فيما يواصل الغاز حصد الأرواح

حملة تحسيسية بمخاطر القاتل الصامت نوفمبر المقبل

حملة تحسيسية بمخاطر القاتل الصامت نوفمبر المقبل
  • القراءات: 732
نسيمة زيداني نسيمة زيداني

كشف الملازم الأول للحماية المدنية بولاية الجزائر، خالد بن خلف الله، لـ "المساء"، عن التحضير لانطلاق الحملة التحسيسية للوقاية من خطر الاختناق بالغاز، والأخطار المرتبطة بموسم الشتاء المقرر نهاية شهر نوفمبر المقبل، التي تستمر إلى أواخر شهر مارس 2023، مشيرا، بالمناسبة، إلى آخر حصيلة سُجلت خلالها 3 وفيات شهر مارس الماضي بالعاصمة، جراء استنشاقهم غاز أحادي أكسيد الكاربون.

أكد السيد بن خلف الله، أن برنامج الحملة سيكون متنوعا، بداية بإشراك عدة فاعلين في الميدان، منها مؤسسة "سونلغاز"، ومديريات التربية، والشؤون الدينية والمجتمع المدني، ليبقى الهدف الرئيس من وراء كل ذلك، استهداف جميع شرائح المجتمع المدني. وستكون البداية - حسب المتحدث - من خلال إقامة معارض في الساحات العمومية، وتنظيم زيارات تفقدية للمنازل، وتقديم دروس تربوية للأطفال، ودروس وخطب في المساجد، وومضات إشهارية تحسيسية عبر مختلف وسائل الإعلام ومراكز التكوين المهني.

حذار القاتل الصامت!...

يكثر مع ازدياد موجة البرد، لا سيما مع حلول فصل الشتاء، استخدام الناس وسائل التدفئة المتعددة في المنازل، وأماكن العمل والمدارس، حيث يزداد خطر حدوث الكوارث التي تنتج عن سوء استخدامها، كالحرائق، أو استنشاق المواد والغازات المحترقة المنبعثة من المدفآت، ووسائل التدفئة الأخرى التي تشتغل بالوقود (المازوت)، فيما يبقى أهم عامل يؤدي إلى حدوث الوفيات، استنشاق غاز أحادي أكسيد الكاربون الناتج عن احتراق الغاز، إذ لا يدرك العديد من الناس أن هذا هو السبب الرئيس للوفاة، في ظل نقص حملات التوعية والتحسيس بخطورة الأمر.

أزيد من 106 قتيل منذ بداية 2022

بلغ عدد الأشخاص المتوفين جراء الاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون المنبعث من أجهزة التدفئة المختلفة على المستوى الوطني، 106 حالة منذ الفاتح جانفي إلى غاية شهر أكتوبر المنقضي، حيث يعود السبب في ذلك، إلى غياب التهوية. وأكدت مصالح الحماية المدنية، أنه تم إحصاء 8 وفيات منذ بداية السنة الجارية 2022 على مستوى ولاية الجزائر، فيما سجلت مصالح الحماية المدنية خلال نفس السنة، أزيد من 1290 تدخل، أسفرت عن إنقاذ 1962 شخص، مشيرة إلى أن الارتفاع المحسوس في عدد الوفيات، راجع، أساسا، إلى الإفراط في استخدام أجهزة التدفئة بالنظر إلى الظروف المناخية وانخفاض درجات الحرارة، خاصة بمناطق الهضاب العليا المعروفة ببرودتها الشديدة في فصل الشتاء، حيث تم تسجيل أكبر حصيلة. ومن أهم أسباب الاختناق بالغاز نذكر قِدم أجهزة التدفئة، وعدم صيانة التوصيلات الكهربائية المتعلقة بها، إضافة إلى التركيب العشوائي لها، ما يؤدي إلى الاختناق بالغاز المؤدي إلى الموت المحتوم.

لا للتهاون...

تحدّث المكلف بالإعلام بمديرية الحماية المدنية لولاية الجزائر، الملازم الأول بن خلف الله، عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ارتفاع عدد ضحايا غاز أحادي أكسيد الكربون، والتي تعود ـ حسبه ـ إلى عدم تفقّد القنوات والتوصيلات الواصلة بين الأسطوانة والمدفأة في كل فترة، واستبدال مانعة التسرب إلى جانب الأسطوانة بالكامل، مع إهمال التأكد من صلاحية الصمام الرئيس، ووضع أجهزة التدفئة في غرف تنعدم فيها التهوية، إلى جانب تركيب سخانات الغاز داخل الحمّام أو في الأماكن المغلقة داخل المنزل، حيث تؤدي كل هذه الأمور إلى الاختناق بهذا القاتل الصامت.

وأشار المتحدث في هذا السياق، إلى سوء استخدام أسطوانات الغاز أثناء الطهي، الذي له دور كبير في حدوث اختناقات، حيث يكثر استخدام وسائل التدفئة المختلفة، خصوصا تلك التي تعمل بالوقود، مما يتطلب الحذر الشديد في اتباع الطرق السليمة والصحيحة المتعلقة بكيفية تشغيلها وإطفائها، وكيفية تزويدها بالوقود، وكل هذا يشكل خطرا كبيرا على الإنسان، يوضح مصدرنا. ومن أهم الممارسات الخاطئة في استخدام المدافآت، وضعها داخل الحمّام أثناء الاستحمام، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الغازات السامة والخانقة الناتجة عن عملية الاحتراق، خاصة مع ترك المدفأة مشتعلة أثناء النوم، فضلا عن مواقد الحطب، إذ يلجأ البعض إلى تركها مشتعلة داخل المنزل بدون القيام بالتهوية اللازمة والمناسبة لتجديد الهواء داخل المنزل، وهو ما يؤدي إلى اختناق الأشخاص، يشرح بن خلف الله.

صيانة المدافئ ضرورة ملحّة..

أكد المتحدث أن سبب الاختناق بالغاز يرجع، أساسا، إلى جهل المواطنين، وتعمّدهم استعمال أجهزة تدفئة مستعملة أو رخيصة الثمن. وكثيرا ما يلجأ هؤلاء مع بداية دخول فصل الشتاء، إلى أسواق الخردة، لاقتناء أجهزة التدفئة المعطلة، التي يعيدون تصليحها واستعمالها داخل غرف النوم. وفي هذا الصدد، يقول أحد باعة هذه الأجهزة بسوق الحميز في العاصمة، "إن المواطنين يعمدون إلى اقتناء هذه الأجهزة نتيجة ضيق الحال، لأن ثمنها يبقى في متناولهم، خاصة مع الارتفاع الكبير في ثمن أجهزة التدفئة أجنبية الصنع". ويقبل المواطنون على شراء هذه الأجهزة مضطرين لاستعمالها رغم ما تشكله من خطورة كبيرة على حياتهم، وأغلبهم يقطنون مساكن قديمة وهشة لا تقيهم برد الشتاء.

التهوية هي الحل...

حذّرت شركة "سونلغاز"، من جهتها، من أخطار عدم تنظيف مصفاة أجهزة التدفئة، ومن مخاطر إغلاق فتحات التهوية أثناء إجراء أشغال التحويلات والتعديلات داخل السكنات، باعتبارها ضرورية، مؤكدة أن الغازات المحترقة خاصة غاز أحادي أوكسيد الكربون، هي أكبر متسبب في الاختناقات والوفيات. وأضافت المؤسسة أن من بين الأسباب كذلك، عدم احترام مقاييس الأمان أثناء تركيب تجهيزات التدفئة، لا سيما في ما يتعلق بالتهوية، وإغلاق الصمامات بشكل جيد، داعية إلى اختيار سباك مؤهل وذي خبرة من قبل مصالح سونلغاز، باعتباره يملك الخبرة في القيام بعملية الترصيص، وفق المقاييس والمعايير المعمول بها، لتفادي التسربات، حسب مصدرنا.

دعوة للتفاعل مع حملات التحسيس

رغم الحملات التحسيسية التي تقوم بها مختلف الأجهزة؛ من حماية مدنية ودرك وأمن وطنيين وغيرها، إلا أن أخبار الموت بالغاز تطل علينا مع بداية كل فصل شتاء، بتسجيل تعرض عائلات بأكملها، للاختناق بالغاز أو انفجارات في منازل ومستودعات نتيجة تسرب الغاز، الذي غفل الناس عن مراقبته. وأكد خالد بن خلف الله، أن الهدف من تنظيم الحملات التحسيسية هو تقديم صورة واضحة ومبسطة عن خطورة التسربات الغازية على حياة المواطن، مع مراعاة جملة من الشروط والتعليمات من خلال معارض توضيحية بالصور، ومطويات تبسط كيفية الوقاية، واكتشاف عملية التسربات لتفادي الاختناقات.