ليالي مدينة سكيكدة
غياب المرافق الترفيهية والبرامج الجادة

- 659

يلعب العديد من شباب سكيكدة دورا كبيرا لا يستهان به من خلال بعث الحياة داخل أحياء المدينة، التي تتحول خلال كل فصل الصيف مع الساعات الأولى من الليل، إلى مراقد بامتياز؛ من خلال إقبالهم على ممارسة بعض النشاطات الترفيهية؛ سواء كانت رياضية أو غيرها كممارسة لعبة ”بابي فوت” أو كرة القدم على مستوى الملاعب الجوارية الجديدة التي تعرف إقبالا من قبلهم، فيما يفضل البعض الآخر التسامر بالقرب من العمارات، في جو معبق الروائح الكريهة المنبعثة من الأقبية، التي انبعثت منها أسراب ”الناموس”، أو الإقبال على فضاءات الأنترنيت، وعلى المقاهي؛ إما للعب الورق أو الديمينو أو مشاهدة ما تعرضه الشاشات من برامج تلفزيونية، أغلبها رياضية.
رغم كل هذا تبقى الحياة في أحياء سكيكدة كمرج الذيب ونهج هواري بومدين وممرات 20 أوت 55 وصالح بوالكروة والزرامنة وبني مالك وبوعباز والزفزاف ومسيون وغيرها، مملة إلى أبعد حد، حيث يضطر سكانها البسطاء للنوم مبكرا وسط حرارة البيوت و«الناموس” وغيرها، سيما الذين ينهضون باكرا للعمل.
وتأسف بعض الشباب في حديثهم إلـى ”المساء”، للوضع الذي تعيشه جل أحياء سكيكدة من روتين ممل، خصوصا خلال هذا الفصل بسبب النقص الكبير للنشاطات الترفيهية؛ كتنظيم تظاهرات رياضية أو أنشطة متنوعة أخرى في بعض أنواع الرياضات، التي تلقى اهتماما من قبل الشباب.
ويرى الشباب أن المنظمين يعمدون في أغلب الأحيان، إلى برمجة بعض الأنشطة الفنية على قلتها، على مستوى الشواطئ، فيما تستثنى الأحياء وحتى وسط المدينة من تلك البرمجة، مؤكدين أن الفراغ الذي تعيشه أحياؤهم أمام غياب المرافق الترفيهية من جهة والبرامج الخاصة بالصيف من جهة أخرى، يدفعهم، كل حسب رغبته وهوايته، إلى الإقبال على ممارسة بعض تلك النشاطات التي تكون عفوية حينا وفوضوية حينا آخر، أو السهر إلى ساعة متقدمة من الليل، تقضى كلها في الأحاديث والحكايات عن مختلف المواضع سيما منها الرياضية، وفي بعض الأحيان اجتماعية ذات صلة بالعلاقات الحميمة والمغامرات العاطفية وغيرها.
ويؤكد المتحدثون أن بعد يوم روتيني يُقضى عادة في البحر مع الأصدقاء، فإن العديد منهم لا يجدون أمام حرارة البيوت، من مكان آخر سوى الحي الذي يجدون فيه نوعا من الترويح عن النفس.
إقبال كبير على ”بابي فوت” و"البيّار”
تبقى لعبة ”بابي فوت” من الألعاب الأكثر إقبالا من قبل شباب الأحياء، الذين يلتفون حول الطاولة؛ فمنهم من ينتظر دوره في اللعب، ومنهم من يتفرج ويشجع، غير مكترثين بما يحدثونه من ضجيج.
وأرجع من تحدثنا معهم سبب اختيار العديد من الشباب هذه اللعبة التي أضحت تعجّ بها الأحياء السكيكدية، إلى كونها وسيلة من وسائل التسلية والتنافس بين الشباب رغم بعض المناوشات التي قد تحدث من حين إلى آخر. وزيادة إلى هذه اللعبة تعرف لعبة ”البيار” أيضا إقبالا من قبل شباب الأحياء، يتجسّد ذلك من خلال طاولات هذه الأخيرة، التي أصبحت منتشرة بشكل ملفت للنظر عبر العديد من الأحياء.
غياب المبادرات الجادة
للإشارة، فإن الفراغ الذي تعيشه الأحياء سببه غياب المبادرات الجادة من قبل الجهات المختصة، التي فشلت إلى حد الآن، في ضبط برنامج صيفي ثقافي ورياضي يمس كل شرائح المجتمع، ويكون موزعا بعدل سواء على مستوى الأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة أو على مستوى البلديات الداخلية، وحتى على مستوى الشواطئ؛ ما فتح المجال للأشخاص الذين وجدوا في الاستثمار في ”بابي فوت” و«البيار”، تجارة مربحة رغم المخاطر التي قد تنجرّ عنها، خاصة مع غياب التأطير، الذي من شأنه أن يساهم في تربية الشباب، ويبعدهم عن مخالب الانحراف كتعاطي التبغ والمخدرات والمهلوسات.
مقاهي الأحياء تكسر الملل
وتساهم بعض المقاهي المتواجدة بالأحياء بما فيها مقاهي الأنترنيت، في إضفاء نكهة خاصة على السهرات؛ إذ تساهم إلى حد ما، في كسر الروتين، حيث يلجأ الكثير من الشباب والرجال إلى لعب الديمينو والأوراق وسط أكواب من الشاي أو القهوة أو المشروبات والعصائر المثلجة، فيما يفضل البعض الآخر متابعة ما تقدمه الشاشة المعروضة في باحة المقهى من برامج، بينما يفضل البعض التواصل مع الأصدقاء بواسطة الهواتف الذكية المزودة بالجيل الثالث أو الرابع من خلال الوسائط الاجتماعية كفايسبوك وغيره.
نقص فادح في هياكل التسلية والترفيه
خلال حديث ”المساء” مع العديد من الشباب وحتى بعض العائلات، تأسفوا كثيرا لافتقار سكيكدة إلى حدائق للتسلية والألعاب، على غرار ما هو موجود في بعض الولايات القريبة كسطيف والبرج وعنابة وحتى جيجل، وإلى منتجعات سياحية تكون في متناول العائلة السكيكدية البسيطة، وحدائق عائلية مهيأة بالخصوص داخل الأحياء والتجمعات السكانية الكبرى، التي بإمكانها أن تستقطب الأسر بمختلف شرائحها، سيما في مثل هذا الفصل؛ بما يساهم في دفع الملل والسآمة عنهم، مؤكدين أن ليس كل العائلات تفضل إتمام سهراتها بالكورنيش السكيكدي أو التجوال على شاطئ البحر، فهناك من تفضل البقاء في منازلها لسبب أو لآخر.