريف، لتنظيم عرس جماعي، وتزويج الشباب، الذين قد يصل عددهم إلى حوالي مائة. وقال بأن التحضير لهذا العرس يبدأ قبل أشهر طويلة، بدءا بتسجيل أسماء الشباب في أعمار بين 18 و25 سنة، إلى تحضير العشاء، الذي يتم، هو الآخر، عن طريق التضامن، وجمع الأموال، مرورا بإلباس العرسان الزي التقليدي، متمثلا في القندورة والبرنوس، ووضع التاج، وحمل السيف.. وكلها - حسب المتحدث - من التقاليد الثابتة في إحياء شعيرة المولد النبوي الشريف.

ولم تنته الصورة هنا، حيث أقيم على شرف وفد ولاية بومرداس، عشاء المولد بنفس الاستراحة، التي تحمل، من جهتها، إرثا تاريخيا كبيرا؛ على اعتبار أنها كانت مكانا لتحضير البارود، وإرساله لمجاهدي ثورة التحرير المجيدة، حسب قدور بن سانية. أما العشاء الذي كان، في الحقيقة، عبارة عن وليمة لما عكسته صورة اللمة الجميلة، فكان طبق "الطعام" أو كسكسي بمرق أحمر بلحم الضأن واليقطين. والمؤكد أن الكسكسي يبقى من أشهر الأطباق التقليدية الأشد حضورا في كل المناسبات.

واختتمت السهرة بارتشاف فناجين الشاي المحضر على الجمر، متبوعا بمختلف أنواع المكسرات، و"الطمينة" من تحضير الأمينة الولائية لاتحاد النساء الجزائريات بغرداية، التي استضافت، أيضا، وفودا عن ولايتي الجزائر العاصمة ووهران، إلى جانب وفد ولاية بومرداس، إذ أقيمت احتفالية من خلال المدائح الدينية التي تغنت بخير خلق الله..