«المساء» ترافق الشرطة في عملية تضامنية لصالح المشردين

مثقفون وحرفيون ومتعلمون يفترشون شوارع وهران

مثقفون وحرفيون ومتعلمون يفترشون شوارع وهران
  • 1061
رضوان. ق رضوان. ق

نظمت المديرية الولائية للشرطة بوهران ليلة الأربعاء إلى الخميس، عملية تضامنية لصالح المشردين بالشوارع، بالتنسيق مع مديرية النشاط الاجتماعي ومديرية الصحة ومصلحة الإسعاف الاجتماعي والهلال الأحمر الجزائري، وهي العملية التي تدخل في إطار سلسلة العمليات التضامنية التي أطلقتها المديرية العامة للأمن الوطني.

وقد كانت الانطلاقة من مقر الأمن الولائي بوهران بعد تجمّع كل المساهمين في العملية، والتي كانت تستهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص بدون مأوى بشوارع وهران الكبرى، ممن اتخذوا الشارع مكانا للإقامة في غياب التكفل بهم أو رفض بعضهم الالتحاق بمراكز الإيواء المنتشرة بالولاية.

البداية كانت من شوارع حي المدينة الجديدة وبالضبط من الشارع الكبير المقابل لسوق الكتان ومؤسسة إعادة التربية والتكوين، وهو الشارع الذي يضم أكبر عدد من الأشخاص بدون مأوى، الذين يقارب عددهم، حسب إحصائيات غير دقيقة، 50 شخصا يفترشون الأرصفة يوميا؛ في مشاهد غير لائقة بالمنطقة، مستغلين تواجد الأشجار وظلمة المكان للاختفاء والابتعاد عن الأنظار. 

وقد قامت مصالح مديرية النشاط الاجتماعي بتقديم بطانية قطنية لمن عثرت عليهم بالشارع، إلى جانب تقديم وجبة ساخنة للمشردين، في وقت بلغت درجة الحرارة 10 درجات مأوية. فيما كانت مصالح الشرطة تتقرب أكثر من عدد آخر من المشردين لكسب ثقتهم والتواصل معهم. 

وقد اعتبر عدد من الأشخاص بدون مأوى ممن عُثر عليهم، أن مبادرة الشرطة تُعد مهمة في هذه الأيام الباردة.

أول شخص صادفناه والذي تكلم معنا كهل في الخمسينات من العمر من ولاية تندوف، بدا من طريقة كلامه أنه مثقف بالنظر إلى تعليقه حول العملية، وعرّف عن نفسه بكونه عضوا سابقا في جمعية للتشغيل بالجنوب. كما أكد قائلا: «العملاق النائم»؛ قاصدا الصين، وبأن «عدد سكانه يبلغ أكثر من مليار نسمة واستطاع التكفل بسكانه، غير أن الجزائر ورغم وجود 40 مليون نسمة، لم تستطع توفير العمل لكل أبنائها»، موضحا أنه حرفيّ في النقش على النحاس، غير أن الظروف دفعت به إلى دخول عالم الإدمان واللجوء إلى الشارع، ليجد نفسه في عدة ولايات، آخرها ولاية وهران، التي وجد فيها مكانا للإقامة.

ثاني شخص صادفناه يبلغ من العمر 44 سنة قدم من مدينة بوقادير بولاية الشلف، أكد أنه في الشارع منذ سنة 1999، حيث لجأ إلى ولاية وهران بعد دخوله عالم الإدمان بالرغم من كونه متعلما، إذ تعلّم حرفة كهربائي، والتي كان يقوم من خلالها بكسب المال من أجل شراء الأقراص المهلوسة. وأكد أنه لا يمكنه اليوم أن ينام بدون أن يتناولها إلى جانب شرب الخمر؛ حيث وجد نفسه في العديد من المرات يعيش الجحيم لعدم توفره على المال لشراء الخمر والأقراص المهلوسة. 

وقد سألناه حول ما يستطيع فعله من أجل الحصول على المال، فأجاب: «أستطيع فعل أي شيء للحصول على «الباركينال»، ويقصد به نوعا من أنواع الأقراص المهلوسة الخطيرة.

وغير بعيد عن شارع المدينة الجدية، اكتشفنا شيخا يتجاوز من العمر 70 سنة، قام ببناء شبه كوخ من الكارتون أنجزه بنفسه للاحتماء به من البرد القارس. 

وقد أكد الشيخ أنه لا يعلم من أين أتى، وأنه فقد كل أوراقه الثبوتية، فيما لم يعد يستطيع الرؤية بسبب كبر السن، موضحا أنه يعاني منذ سنوات من التشرد بالشوارع، ويلقى معاملة غير إنسانية من قبل بعض المشردين الشباب، الذين يقومون بضربه وسرقة الأموال التي يقوم بجمعها.

وقد رفض كل من التقينا بهم الالتحاق بديار الرحمة ودور الرعاية، فيما أكد ممثل مديرية النشاط الاجتماعي، أن معظم المشردين بالشوارع من المدمنين؛ لذلك يرفضون البقاء في دور العجزة أو ديار الرحمة، حيث يقومون بالهرب بمجرد التحاقهم بهذه الأماكن بعد جمعهم.

من جهته، كشف السيد بن تازي محمد، ممثل مديرية النشاط الاجتماعي، أنه قد تم خلال سنة 2016، تنظيم 159 خرجة لصالح المشردين بشوارع وهران. وقد تم التكفل بـ 795 شخصا تم تحويلهم إلى مراكز أو إلى المستشفيات للعلاج. كما قامت المديرية بتوظيف عدد كبير من المشردين من الشباب ضمن برنامج الجزائر البيضاء والشبكة الاجتماعية، ممن أبدوا رغبة في العمل والتخلص من حياة التشرد.