عقب الفيضانات التي اجتاحت قالمة

مخاوف من عودة الوديان النائمة

مخاوف من عودة الوديان النائمة
  • القراءات: 2052
❊وردة زرقين ❊وردة زرقين

شهدت ولاية قالمة مؤخرا، على غرار باقي الولايات الشرقية والداخلية، تقلبات جوية مصحوبة بتساقط أمطار غزيرة وصلت إلى أزيد من 38 مم، حسب مصلحة الأرصاد الجوية ببلخير، مما تسبب في عدة فيضانات في مناطق مختلفة عبر إقليم الولاية، وقد أشارت مصالح الديوان الوطني للأرصاد الجوية، إلى استمرار تساقط الأمطار الغزيرة، مرفوقة محليا بحبات البرد.

العاصفة القوية اجتاحت مدينة قالمة، وخلفت أضرارا بالغة على مستوى الطرق، لا سيما بشارع "التطوع" وسط المدينة، وأحياء "الفوجرول" و«الديانسي" في أعاليها، حيث اقتلعت السيول الجارفة طبقات الخرسانة المزفتة وطمرت الشوارع بالحجارة والطين، وشهدت بذلك مدينة قالمة، انجراف الأتربة والحجارة والأوحال من أعالي الأحياء، كحي "الحاج مبارك" و«بوروايح"، وصولا إلى شارع "التطوع"، وتجمعت الحجارة والأوحال وسط الطرق، مشكلة بذلك فوضى، مع سد بعض المنافذ وإعاقة حركة السير، بالتالي، فضحت الأمطار المتهاطلة عيوب البنى التحتية للمنشآت العمومية والمشاريع المنجزة حديثا، حيث تسببت في خسائر مادية معتبرة، أغلبها عبر الطرق التي غرقت في الأوحال والمياه، إضافة إلى البالوعات التي شهدت انسدادا ملحوظا.

مخاوف من عودة وادي "السخون"

تسبب تهاطل الأمطار بغزارة في هبوط على مستوى نفق شارع "التطوع"، مع تشوه الرصيف وسط الطريق، قرب سوق الخضر والفواكه، وبات الشارع التجاري الكبير وسط مدينة قالمة مكانا لتجمع الحجارة والطين. فشارع "التطوع" القلب النابض للمدينة، كان في قديم الزمان "شعبة"، أي مجرى واد، وتم البناء فوقه دون تهيئة بنيته التحتية، مما يتسبب في وقوع فيضانات بمجرد هطول أمطار غزيرة لبضع دقائق، وأصبحت مخاطر نفق شارع "التطوع" هاجس السكان الذين يتخوفون من عودة الطبيعة بعد الفيضانات، إلى مواقعها الأولى، وتعيد بذلك وادي "السخون" إلى مجراه القديم، بعد ما تم ردمه في زمن ضعف التخطيط.

في هذا الصدد، يطالب الباعة ممن تحدثت إليهم "المساء"، بإيجاد حلول جذرية لهذا المشكل حتى لا يتكرر هذا الفيضان، وعلى الجهات المختصة أن تتحرك لمعاينة الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة، مع إصدار بيان تقني يوضح وضعية النفق بعد الفيضانات الأخيرة.    

يقول الأخصائيون في الميدان، إن المعاينة والدراسة والتخطيط يجب أن تبدأ من أعالي المدينة إلى غاية شارع "التطوع"، مع تهيئة البنية التحتية، فيما يرى البعض أنها فرصة لتحويل هذه السوق تماما من هذا المكان، خاصة أنها نشأت عشوائيا، وبإمكان السلطات الولائية اتخاذ القرار والإجراءات المناسبة قبل فوات الأوان ووقوع الكارثة.     

كما كشفت الأمطار الأخيرة عن سياسة الترقيع في نظام صرف مياه الأمطار، حيث تبين انعدام البنى التحتية وغياب كلي لعنصر التخطيط المستقبلي، فمشكل البالوعات يجب أن يكون مدروسا، وعملية التنظيف تكون قبل موسم الأمطار، كما يجب التركيز على صيانة وتجديد قنوات الصرف الصحي لتجنب الولاية كوارث طبيعية، خاصة ونحن مقبلون على فصل الشتاء.

  خسائر معتبرة جراء تهاطل الأمطار

سجلت مصالح الحماية المدنية بالولاية، عشرات التدخلات جراء تسرب مياه الأمطار إلى المنازل والعمارات بمختلف أحياء مدينة قالمة وبلديات الولاية، وقامت بإنقاذ العديد من العائلات جراء أضرار السيول الناجمة عن التساقط الغزير للأمطار في عدة مناطق، منها إنقاذ العالقين وتصريف المياه المتجمعة في أغلب الطرق بسبب انسداد بعض البالوعات، وإخراج المياه من المنازل المتضررة.

كما تمكنت من إنقاذ عائلة مكونة من ثلاثة أفراد، كانت سيارتها محاصرة بمياه الأمطار في مخرج بلدية تاملوكة، على الطريق الوطني رقم 102 المؤدي إلى ولاية أم البواقي، وأنقذت شخصا كان على متن سيارة محصورة، بسبب ارتفاع منسوب المياه على مستوى قرية بلهتاف ببلدية تاملوكة، إلى جانب ذلك، تم إنقاذ حياة شخص جرفته المياه على متن سيارته السياحية، جراء الأمطار الرعدية المصحوبة بحبات البرد التي تساقطت على بلدية تاملوكة، غرب قالمة، فيما تم إنقاذ الضحية البالغ 40سنة،منالسيولالجارفةالتيكانتتغمرالطريقوإخراجهإلىبرالأمان.

شهدت بلدية تاملوكة تساقط كميات معتبرة من الأمطار الرعدية المصحوبة بحبات البرد، لتغمر السيول الطرق والمنازل والمحلات، بالإضافة إلى ذلك، قام أعوان الحماية المدنية بعدة عمليات امتصاص للمياه المتسربة لعدد من السكنات في عدة بلديات، حيث تم تسجيل خسائر مادية معتبرة، تمثلت أساسا في إتلاف العديد من الأفرشة والأجهزة الكهرومنزلية، بالإضافة إلى خطر انهيار جدران المنازل بوادي الزناتي، كما تجمعت المياه ببعض المناطق.

تسببت الأمطار الرعدية المرفوقة بالبرد في خسائر مادية، مع غلق بعض الطرق بمدينة تاملوكة، مما انجر عنه توقف بعض السيارات التي بقيت عالقة في منتصف الطرق، وبحمام النبايل، تسبب تهاطل الأمطار في عطب تام للمحول القديم في انقطاع التيار الكهربائي لمدة 36 ساعة، بأحياء "الشرف"، "تحصيص العالية" و«5 جويلية".

انعقاد مجلس ولائي موسع

منذ بداية الاضطرابات الجوية، باشرت الخلية العملياتية للوقاية من الفيضانات أشغالها، كما ترأس والي الولاية اجتماع المجلس الولائي الموسع، تم فيه مناقشة عدة نقاط، أهمها الوقاية من مخاطر الفيضانات، بتنصيب خلايا محلية يكون عملها استباقيا من خلال متابعة وضعية تساقط الأمطار والتدخل العاجل عند كل طارئ، إضافة إلى تنظيف بالوعات صرف مياه الأمطار من قبل الديوان الوطني للتطهير، وتنظيف المجاري المائية على محاور الطرق من طرف مديرية الأشغال العمومية، وتقييم عملية جهر الأودية والشعاب المسندة للمؤسسة العمومية للري، وإعادة تأهيل قنوات الصرف الصحي، حيث أسدى السيد كمال عبلة تعليمات للتكفل بالنقائص المسجًلة في هذا المجال، والوقوف عليها ميدانيا.

معاينة المناطق المتضررة

عاينت السلطات المحلية والولائية، وضع المدن والقرى والأودية التي اجتاحتها الفيضانات إثر التقلبات الجوية التي عرفتها قالمة، على غرار المنطقة الشرقية من الوطن، والتي أدت إلى ارتفاع منسوب المياه بوادي المالح بقرية "عين أركو" في بلدية تاملوكة، فيما تنقلت للوقوف ومعاينة وضعية المنطقة، بهدف اتخاذ بعض الإجراءات الاستعجالية للتكفل بانشغالات السكان، حيث تم ببلدية وادي الزناتي معاينة الوادي، والوقوف على أشغال التوسعة والتهيئة في شطره الثالث، وتفقد الوالي مجرى المياه التي كانت تسير بصفة عادية.

في بلدية قالمة، عاينت السلطات الولائية حي "المذبح القديم"، وشدد الوالي على مواصلة عملية رفع المخلفات الصلبة وتنظيف حواف الطرق، كما حث قاطني الحي على رفع الهياكل القديمة من سيارات، العجلات وغيرها من الأشياء التي تسببت في غلق وانسداد مجاري المياه إلى الأسفل، وعلى حواف "شارع التطوع".    

للإشارة، تم تسخير كافة الآليات من عتاد وإمكانية بشرية، من أجل فتح كل الطرق أمام حركة المرور التي عادت إلى وضعها العادي، فيما ألح الوالي في تعليماته، على ضرورة تنظيف مخلفات السيول من أتربة ونفايات صلبة، وإعادة جهر حواف الطرق لتفادي مخاطر التقلبات الجوية التي تعرفها الولاية، كما وجه نداء لمواطني الولاية، خاصة مستعملي الطرق، بضرورة التقيد وتتبع النشريات الخاصة بالتقلبات الجوية، وتفادي التنقل خاصة في الفترة الليلية، مع الالتزام بضوابط السلامة المرورية وتوخي الحيطة والحذر.