بمجرد الإعلان عن مخطط تنظيم النجدة بقسنطينة
قاطنو البنايات المهددة بالانهيار يدقون ناقوس الخطر

- 865

تعالت أصوات القاطنين بمناطق الانزلاق وكذا المهددة بناياتهم بالانهيار عبر أحياء كامل تراب قسنطينة، خاصة بالبلدية الأم؛ على غرار سكان نهج الثوار، وعوينة الفول، وعمارات بوالصوف، وكذا عمارات بن بولعيد وغيره، بمجرد إعلان مصالح ولاية قسنطينة، عن برنامج مخطط ولائي لتنظيم النجدة، في إطار عمل اللجنة الولائية المكلفة بإعداده، في حال وقوع كوارث طبيعية.
اِستهجانُ سكان هذه المناطق جاء عقب الاجتماع الذي عقده الأمين العام للولاية، ورئيس اللجنة الولائية للنجدة. ونُشر على الصفحة الرسمية للولاية بعدما أكد المسؤول الأول عن الولاية، أن الظروف الحالية والكوارث الطبيعية الفجائية في ولاية تملك خصوصيات صعبة مثل عاصمة الشرق، تتطلب تكييف مخطط تنظيم النجدة الولائي بما يتماشى مع طبيعتها؛ حيث طلب اقتراح قائمة المواقع الحساسة بالولاية، وإعداد برنامج لمحاكاة ميدانية في إطار عمل اللجنة الولائية لإعداد مخطط تنظيم النجدة في حال وقوع الكارثة، وهو ما أسفر عن إحصاء 53 موقعا حساسا؛ الأمر الذي جعل المواطنين يطالبون بإيجاد حل لمعاناتهم، خاصة أن سكناتهم مهددة بالانهيار في أي لحظة.
بنايات هشة تستوجب الإخلاء
من جهتهم، أكد قاطنو نهج الثوار المعروف بـ "رود براهم"، أن سكناتهم التي تأوي الآلاف من العائلات، بناياتٌ هشة، تفتقر لأدنى شروط العيش الكريم، وقد تنهار عليهم بدون سابق إنذار، علما أنها تعرف، يوميا، انهيارات جزئية للأسقف، موضحين أن الخبرة التي قام بها سابقا خبراء من إيطاليا، نصت على ضرورة إخلاء حيهم في أقرب فرصة، وهذا بسبب وضعية الأرضية التي تعرف انزلاقا كبيرا، وأغلبها مصنفة في الخانة الحمراء، مشيرين، في نفس السياق، إلى أن السلطات المحلية على علم بالخطر الذي يهدد حياتهم، وباشرت عمليات إخلاء وترحيل واسعة، غير أنها أوقفت العملية في 2015.
وأضاف السكان أنهم يعيشون وضعية أقل ما يقال عنها خطيرة بالنظر إلى سكناتهم التي أصبحت آيلة للسقوط على رؤوسهم في أي لحظة، حيث باتت تشهد حالة متقدمة جدا من التدهور، بسبب تصدع جدرانها، وتشقق معظم أسقفها، التي أصبحت تشكل حالة من الرعب والخوف والقلق بسبب خطر الموت الذي يحدق بهم داخل تلك البيوت الآيلة للسقوط. وقد أضاف السكان أن معظمهم يعيشون منذ سنوات، على أمل أن ينتقلوا إلى بيوت لائقة.
وفي نفس السياق، تساءل المعنيون عن سبب تأخر السلطات المعنية عن ترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة، إلى غاية يومنا هذا رغم إيداعهم ملفات السكن في العديد من المرات، لكن بدون جدوى، مستغربين استثناءهم في الوقت الذي يعبّر الجميع عن معاناتهم ومخاوفهم من خطر انهيار البنايات على رؤوسهم في أي لحظة.
انهيارات جزئية وتسربات مائية
نفس الوضع يشتكي منه سكان حي "20 أوت 1955" المعروف بـ "عوينة الفول" وسط المدينة، حيث طالب قاطنوه بالتدخل العاجل للوالي، لترحيلهم إلى سكنات لائقة بعد أن باتت سكناتهم آيلة للسقوط في أي لحظة، وقبل أن تضطر السلطات المختصة لانتشال جثثهم من تحت الأنقاض، كما قالوا، جراء تصدع أرضيات الغرف والشرفات والسلالم، التي شهدت انهيارات جزئية بعد الهزات الأرضية خلال السنتين الماضيتين، والتي زادت حدتها.وأكد القاطنون أن الوضع بحيهم أصبح خطيرا، خاصة على الأطفال والمسنين. وما "زاد الطين بلة" التسربات المائية جراء الأمطار المتساقطة، التي تجعلهم يقضون ليالي بيضاء تحسبا لأي طارئ، ويدخلون في حالة من الغضب والهستيريا. وذكر المشتكون الوقفات الاحتجاجية السلمية التي قاموا بها، للمطالبة بحق مشروع، وهو السكن، غير أنهم لم يستفيدوا من أي سكن رغم آلاف السكنات الاجتماعية التي وُزعت إلى حد الساعة.
وأضافت العائلات المشتكية أن سكناتهم بالمنطقة المصنفة في الخانة الحمراء للانزلاق، مهددة بالانهيار، وهو ما أكدته تقارير مصالح الحماية المدنية، التي كانت تتدخل بالمنطقة مع كل اضطراب جوي؛ مخافة حدوث انهيارات أو انزلاقات بعدما سجلت نفس المصالح العديد من الحوادث؛ على غرار انهيار سقف منزل، وإصابة فتاة بجروح متفاوتة الخطورة. كما هلكت عجوز (70 سنة) بنفس الحي بعد انهيار سقف منزلها عليها.
تحقيقات معمقة في الملفات
ولايزال سكان عمارات بن بولعيد ينتظرون الترحيل إلى سكنات آمنة، بعد ترحيل 62 عائلة تقطن بالعمارات الهشة منذ أزيد من سنة. وبقي العديد منهم يترقبون إدراجهم ضمن القائمة المعنية بإعادة الإسكان، خاصة أن كل الشروط تتوفر فيهم، على حد تعبيرهم. وقد سبق ترحيل العديد من العائلات، بناء على خبرة تقنية، أوصت بإخلاء العمارات التي تضم أزيد من 240 سكن، جلّها متصدعة.أما سكان عمارات بوالصوف وسط المدينة وتحديدا عمارتي الشطر الخامس، فأكد قاطنوها أنهم يعيشون إلى حد الساعة، حالة من الخوف بسبب تزايد وتيرة التصدعات بشكل خطير، فيما طالب المتضررون بإرسال أعوان مكتب الخبرة والتشخيص التابع لهيئة الرقابة التقنية "سي تي سي"، لإجراء معاينات ميدانية، لتقديم تقريرهم، بشأنها، لديوان الترقية والتسيير العقاري "أوبيجيي". كما شدد القاطنون بالعمارتين 4 و5 بالشطر الخامس بحي بوالصوف اللتين تضمان 100 شقة تابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري "أوبيجيي"، على وجوب التدخل العاجل للوالي، وإيجاد حل سريع لهذه الوضعية؛ كون العمارتين تشهدان تصدعات وتشققات كبيرة على واجهتيهما الأماميتين، تكاد تفصلهما إلى نصفين بسبب تشكل فراغ كبير، فضلا عن تصدع وتشقق الجدران الداخلية، والتي سقطت أجزاء منها. ونفس الحال بالنسبة للسلالم، التي تعرف، هي الأخرى، وضعية مزرية لاهترائها؛ ما أثار تخوف قاطنيها بسبب إمكانية انهيارها.
وأكد المتضررون أنهم يترقبون في أي لحظة، انهيار العمارات فوق رؤوسهم، مؤكدين أن الوضع ازداد تعقيدا على إثر الهزات الأرضية المسجلة بشرق البلاد خلال السنوات الماضية، فيما أكد آخرون أن حي بوالصوف بأكمله يُعد منطقة حمراء، وهذا بعد الدراسة التقنية التي أُنجزت تحت إشراف مكتب الدراسات الفرنسي "أركاديس سيميكسول"، سنة 2004.ومن جهتها، أكدت مصادر "المساء" أن مصالح دائرة قسنطينة شرعت، منذ فترة، في إنجاز تحقيقات معمقة بخصوص من تبقوا من قاطني السكنات الهشة بالمدينة القديمة والعديد من الأحياء؛ على غرار عوينة الفول، والقصبة وغيرهما. وستشمل هذه التحقيقات 1400 شخص، إلى جانب التحقيق في أمر 600 شخص ممن تبقوا من أصحاب الاستفادات المسبقة.