وفق خطة انتهجها قطاع السياحة

عنابة خيار الجالية الجزائرية هذا الصيف

عنابة خيار الجالية الجزائرية هذا الصيف
  • 301
 سميرة عوام سميرة عوام

وضعت مديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية عنابة، تنفيذ لمخططها الترويجي، ضمن برنامج الترقية السياحية، مخططا، استهدفت من خلاله هذه المرة الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، من خلال نقطة استقبالهم في المحطة البحرية لميناء عنابة.

وضعت مصالح المديرية إمكانياتها البشرية والمادية في خدمة الزوار، العائدين من الخارج، حيث يتم تقديم مرافقة إعلامية وتوجيهية مباشرة، تشمل توزيع أدلة سياحية، خرائط تعريفية، ونصائح ميدانية تساعد أفراد الجالية على اكتشاف معالم الولاية بكل سهولة ويسر.

تندرج هذه المبادرة، ضمن مخطط العمل الترقوي السياحي المسطر لهذه الصائفة، والذي تسعى من خلاله المديرية إلى تعزيز صورة عنابة، كوجهة سياحية متميزة، من خلال تنويع أساليب الترويج وملامسة الزائر مباشرة في نقاط الاستقبال الأولى، سواء في الميناء أو على مستوى المطار الدولي رابح بيطاط. لاقت هذه الخطوة، استحسان أفراد الجالية، الذين عبروا عن ارتياحهم لحسن الاستقبال وسهولة الحصول على المعلومات السياحية الضرورية، خاصة لأولئك الذين لم يزوروا عنابة منذ سنوات طويلة. تعكس هذه الجهود، رغبة السلطات السياحية في عنابة، في تحسين تجربة السائح منذ لحظة وصوله، عبر التواصل المباشر والفعال، وتقديم صورة مشرفة عن السياحة الجزائرية عامة، والسياحة العنابية خاصة، بما تحمله من مقومات طبيعية، تاريخية وثقافية. وفي سياق متصل، أكدت مديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية عنابة، أنها مستمرة في تجسيد مخططها التسويقي والترويجي، عبر تنظيم حملات إعلامية ميدانية، وتوفير أدوات ترويجية رقمية وورقية، تساهم في إبراز ما تزخر به الولاية من مؤهلات، تجعل منها محطة سياحية مفضلة. ومع تزايد عدد العائدين من أفراد الجالية، خلال موسم الصيف، تمثل هذه المبادرات خطوة استراتيجية في ربط الجالية بتراثها المحلي وتاريخها الثقافي، وتعزيز الشعور بالانتماء من خلال الانفتاح على فرص الاستثمار في قطاع السياحة المحلية.


ضمن توأمة بين عنابة ومقاطعة تشونشينغ الصينية

إتفاقية شراكة سياحية واعدة

استقبلت ولاية عنابة، مؤخرا، وفدا رسميا من مقاطعة "تشونتشينغ" الصينية في زيارة سياحية وتعارفية متميزة، جاءت تتويجًا لاتفاقية التوأمة التي تم تفعيلها، ضمن إطار الشراكة الجزائرية الصينية والتعاون اللامركزي بين المدن. شكلت هذه الزيارة، محطة هامة في مسار تعزيز العلاقات الثنائية بين الولايتين، لاسيما في المجال السياحي والثقافي، حيث فتحت المجال أمام اكتشاف عميق للمقومات التي تجعل من عنابة وجهة سياحية بامتياز، على ضفاف المتوسط.

قاد الوفد الصيني عمدة مقاطعة "تشونتشينغ"، الذي حل بالجزائر بدعوة رسمية من عبد القادر جلاوي، والي عنابة، ومرافقة عدد من الإطارات المحلية وإطار ممثل عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، والذي قام بجولة سياحية استكشافية، شملت عددا من أبرز المعالم الطبيعية والتاريخية للمدينة. وانطلقت الزيارة من شاطئي "رزقي رشيد" و«ريزي عمر"، حيث أتيحت للوفد فرصة التمتع بجمال السواحل العنابية ذات الرمال الذهبية والمياه الفيروزية، قبل الانتقال إلى منطقة رأس الحمراء، التي تجمع بين سحر الطبيعة وتنوع التضاريس، وتشكل فضاء واعدا للسياحة البيئية.

كما زار الوفد ساحة الثورة، التي تعد رمزًا للهوية النضالية للمدينة، وموقعًا ينبض بالحياة الثقافية والاجتماعية، قبل أن ينتقل إلى الموقع الأثري "هيبون"، أحد أعرق المعالم التي تعود إلى العهد الفينيقي والروماني، والذي يعكس البعد الحضاري العميق لعنابة، كواحدة من أقدم المدن على الساحل المتوسطي. ولم تكتمل الجولة دون التوقف عند كنيسة "القديس أوغستين"، المعلم الديني والفلسفي الذي يقف شاهدا على تلاقح الأديان والثقافات، ويمنح الزائر تجربة روحية وتاريخية نادرة في قلب مدينة تحمل عبق التاريخ وتطلعات المستقبل.

تهدف هذه الزيارة، إلى تمكين الجانب الصيني من الاطلاع الميداني على قدرات ولاية عنابة السياحية والثقافية، وفتح آفاق تعاون في مجالات الترويج السياحي وتبادل الخبرات والمبادرات المحلية، بما يساهم في جعل المدينة وجهة مفضلة للسياح الآسيويين، في قادم السنوات. كما يُرتقب أن تساهم هذه الديناميكية، في جذب استثمارات صينية في قطاع السياحة، خاصة في ما يتعلق بتطوير الهياكل القاعدية، والفنادق، والخدمات المرتبطة بالسياحة الشاطئية والثقافية.

تأتي هذه المبادرة ضمن رؤية أوسع لتعزيز الدبلوماسية اللامركزية، وتفعيل آليات التعاون المباشر بين الجماعات المحلية، في انسجام تام مع التوجهات الوطنية، لتحديث نمط الحوكمة وتعزيز الجاذبية الاقتصادية للمدن الجزائرية. وتُعد عنابة، بما تمتلكه من موقع استراتيجي، وتنوع طبيعي وثقافي، وموروث تاريخي عريق، أحد أبرز الأقطاب التي يمكن أن تلعب دورا محوريا في إنجاح هذه الشراكات الدولية. تعكس هذه الزيارة، بداية فعلية لتعاون سياحي وثقافي طويل المدى، بين عنابة وتشونتشينغ، يُتوقع أن يتطور في المستقبل ليشمل قطاعات أخرى، في ظل الإرادة المشتركة لدفع العلاقات الجزائرية الصينية نحو مستويات أرحب، تخدم التنمية المحلية وترتقي بالعلاقات الثنائية إلى شراكة نموذجية متعددة الأبعاد.


عين بربر..

جوهرة طبيعية غير مستغلة

تقع منطقة عين بربر في قلب الطبيعة الجزائرية الخلابة، حيث تلتقي جبال إيدوغ الشامخة بمياه البحر الأبيض المتوسط الصافية، كاشفة عن لوحة طبيعية غنية بالتنوع البيئي والتراث الثقافي. رغم جمالها الخلاب وثرائها البيئي، تبقى هذه المنطقة واحدة من الأسرار المخفية التي تستحق الزيارة والاكتشاف، بعيدا عن زحمة السياحة التقليدية.

في موقع جغرافي مميز، يجمع بين جبال إيدوغ الشامخة وساحل البحر الأبيض المتوسط. هذا المزيج الفريد بين التضاريس الجبلية والبحرية، يجعل من المنطقة فسيفساء طبيعية تستقطب عشاق الطبيعة والباحثين عن الهدوء بعيدا عن الزحام.

موقع فريد وتنوع طبيعي

تتميز عين بربر الواقعة ببلدية سرايدي في ولاية عنابة، بموقعها الذي يتيح تواجد الغابات الكثيفة التي تضم أشجار البلوط الفليني والزان والصنوبر الحلبي، إلى جانب مياه بحرية صافية وشواطئ شبه بكر. هذا التنوع الجغرافي والنباتي يوفر بيئة مثالية للحياة البرية، حيث ما زالت العديد من الأنواع الحيوانية تعيش في كنف هذه المساحات الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، ينبع من عين بربر نبع مياه عذبة، يُعتقد أنه من أسباب تسمية القرية، ويوفر هذا المورد المائي الحيوي دعمًا هامًا للنظام البيئي المحيط.

إمكانات سياحية غير مستغلة

رغم كل هذه المزايا، تبقى عين بربر بعيدة عن خارطة السياحة الرسمية في الجزائر. الطريق المؤدي إليها غير معبد بالكامل، مما يحد من تدفق السياح ويجعل من زيارتها مغامرة تتطلب التحضير. ومع ذلك، فإن هذا الواقع ساعد في الحفاظ على نقاء المكان وهدوئه.

يأتي الزوار إلى عين بربر غالبًا، من سكان المنطقة المجاورة، أو الباحثين عن تجربة سياحية بديلة، مثل التخييم، التنزه في الغابات، أو السباحة في مياه البحر المتلألئة. وقد أجمع السياح على أن عين بربر جنة منسية على الأرض، رغم أنها "مكان لا يشبه أي مكان آخر، حيث تجد السلام في أحضان الطبيعة الحقيقية."

تحديات بيئية

التحديات البيئية التي تواجه عين بربر لا تقل أهمية عن جمالها. الأنشطة البشرية غير المنظمة، مثل الرمي العشوائي للنفايات، وحرق الأعشاب في غير الأماكن المخصصة، واستخدام الدراجات الرباعية في الغابات، تشكل خطرا على هذا النظام البيئي الهش. ينادي الخبراء بضرورة تصنيف المنطقة كمحمية طبيعية، ووضع خطط حماية وتنظيم للزيارات، للحفاظ على التنوع الحيوي والنباتي وضمان استدامة المنطقة لأجيال قادمة.

التراث الثقافي والتاريخي

على الصعيد الثقافي، تحمل عين بربر دلالات تراثية هامة، إذ تشير التسمية إلى وجود جذور أمازيغية في المنطقة، مع وجود روايات تاريخية عن عبور القبائل الأمازيغية، واستخدامها للمنطقة كطريق ممر بين الجبل والساحل. على الرغم من غياب الدراسات الميدانية الموسعة، فإن التفاعل المجتمعي المحلي، يؤكد أهمية الحفاظ على هذا الإرث، واستغلاله في تنمية سياحية مستدامة تُبرز الهوية الثقافية للمنطقة.

خطوات مستقبلية مقترحة

لضمان استثمار إمكانات عين بربر بشكل مستدام، يقترح المختصون العمل على تطوير بنية تحتية خفيفة، تشمل تأهيل الطرق، إنشاء ممرات سياحية بيئية، وتوفير نقاط مراقبة للحماية من الحرائق. كما يمكن دعم المبادرات المحلية، لتشجيع السياحة البيئية والتوعية بأهمية الحفاظ على المكان.

عين بربر ليست مجرد موقع جغرافي بين الجبل والبحر، بل هي قصة طبيعية وثقافية، تستحق أن تُروى وتُعاش. بفضل موقعها الفريد، تنوعها البيئي، وثرائها التاريخي، تمثل فرصة كبيرة للجزائر لتطوير نوع جديد من السياحة المستدامة. وكلما تعززت جهود الحماية والتنمية، ستتحول هذه الجوهرة الخفية إلى وجهة لا بد من زيارتها لكل محبي الطبيعة والباحثين عن التجارب الأصيلة.