بعث الوحدات الصناعية المتعثرة بقالمة
حلول واقعية لتعزيز وجهة استثمارية واعدة
- 212
وردة زرقين
شهدت ولاية قالمة خلال سنة 2025، تقدما في المشاريع ذات الصلة بالإقلاع الاقتصادي، والأمن الغذائي والمائي، في إطار برامج الدولة لتحقيق التوازنات التنموية الجهوية، فيما يُنتظر أن تعرف مزيدا من الحركية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، بما يضمن تغيير وجه الولاية تنمويا، لا سيما الاستثمار الصناعي، ليكون قيمة مضافة في التحوّل الاقتصادي والتنموي بالولاية.
حققت الولاية في سنوات السبعينيات، إنجاز بنية تحتية هامة في القطاع الصناعي، تمثلت في مصانع الدراجات والدراجات النارية "سيكما"، و "الخزف"، و "السكر"، و"الخميرة" . وعرفت تلك المرحلة انتهاج سياسة التصنيع من أجل بناء اقتصاد مستقل وقوي، إذ عرفت الولاية تجسيد استراتيجية قائمة على دعم فروع الصناعات الميكانيكية، والخزفية وغيرها، فيما أصبحت تعاني لما يزيد عن ثلاثة عقود، من ضعف في مؤسسات النسيج الصناعي القديم؛ بسبب فقدانها آلاف مناصب الشغل.
وأصبحت المصانع الأربعة "الخزف" و"السكر" و"الصناعات الميكانيكية" و"الخميرة" التي كانت تشغّل عددا هائلا من العمال، شبه مغلقة؛ فمصنع "الخزف" بِيع لرجل أعمال إيطالي لكنه لم يقدّم شيئا. ومصنع "الخميرة" أُغلق منذ 2002 ولم يعد له وجود في قالمة. وكان يضمن 30 بالمائة من احتياجات السوق الوطنية من هذه المادة؛ إذ قُدرت الطاقة الإنتاجية للوحدة قبل أن تغلق أبوابها، بما يقارب 56 ألف طن سنويا، ما يمثل ثلث الاحتياجات الوطنية المقدرة بـ150 ألف طن سنويا. ويُذكر أن الجزائر كانت، في وقت سابق، لديها اكتفاء ذاتي في مادة الخميرة بفضل النسيج الصناعي المتكامل بكل من بوشقوف بقالمة، ووادي السمار بالجزائر العاصمة، وكذا مصنع "السكر" الذي بيعَ لمستثمر خاص، فقام بتقليص عدد العمال.
أما المركّب العمومي للدراجات والدراجات النارية "سيكما"، فبعدما كان يوظف في وقت سابق، 1600 عامل، أصبح يوظف ما لا يزيد عن 100 عامل؛ بسبب المشاكل الكبيرة التي عرفها. كما أصبحت منتجاته التي يقدّمها لا تتماشى مع احتياجات السوق. ونتيجة ذلك يتميّز القطاع الصناعي في ولاية قالمة، بالضُّعف إذا ما قورن بالقطاع الفلاحي. كما يواجه قطاع الاستثمارات الكبرى تحدّيات كبيرة.
وأصبح من الضروري التوجّه للاستراتيجية التي عرفتها الولاية في مرحلة سابقة، والقائمة على دعم فروع الصناعات الميكانيكية والخزفية، والاستفادة من الإيجابيات التي يمنحها موقعها بقربها من الأسواق الهامة للولايات المجاورة، والمنفذ التجاري البحري بعنابة، وسكيكدة، ووضع خطة، وإعداد دراسة خاصة بكيفية إخراج المصانع المتوقفة من الركود شبه التام، وإعادة بعثها.
ويعوّل سكان الولاية على الصناعات المحلية للعودة إلى الإنتاج، ودعم الاقتصاد الوطني، وتوفير مناصب شغل للقضاء على البطالة، ضمن جهود الدولة لإعادة بعث الوحدات الصناعية المتعثرة، وتحريك عجلة الصناعة الوطنية بما يساهم في خلق الثروة، ومناصب الشغل، لا سيما في الولايات الصناعية ذات القاعدة المتنوّعة على غرار قالمة.
وقد حلّت بالولاية، مؤخرا، لجنة استعلامية برلمانية للشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتجارة والتخطيط بالمجلس الشعبي الوطني، والتي قامت بزيارة المؤسسات العريقة، ووقفت على واقع المؤسسات الاقتصادية، والمشاريع الاستثمارية. وعاينت مشاكل المؤسسات المتعثرة، والعراقيل التي تتخبط فيها كل مؤسسة. كما استمعت لانشغالات المستثمرين في إطار تعزيز قوات التواصل، ودعم الديناميكية الاقتصادية على مستوى الولاية، لطرح مختلف الانشغالات، وتبادل الرؤى، وإثراء النقاش حول السبل الكفيلة بالنهوض بالاستثمار المحلي، ما ينعكس إيجابا على التنمية الاقتصادية والتنموية بالولاية.
ومن جهته، قام والي قالمة سمير شيباني، بزيارة تفقّد ومعاينة للمصانع الكبرى التي تعرف وضعا ماليا صعبا منذ عدة سنوات. وأكد على إيجاد حلول واقعية حتى تسترجع المصانع قدراتها الاقتصادية والمالية، خاصة "سيكما" ، ودخول هذا المصنع مرحلة الإنتاج كما كان في السابق، حيث كان رائدا في صناعة الدراجات والدراجات النارية، ومفخرة في الصناعة الميكانيكية. والشيء نفسه بالنسبة لمصنع الخزف "سيراميك". أما مصنع "الخميرة" سابقا ببوشقوف، فقد تم تحويله في سنة 2022، إلى وحدتين جديدتين لإنتاج العجائن دون غلوتين، وطحين الذرّة. ودخل حيّز الاستغلال في شهر ماي من نفس السنة.