ليلة القدر فرصة كل مؤمن

ليلة القدر فرصة كل مؤمن
  • القراءات: 3785
شهر رمضان فضائله كثيرة ومتعددة، التي منها أن الله سبحانه وتعالى خصَّه بليلة كريمة مباركة هي ”ليلة القدر”، ليلة هي خير من ألف شهر أي هي أفضل من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، فالعبادة والطاعة فيها أفضل من الطاعة والعبادة في ألف شهر ليست فيها هذه الليلة.
ولاشك أن ألف شهر ليست بالزمن القصير أي ثلاثة وثمانون عاما وأربعة أشهر، ليلة واحدة يستطيع الإنسان أن يكسب فيها عمرًا مديدا طويلاً، هو ثلاثة وثمانون عامًا في ليلة واحدة يتعبَّد المسلم فيها لربه ويذكره ويشكره.
وعن فضل ليلة القدر ومكانتها يحدثنا الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من حُرم خير هذه الليلة فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم، حُرم من رحمة الله عز وجل لأنه ضيع الفرصة وهي سانحة له، فرصة مُحدَّدة في شهر واحد بل في العشر الآواخر من هذا الشهر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”التمسوها في العشر الآواخر من رمضان”، تخيلوا عشر ليال فقط يقومها الإنسان لربه، يُغفر له فيها ما تقدَّم من ذنبه، كما جاء في الحديث الصحيح: ”مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه”
أي مكسب وأي ربح، أن يخرج الإنسان في ليلة واحدة مغفور الذنوب مكفَّر السيئات، هل كثير على الإنسان أن يتعب بعض الليالي لربه عشر أو تسع إذا كان رمضان تسعا وعشرين وكثيرًا ما يكون تسعة وعشرون يومًا، إن فرص المغفرة والرحمة وأبواب المغفرة والرحمة مفتوحة أمامنا ولكننا لا نجد العزيمة التي تدفعنا إلى عمل الخير وخير العمل.
القرآن الكريم نزل في هذه الليلة، الكتاب الذي مَن علمه سبق ومَن قال به صدق ومَن حكم به عدل، شرَّف الله هذه الليلة بفضل القرآن الكريم: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} إن هذا يدفعنا إلى أن نُراجع أنفسنا من هذا الكتاب من كتاب الله إن الله فضل هذا شهر رمضان بسبب القرآن وفضل هذه ليلة القدر بسبب القرآن، فماذا يكون موقفنا نحن إذا هجرنا القرآن وأعرضنا عنه؟
واختلف العلماء في تعيين ليلة القدر فمنهم من يرى أنها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم من ذهب إلى أنها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال: إنها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الآواخر ولكن اتفق أكثرهم على أنها ليلة السابع والعشرين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ”من كان متحريها فليتحرها ليلة السابع والعشرين” وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها.
ويقول الدكتور إبراهيم عبد الحليم أستاذ الشريعة كلية دار علوم جامعة القاهرة: نوه القرآن الكريم، ونَوهت السنة بفضل هذه الليلة العظيمة، وأنزل الله فيها سورة كاملة: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزُّلُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) سورة القدر.
فقد عظم القرآن شأن هذه الليلة وأضافها إلى (القدر) أي المقام والشرف وأي مقام وشرف أكثر من أن تكون خيرا وأفضل من ألف شهر وألف شهر تساوي ثلاثًا و ثمانين سنة وأربعة أشهر، أي أن هذه الليلة الواحدة أفضل من عمر طويل يعيشه إنسان عمره ما يقارب مائة سنة، إذا أضفنا إليه سنوات ما قبل البلوغ والتكليف، وهي ليلة تتنزل فيها الملائكة برحمة الله وسلامه وبركاته، ويرفرف فيها السلام حتى مطلع الفجر.
وجاءت السنة بأحاديث كثيرة تحدثنا عن فضل ليلة القدر والتماسها في العشر الآواخر ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة: ”من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه”، والنبي صلوات الله عليه حذرنا من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها، فيحرم المسلم من خيرها وثوابها فيقول لأصحابه، وقد أظلهم شهر رمضان: ”إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم” فأدعو الله جل وعلا أن يبلغنا هذه الليلة وفضلها ويوفقنا لما يحبه ويرضاه.