الصالون الولائي الأوّل للمنتوج المحلي ببومرداس

مؤسسات رفعت تحدي الجودة لدخول الأسواق الخارجية

مؤسسات رفعت تحدي الجودة لدخول الأسواق الخارجية
  • القراءات: 1374
حنان. س حنان. س

افتُتح بمدينة بومرداس الصالون الولائي الأول للمنتوج المحلي أول أمس، بمشاركة أزيد من 50 مؤسسة اقتصادية تنشط في مختلف الميادين الصناعية والتجارية والخدمات، ومن تنظيم غرفة التجارة والصناعة ”الساحل”، بالتنسيق مع مديريتي التجارة والصناعة والمناجم وعدة فاعلين، واختير له شعار ”منتوج بومرداس.. الجودة والسعر في انسجام”.

تحتل ولاية بومرداس المرتبة السادسة وطنيا من حيث عدد المؤسسات الاقتصادية الناشطة في مختلف الميادين، أهمها ميادين الصناعات الغذائية والتحويلية، النسيج والأثاث وصناعة الحديد ومواد البناء، والصناعات البلاستيكية، إلى جانب الخدمات، حيث تشير أرقام بحوزة ”المساء”، إلى أن عدد المؤسسات الاقتصادية خلال 2017 بلغ 48 ألفا و630 مؤسسة، منها 43 ألفا و286 مؤسسة مقرها ببومرداس، و5344 مؤسسة مقرها خارج إقليم الولاية ولديها وحدات إنتاجية ببومرداس، بينما يمثل عدد المتعاملين الاقتصاديين ما نسبته 5.80 بالمائة لكل 100 ساكن، في الوقت الذي تصل النسبة الوطنية إلى 4.6 بالمائة لكل 100 ساكن، وهو ما يفسر مكانة الولاية ضمن النسيج الاقتصادي الوطني، ولعل قربها من العاصمة ومن المطار الدولي وتوسطها شبكة طرق وطنية وولائية هامة، عوامل تحفّز تنامي النسيج الاقتصادي والتجاري بها.

شركات ذات سمعة وطنية وأخرى دولية

من المؤسسات ذات السمعة الوطنية والدولية المشاركة في الصالون الولائي للمنتوج المحلي، الشركة الوطنية لصناعة القطن والأضمدة الجراحية ”سوكوتيد” الكائنة ببلدية يسّر، التي تغطي أزيد من 80 بالمائة من السوق الوطنية، وتتحضر قريبا لخوض تجربة التصدير نحو دول إفريقية، حسبما يوضّح لـ ”المساء” المدير التجاري بالشركة عاشور فاتح، معلنا أن ”سوكوتيد” الرائدة في صناعة القطن والمستلزمات الطبية تبحث عن أسواق خارجية لتصريف المنتوج وتقوية الاقتصاد الوطني، لاسيما أن منتوجها عالي الجودة وبمقاييس دولية، موضحا أن أول تجربة ستكون خلال الأسابيع القليلة القادمة بالتصدير نحو دولة النيجر وبعدها السنغال، مضيفا أنهما سيكونان بمثابة البوابة لولوج أسواق القارة الإفريقية تدريجيا خلال السنوات القادمة. وبالتوازي تطمح ”سوكوتيد” كذلك لتطوير وحداتها وورشات الصناعة التابعة لها، للشروع في صناعة القفازات الطبية خلال 2019، بما سيفتح أمامها المجال لتوسيع أفق التصدير مستقبلا.

من جهتها، تسعى مؤسسة ”ديفاندوس” الأثاث والبناء المعدني ”اياوا” التابعة لمؤسسة الألومنيوم لولاية الجزائر، إلى تنويع منتوجها وعصرتنه بما يتماشى مع التطور الكبير الذي تشهده السوق المحلية في أدوات المطبخ تحديدا، فالوحدة التي تسوّق منتوجاتها بكل الوطن تسعى إلى التحسين المستمر لكسب رضا زبائنها، حيث يؤكد مدير ”اياوا” رشيد بوعزيز في معرض حديثه، أن المنتوج المحلي في تطور مستمر بفضل التحكم في التقنية وتحسين أساليب الإنتاج، وهو ما مكّن الوحدة الكائنة ببلدية سي مصطفى، من طرح منتوج في الأسواق مماثل بنسبة 99 بالمائة للمنتوج الأجنبي لبلدان متطورة تتحكم في التكنولوجيا الحديثة، معتبرا ذلك ”مفخرة حقيقية للمنتج والمستهلك على السواء”.

مؤسسات ناشئة تبحث عن التميّز

من المؤسسات المشاركة في الصالون مؤسسة ”فادي.لي” المختصة في صناعة الأجبان الكائنة ببلدية حمادي. وقال ممثلها عيسى بوشلاغم إن بحث المستهلك الجزائري عن الجودة في كل ما يشتريه جعل المؤسسات في بحث دائم عن سبل تطوير المنتوجات، وهو ما يترتب عن ذلك من تنويع المعروض لإرضاء الأذواق، معتبرا ”المستهلك الجزائري ذواقا، وعلينا كمصنّعين العمل على تطوير المنتوج مع ضمان الجودة وإبقاء السعر في المتناول”.

المتحدث قال إن أهم ما قد يساعد المنتوج المحلي ويقربه أكثر من المستهلك لربح ثقته، اهتمام السلطات بتشجيعه أكثر من خلال إقامة معارض وصالونات مماثلة، تسمح بالاحتكاك المتواصل بين المصنّع والمستهلك، كما أنّ تسهيل الحصول على عقارات صناعية لتوسيع الاستثمار وخلق مزيد من مناصب الشغل، عامل آخر محفّز.

هذا الانشغال يتقاسمه أيضا بعض العارضين ومنهم مؤسسة ”إردا” الخاصة في التزيين والتلبيس والتجميل الكائنة ببلدية قورصو، والتي أكد ممثلها أن ضيق الورشة جعل المؤسسة ترفض طلبات هامة لدول أجنبية في صناعة أثاث خاص بمادة ”الكوريان” المقاومة للبكتيريا. وطالب في الإطار السلطات الولائية، بتمكين المؤسسة من عقار صناعي لتوسيع النشاط، والمساهمة في تقوية الاقتصاد المحلي والوطني، وهو نفس ما ذهب إليه صابر طبي صاحب مؤسسة ”الأثاث الجديد” الكائنة بخميس الخشنة، لما قال إنّ توسيع المؤسسة المختصة في تصنيع أثاث خارجي للتزيين، مرهون بتوفّر العقار من أجل التوسعة، موضحا أن تنظيم تظاهرات مماثلة يُعتبر بمثابة الدعم الحقيقي لمؤسسات اقتصادية في نمو، ومعتبرا المنتوج المحلي مضاهيا للمنتوج الأجنبي بكل المقاييس.

وقراطية عدو الاستثمار

من جملة المشاكل التي طرحها محدثو ”المساء” من العارضين بالصالون، بطء الإجراءات الإدارية، التي قد تسبب ضياع وقت ثمين للمستثمرين في سبيل إطلاق مشاريعهم، وبالتالي توفير مئات مناصب الشغل. كما قال رئيس غرفة الصناعة والتجارة ”الساحل” لبومرداس أحمد خضراوي في تحليله لهذه الحقيقة، بأن الإدارة لا تتماشى والسرعة التي يتطلبها العصر الحالي في تجسيد مختلف البرامج الاستثمارية، والتي هدفها تطوير الاقتصاد الوطني عموما. وقال إن عدد المؤسسات بولاية بومرداس لم يصل بعد إلى مرحلة التشبّع، ما يعني أن الإدارة مطالَبة اليوم بلعب دورها ميدانيا وإيجابيا لمرافقة المؤسسات المتطلعة لمزيد من الريادة على المستوى الوطني، خاصة أن التوجه الحكومي اليوم يطالب الإدارة بتسهيل مناخ الاستثمار وتذليل أي صعوبات في وجهه. كما اعتبر المسؤول أن غياب هياكل المرافقة لنفس المؤسسات قد يكون واحدا من العراقيل، متحدثا في السياق عن الهيئة التي يرأسها، والتي مازالت تفتقر لمقر جيد لاستقبال مختلف المتعاملين، فيما أكد الوالي عبد الرحمان مدني فواتيح في معرض حديثه، أن مصالحه تعمل على تذليل الصعوبات أمام الاستثمار الجاد والجدي. وكشف أن التحقيق الخاص بواقع العقار الصناعي والاستثمار بكامل الولاية، يوشك على الانتهاء، وعلى ضوء نتائجه سيتم اتخاذ قرارات جذرية لتمكين المستثمرين الجادين من العقار، موضحا أن الحظيرة الصناعية الأربعطاش عرفت توطين أزيد من 90 بالمائة من الاستثمار، واعدا بتنظيم خرجات في القريب العاجل من أجل تدشين وحدات إنتاجية وورشات ومصانع جديدة؛ من أجل ”التأكيد على مرافقة الدولة وتشجيع الاستثمار الخالق للثروة ولمناصب شغل وللقيمة المضافة للاقتصاد الوطني”، يقول الوالي عبد الرحمان مدني فواتيح، معربا عن ارتياحه لتمكن قرابة 88 مؤسسة اقتصادية بالولاية، من تخطي تجربة التصدير نحو أسواق عالمية.