المساحات الخضراء داخل أحياء العاصمة

غياب الحس الحضري زاد في تدهور المحيط

غياب الحس الحضري زاد في تدهور المحيط
  • القراءات: 483
رشيد كعبوب  رشيد كعبوب

لاتزال وضعية الحدائق والساحات والمساحات بمعظم الأحياء السكنية، خاصة المشكّلة من عدة عمارات، تشوبها مشاهد الفوضى والنشاز، وغياب الانسجام؛ لكون بعضها صار مَكبّا للنفايات، وأخرى رسمت صورا غير مريحة، تعبّر عن غياب الحس المدني عن المواطن، وعجز الجماعات المحلية ومؤسسات التسيير العقاري، عن التكفل بها، نظرا لتضارب المسؤوليات، وتداخل الصلاحيات، وتنصّل بعضها من تحمّل مسؤولية المحيط، فيما يتحمل المواطن جزءا غير يسير من المسؤولية. رغم تكفل مؤسسة تنمية المساحات الخضراء لولاية الجزائر "أوديفال"، بالعديد من المساحات الخضراء كمحاور الطرق السريعة والحدائق والمساحات الخضراء بوسط العاصمة، إلا أن باقي المساحات لم تحظ بالعناية، خاصة تلك التي تقع مسؤوليتها على مصالح البلديات والمؤسسات العمومية وأحياء السكنات الجماعية.

المسؤولية تتقاسمها الجماعات المحلية والمواطن

ويظهر من خلال الجولة التي قامت بها "المساء" في العديد من أحياء العاصمة، أن مسؤولية تدهور المحيط والإهمال الذي يطول الفضاءات الشاغرة، تتقاسمها الجماعات المحلية والمواطن على حد سواء. ومن أغرب الأمور أن نجد كل طرف يرمي الكرة في شباك الآخر! وهي الوضعية التي تحتاج إلى مناقشة أطرها القانونية، لتحديد المسؤوليات، وإقحام مختلف الفاعلين في التكفل بالمحيط، ومنه غرس ثقافة بيئية حقيقية بعيدا عن الحملات المناسباتية، التي لا تفي بالغرض المطلوب. وزائر بلديات العاصمة يشاهد بأم عينيه، أمثلة حية عن تدهور المساحات الخضراء بالأحياء السكنية الجديدة، بعد وقت قصير من عمليات الترحيل، فلا تصمد تلك الأشجار ونباتات الزينة إلا أياما قلائل حتى يتم إتلافها من طرف الساكنة؛ لتعود تلك المساحات جرداء ومشوّهة تبعث على التقزز!

ولا ننكر أن بعض سكان الطوابق الأرضية للعمارات في العديد من الأحياء بالعاصمة، يتضررون أكثر جراء الإهمال الذي يطول المساحات المحاذية لشرفاتهم ونوافذهم، فلا يقبلون بهذه الوضعية، ونجدهم مجبَرين على الاهتمام بمحيطهم، وهو ما لاحظناه بالعديد من الأحياء السكنية الجديدة والقديمة. كما يولي أصحاب السكنات الفردية التي غرست البلديات بمسالك أحيائهم أشجارا تزيينية، اهتماما بها، ويرعونها. وصرح بعض المواطنين الذين التقيناهم ببلدية ببئر خادم وباب الزوار، بأن الجهود التي تقوم بها مصالح البلدية أو مؤسسة "أوديفال"، لا تكفي للحفاظ على هذه النباتات والأشجار التزيينية التي تعتبر مواد هشة يمكن إفسادها بسهولة، بالتالي لا بد من حمايتها من أي اعتداء بكل الطرق، بتفعيل سلطة الردع الغائبة عن المدن. وفي هذا السياق، قال "سعيد. ح موظف يقطن بحي "عدل" في باب الزوار، "لا بد من تنشئة مواطنين يحافظون على البيئة، ويبلّغون عن المعتدين عليها، من خلال إشراك مختلف الأطراف، وعدم الاعتماد على بعض جمعيات الأحياء والحملات التحسيسية المناسباتية".

عجز عن حماية المساحات الخضراء

من خلال الجولة التي قمنا بها في العديد من الأحياء بالعاصمة، لاحظنا أن مؤسسات تسيير السكنات الجماعية كدواوين الترقية والتسيير العقاري "أوبيجيي" ومؤسسة "جست إيمو" التابعة لوكالة "عدل"، لم تنجح في المحافظة على المساحات الخضراء والحدائق التي كانت تزيّن محيط السكنات الجماعية عند تدشينها، لتزول بعدها بمدة قصيرة!

وإذا كانت وكالات "أوبيجيي" تتحجج بقلة الإمكانيات المادية والبشرية في التكفل بالمساحات الخضراء، وترمي بالمسؤولية على المواطن، حيث تتهمه بالتقصير والإهمال، فإن مؤسسة "جست إيمو" لم يبق لها عذر في التحجج بقلة العمال، علما أن أصحاب السكنات يدفعون أكثر من 3000 دج شهريا، لتسيير الأجزاء المشتركة بما في ذلك تسيير المساحات الخضراء، بينما لا يتعدى مبلغ تسيير الأجزاء المشتركة بالنسبة لسكنات "أوبيجيي"، 500 دج، وهو في اعتقاد من تحدثنا إليهم، ضرب من التلاعب، واستغلال جهل السكان في المطالبة بذلك!