الزرزور.. البلدية الأكثر فقرا وطنيا
مشاريع منعدمة.. وأحلام مؤجلة

- 777

تُعد بلدية الزرزور بكثافة سكانية قاربت 10000 نسمة موزعة عبر تجمعات ومداشر منتشرة هنا وهناك فوق تراب هذه البلدية بولاية المسيلة، من بين 05 بلديات الأكثر فقرا على المستوى الوطني، حسب الدراسة الأخيرة. فبالإضافة إلى الزرزور مركز يوجد عين السلطان والمكثم ولروية عين لحبارة السباعية، التي يجمعا قاسم مشترك اسمه المعاناة، ولا شيء غير المعاناة خاصة في ظل تسجيل العديد من النقائص كالمرافق التربوية وانعدام المراكز الأمنية.
مظاهر التخلف.. أولى الملاحظات
مظاهر الفقر والتخلف تلوح لك من بعيد، فلا أثر للتنمية المحلية إذا ما استثنيت بعض المشاريع المحتشمة هنا وهناك، رغم أن البلدية أنشئت بموجب التقسيم الإداري لسنة 1984، إلا أن هذا لم يشفع لها في ركوب قطار التنمية، وبالتالي الارتقاء إلى مصاف البلديات الأخرى. فأول ما يجلب انتباهك هو الانعدام شبه الكلي للتهيئة الحضرية بشوارع أحيائها الترابية، وهو الوضع الذي زاد من معاناة السكان وخاصة المتمدرسين الذين يدخلون في عراك حقيقي بمجرد سقوط زخات المطر، حيث تتحول شوارع وأحياء الزرزور إلى ما يشبه الأودية والبرك المائية التي يصعب تخطّيها، في حين تتحول إلى مصدر للأتربة والغبار صيفا ليزيد من معاناتهم؛ لما يخلّفه من أمراض كالحساسية والربو.
.. والثانوية مطلب دائم لم يتجسد..
وأول انشغال يطرحه المواطنون كلما سنحت لهم الفرصة مع المسؤولين، هو مطلب ثانوية؛ حيث عبّر الكثير من الأولياء عن تذمرهم من سياسة الهروب إلى الأمام التي تنتهجها الجهات الوصية في التعامل مع هذا الملف الحساس الذي يثار مع كل دخول اجتماعي، متسائلين في الوقت ذاته عن المقاييس التي يتم اعتمادها في منح مثل هذه المشاريع التربوية الهامة، التي أدى افتقار البلدية لمثلها إلى زيادة نسبة التسرب المدرسي، فبالرغم من أنهم لا يملكون إحصائيات رسمية في هذا الشأن إلا أنهم يجزمون بأن بلدية الزرزور تحتل المراتب الأولى في التسرب المدرسي، ناهيك عن حرمان العديد من البنات من مزاولة دراستهن بسبب بعد الثانوية عن مقر سكناتهن رغم النتائج الجيدة التي يتحصلن عليها في مسارهن الدراسي. كما لم ينس المتدخلون طرح مشكل الاكتظاظ الذي تعاني منه المدرسة الموجودة بمقر البلدية، الأمر الذي أدى إلى اكتظاظ في الفصول الدراسية؛ حيث وصل عدد التلاميذ إلى 50 تلميذا في القسم الواحد حسبهم، وهو ما يتطلب من الجهات الوصية التدخل وبرمجة مشاريع تربوية، من شأنها أن تقضي على الاكتظاظ المسجل بهذه البلدية التي عرفت توسعة محتشمة في بعض الابتدائيات.
الزرزور منطقة فلاحية بامتياز ولكن..
من جهة أخرى تُعتبر الزرزور منطقة فلاحية بامتياز بالنظر إلى خصوبة التربة التي تنتج كل أنواع الخضر والفواكه التي تعدت شهرتها حدود البلدية، لكن وبالنظر إلى ما تتطلبه خدمة الأرض من إمكانات مادية وبشرية هجر العديد منهم مهنة الآباء والأجداد. وحسب العديد من الفلاحين فإنهم لم يقووا على المصاريف التي تتطلبها الفلاحة، خاصة أن الجهات الوصية لم تساعدهم رغم تعلق الكثير منهم بأرض آبائهم وأجدادهم، حتى إن الكثير منهم يفكرون مليا في الهجرة إلى المدن المجاورة بحثا عن لقمة العيش، في حين اختارت القلة القليلة مهنة تربية المواشي التي لا يتعدى عددها في كثير من الأحيان، 30 رأسا للفرد الواحد، ليبقى فلاحوها ينتظرون دعم الدولة بهدف بعث فلاحتهم من جديد.
.. ومركز أمني من بين مطالب سكان الزرزور
كما لم يفوّت السكان الفرصة لطرح انشغال آخر والذي يتمثل في تزويد المنطقة بمركز أمني؛ بالنظر إلى خصوصية المنطقة؛ إذ أنها منطقة حدودية مع ولاية باتنة. وغياب الأمن يساعد المهربين في السطو على بضاعتهم، حيث تفتقر البلدية لمثل هذه المراكز. وناشد السكان في هذا الشأن السلطات العسكرية ضرورة تزويد المنطقة بمركز أمني يحميهم ويحمي ممتلكاتهم، وحتى المساعدة في إغلاق منافذ المهربين، الذين عادة ما يستعملون مثل هذه الطرقات لتهريب بضاعتهم.
وبالرغم من افتقار البلدية للعديد من المشاريع التي تضمن العيش الكريم وبالرغم من النقائص المسجلة في العديد من القطاعات إلا أن سكان الزرزور يأملون في التفاتة جادة من شأنها أن تخرجهم من حياة الغبن التي تميزهم دون غيرهم، خاصة أنها تُعتبر من بين 05 بلديات الأفقر على المستوى الوطني، لكنهم يبقون متمسكين بأرضٍ مشاريعها منعدمة، وأحلامها مؤجلة، والمواطن فيها ينتظر.