في ذكرى استشهاده

سكيكدة تتذكر زيغود يوسف

سكيكدة تتذكر زيغود يوسف
  • القراءات: 5397
 بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

احتضنت صبيحة أمس الخميس دار الثقافة "محمد سراج" بمدينة سكيكدة ملتقى حول شخصية الشهيد البطل الرمز زيغود يوسف، في إطار الاحتفال بالذكرى الـ60 لاستشهاده في 23 سبتمبر 1956. وفي هذا اللقاء تطرق المتدخلون إلى أبعاد شخصية الرجل التي مكنته من انتزاع احترام العدو قبل الصديق خلال الثروة التحريرية وقبلها.

ركز الأستاذ توفيق صالحي رئيس المجلس العلمي والتقني للمتحف الجهوي خلال مداخلته المعنونة بـ"زيغود يوسف: المواقف والمسارات" على تجربة الشهيد زيغود يوسف منذ التحاقه بحركة الانتصار للحريات الديمقراطية وعمره 17 سنة، وقدرته على كسب الرهانات التي واجهها في مسيرته في مسقط رأسه بالسمندو، وهي القرية التي كانت تعرف بسيدي العربي، سواء كنائب لرئيس بلدية السمندو سنة 1947، ثم إشرافه على تنظيم خلايا المنظمة الخاصة، إلى أن أصبح عضوا فاعلا فيها بعمالة قسنطينة إلى غاية اعتقاله بسجن عنابة سنة 1950، وتمكنه من الفرار رفقة ثلاثة من رفقائه عبر قصر العدالة اللصيق بالسجن وقيامه بإحراق ملفات السجناء المتابعين الذين كانوا ينتظرون المحاكمة والتحاقه بجبال الأوراس، التي مكث بها حوالي سنة إلى غاية تجديد نشاطه في اللجنة الثورية للوحدة والعمل بعد تأسيسها في مارس 1954، ثم تواجده ضمن مجموعة الـ 22 التاريخية المفجرة للثورة الجزائرية إلى غاية تعيينه كمساعد أول لقائدة المنطقة التاريخية الثانية ديدوش مراد وتحمله بعد استشهاد هذا الأخير مسؤولية قيادته منطقة الشمال القسنطيني إلى غاية استشهاده في 23 سبتمبر 1956...

مشيرا إلى أن البطل الشهيد الرمز زيغود يوسف كانت له العديد من المواقف المدعمة للمسار الثوري في المنطقة التي كان يشرف عليها أو ضمن المناطق المجاورة للشمال القسنطيني، بواسطة هندسته لهجمات الـ20 أوت 1955 التي كان يهدف من ورائها إعطاء دفع قوي للثورة من خلال إشراك الجماهير الشعبية في المعركة ضد الإستعمار، ومنه الرد على سياسة سوستيل الإصلاحية لفك الحصار على الأوراس والتضامن مع الشعب المغربي في الذكرى الثانية لنفي السلطان المغربي محمد الخامس، ومنه تدويل القضية الجزائرية في المحافل الدولية.

وقد أكد الأستاذ صالحي في مداخلته على تمكن زيغود يوسف من خلق ظروف جديدة للثورة الجزائرية، سمحت بتقوية الروابط بين المناطق والبحث عن حلول للقضايا التي تواجهها خاصة مشكلة السلاح عبر قوافل التسلح، وأيضا مشكلة ضعف التنسيق عبر طرح فكرة عقد مؤتمر وطني للثورة، وهو ما دفعه حسب المحاضر، إلى القيام بالعديد من الاستعدادات واللقاءات مع ممثلي باقي المناطق استعدادا لعقد مؤتمر الثورة الذي نقله من المنطقة التي يشرف عليها نحو قرية إفري بالمنطقة الثالثة في القبائل. مؤكدا في هذا الصدد بأن مشاركة وفد المنطقة الثانية في مؤتمر الصومام بقيادة زيغود كان له دور إيجابي في إنجاح أعمال المؤتمر الذي تبنى مشروعين، اعتمدت عليها المنطقة الثانية كنموذجين يقتدى بهما في باقي الولايات التاريخية، وهما التنظيم العسكري المعتمد في الشمال القسنطيني الذي أقامه زيغود يوسف كنموذج للتنظيم العسكري لكل الولايات الست المنبثقة عن المؤتمر وتعميم تجربة المجالس الشعبية المنتهجة في المنطقة الثانية على باقي مناطق الثورة للتكفل بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، ليؤكد في الأخير بحكمة ومواقف العقيد زيغود يوسف المعروف عند المجاهدين بسي أحمد، مما انعكس إيجابا على العلاقات القائمة بين قيادات الولاية الثانية خلال الثورة، كما اعتبره من أكبر المهندسين لحرب العصابات وأحد صانعي الاستقلال الوطني بامتياز.

من جهته، قال الدكتور أحسن تليلاني، بأن سيرة حياة الشهيد البطل زيغود يوسف تكشف عن مجموعة من القيم والعبر التي يمكن استخلاصها من حياته وكفاحه المرير في مقاومة الاستعمار الفرنسي، تكمن في قوة شخصيته وشدة بأسه ورفضه الاستسلام، كما أن قدرته الفائقة على انتزاع احترام الناس وتقديرهم له دليل على أخلاقه العالية وقدرته على نسج علاقات واسعة مع الناس والمحيط من حوله فحب الناس واحترامهم الشديد له، كما قال الدكتور، هو ما سمح له بغرس أفكاره التحررية المقاومة وقيادة شعبه نحو النصر المؤكد، مضيفا بأن زيغود يوسف شاب ثائر متمرد يعشق الحرية ويكره الاستعباد والظلم، له نفس أبية مملوءة بالرجولة والفحولة والأنفة، إلى جانب ذكائه الحاد بل ذكاء خارق ممزوج بالعبقرية تجسد ذلك في قدرته على صناعة مفتاح تمكن بواسطتها من فتح زنزانة سجن عنابة الرهيب وقدرته على صناعة القنابل التقليدية وتفكيك القنابل التي يزرعها الاستعمار في طريق المجاهدين ويتجلى ذكاؤه الوقاد أيضا في تخطيطه وإشرافه على هجومات 20 أوت 1955 على الشمال القسنطيني، وهي الهجمات التي أنقذت الثورة التحريرية من الخناق والحصار الذي ضرب عليها في الأوراس.