مصنع “أوراس فوتوير” بنقاوس (باتنة)

ريادة في إنتاج حذاء الأمن الصناعي والمهني

ريادة في إنتاج حذاء الأمن الصناعي والمهني
  • القراءات: 2071
حكيم.ب حكيم.ب

ساهمت التحديات التي واجهت مصنع الأحذية الرياضية “أوراس فوتوير” الشهير مع مرحلة الانفتاح الاقتصادي خلال سنوات تسعينات والذي رافقه تحرير السوق، مما أجبر هذا الأخير على التوجه نحو إنتاج حذاء الأمن الصناعي والمهني وبجودة عالية، بالرغم من أن ذلك لم يكن ضمن مجال اختصاصه في السابق، حيث استطاع تحقيق وثبة أخرى تضاف إلى رصيده، محاولا بذلك استرجاع بريق شهرته وريادته من جديد، والتي مكنته من أن ينتقل من متفوق في صناعة أحذية “أديداس” الرياضية إلى رائد في إنتاج حذاء الأمن الصناعي والمهني في الجزائر دون منافس، إلا أن غياب الإشهار بالشكل المطلوب يبقى يرهن هذه النجاحات.

حسب الرئيس المدير العام بالنيابة لمصنع “أوراس فوتوير” ببلدية نقاوس،  السيد علي بن ضيف، فإن تحوّل المصنع سنة 2004 إلى إنتاج الأحذية الموجهة للأمن الصناعي والمهني بكميات كبيرة لمختلف المؤسسات الصناعية الكبرى الوطنية، على غرار الحجار والشركات البترولية الوطنية والأجنبية ومصانع الإسمنت، إلى جانب المؤسسات الأمنية ومؤسسات الجيش، إضافة إلى منتجين كبار في سوق الأحذية، كون منتجات هذا المصنع المتمثلة في 05 أنواع تتمتع بجودة عالية ونوعية جيدة، نذكر منها على وجه الخصوص حذاء “البوت” و«الرونجارس” بأنواعه، والتي يتم تصنيعها بطريقتين، واحدة عادية، وأخرى موجهة لورشات الأشغال والصناعة، فتضاف إليها صفائح الحديد، في حين أبقى المصنع على نسبة تتراوح بين 20 و30 في المائة فقط لإنتاج أحذية كرة القدم مثل “البوديوم”، “كونفور”، “زيبرا” وأحذية “ترينينغ”، حيث يتم تسويق الإنتاج الموجه لفائدة المؤسسات مباشرة بنظام الحصص أو عن طريق المشاريع الآيلة إليه عن طريق المناقصات.

دعم الدولة سر النجاح وتحقيق التوازن المالي

هذا التحول الناجح جاء بعد استفادته من دعم الدولة سنة 2011 عن طريق قروض بنكية مدعمة، مكنت الوحدة من تسوية مؤخرات أجور العمال ومسح ديونها المترتبة عن السنوات الماضية والانطلاق في الاستثمار من جديد من خلال تجديد وتدعيم بعض الورشات واقتناء آلات جديدة للخياطة وأخرى لحقن النعال بطاقة إنتاج كبيرة تصل إلى 400 زوج أحذية يوميا، لرفع وتحسين قدرات الإنتاج، مما مكّن الوحدة من تحقيق توازن مالي ورقم أعمال سنوي يصل إلى 35 مليار سنتيم، ببطاقة إنتاج سنوية تصل إلى 200 ألف زوج في مجال إنتاج حذاء الأمن بسعر يتراوح بين 2000 و3000 دج، يتم تصنيعه حسب المعايير الدولية، خاصة المعيار الأوربي EN 345 S3، وفق مقاييس الطابع الأمني التي تتطلب نوعا خاصا من الجلد الذي توفره المؤسسات التابعة لمجمع “JLI”، بالإضافة إلى مادة البوليريتان التي تصنع منها النعال والحديد الواقي ذو المعايير المعينة والذي من شأنه مقاومة سقوط الأشياء التي تصل إلى طنين، لأنه واق في مجال قطاع البناء ويحول دون دخول المسامير، حيث يتم استيراد من إيطاليا، مما يصد أبواب المنافسة أمامه سواء على مستوى الأسواق المحلية أو الأسيوية، الشيء الذي يبقي عليه المفضل من طرف المؤسسات الصناعية والأمنية خاصة، لاسيما أن سوق الأحذية كبيرة وواعدة، خصوصا مع توسع المؤسسات الصناعية وكثرة الورشات وشركات البناء التي باتت مصالح الرقابة تفرض عليها استعمال الأحذية الأمنية والمهنية.

إنتاج الأحذية الرياضية خارج الاهتمام في الوقت الراهن 

هذه المؤهلات الإنتاجية جعلت فكرة تجديد رخصة استغلال من شركة “أديداس” لإنتاج مختلف الأنواع العالمية من الأحذية الرياضية في الوقت الراهن خارج اهتمامات المسؤولين، والذين لا يريدون المغامرة من جديد نظرا لصعوبات التسويق، لأن السوق غير محمية، كما أن نسبة استهلاك هذه العلامات العالمية في الجزائر لا تتعدى الـ20 في المائة، نتيجة غلائها الكبير وعدم القدرة على اقتنائها، كما أن الخبرة الأجنبية التي اكتسبها المصنع ضمن العقد الذي كان يربطه سابقا مع شركة “أديداس” من خلال استفادة الكادر العامل هناك من تكوين في الاختصاص بألمانيا والذي تدعمت بها الآن الكثير من وحدات صناعة الأحذية عبر الوطن، أهلته لصناعة الأحذية الرياضية بمواصفات ومقاييس عالمية وتلبية طلبات المستهلك وكذا مختلف الفرق الرياضية بأسعار تتراوح بين 1500 و1750 دج فقط، إلى جانب امتلاك القدرة وإمكانيات تطويرها وإنتاج أصناف جديدة منها رغم المنافسة غير المكافئة التي يفرضها بعض الخواص الذين يعمدون إلى الغش والتهرب الجبائي وبيع نفس المنتوج بأسعار متدنية جدا، حيث نجدها لا تفوق 1150 دج فقط، مما يطرح التفكير الآن في البحث عن بدائل وعروض للشراكة الأجنبية واستغلال أية فرصة كلما سمحت الظروف والبحث عن أسواق جديدة، لاسيما مع قدرة المصنع على ذلك نظرا للإمكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها.

تحدي العمال وجهود المسؤولين... سر صمود الشركة 

السيد أحمد مانع مسؤول الفرع النقابي بالشركة، ذكر لنا أن هذا المصنع بحاجة إلى الإشهار والتعريف أكثر بمنتجاته بشكل يسمح له التحكم في سوق الأحذية دون منازع، للمحافظة على مكانته في الأسواق، بل وكسب أسواق جديدة وتطوير منتجاته بشكل أفضل ومنه المحافظة على اليد العاملة ولم لا خلق مناصب جديدة، خاصة أنه يطمح الآن إلى تنويع إنتاجه، خاصة الموجه للنساء والرياضي الخاص بالأطفال، وصولا إلى الرفع من قدرات الإنتاج أكثر ومنه تحسين الوضعية المالية للوحدة بشكل يمكن من تحسين الوضعية الاجتماعية للعمال الذين يشتغلون الآن في ظروف حسنة بعد استفادتهم من الزيادات التي أقرتها المادة 87 مكرر، ومساهمة العقود مع مختلف المؤسسات الصناعية في السنوات الأخيرة في تحسن الأجور بشكل أفضل، متخطيا بذلك الفترات الصعبة التي مر بها في مطلع التسعينات والتي كادت أن تؤدي إلى الغلق النهائي له، على غرار الكثير من المؤسسات الأخرى آنذاك، بفضل جهود مسؤوليه من جهة وتحدي عماله، من خلال تضحياتهم بتأخير مرتباتهم خلال الفترة الممتدة بين عامي 2001 و2006 لمدة 05 سنوات كاملة، وصولا إلى قبول التسريح من جهة أخرى، من أجل تمكين المؤسسة من شراء المادة الأولية والاستمرار ودفعها للنهوض من جديد، مما تسبب في فقدان ما يقارب 400 عامل لمناصبهم نتيجة التسريح والتقاعد.

للإشارة، فإن مؤسسة “أوراس فوتوير” التي تبقى رائدة، سبق لها تنويع منتوجها مرات عديدة واقتحام الأسواق الخارجية سابقا بكل من ألمانيا والسودان وليبيا، سواء من خلال منتجاتها الرياضية أو الأحذية الشتوية النسوية التي تم تصدير كميات معتبرة منها في أواخر التسعينات للإيطاليين.