ولاية الجزائر تدعو البلديات لتوظيف الشباب في مساحات قانونية
حرب متواصلة على "الحظائر العشوائية"

- 174

❊ استراتيجيات تدخُّل جديدة في مخطط عصرنة العاصمة
❊ استغلال عشوائي للمساحات الشاغرة والمواطن يتعرض للابتزاز
❊ أرقام أمنية خاصة بالتبليغ عن المخالفين
تواصل مصالح ولاية الجزائر عملية القضاء على الحظائر غير الشرعية للسيارات، حيث تلقّى رؤساء البلديات تعليمات صارمة بتحويل المساحات الشاغرة إلى حظائر قانونية، ضمن المخطط الاستراتيجي لعصرنة الجزائر، خصوصا بعدما انتشرت في الآونة الأخيرة، الحظائر العشوائية التي استغلها العديد من الأشخاص، وصلت إلى درجة ابتزاز المواطنين بدفع مبلغ مكان ركن مركباتهم أو سرقة سياراتهم، مع فرض سيطرتهم على أغلب المساحات الشاغرة.
أمر والي الجزائر العاصمة محمد عبد النور رابحي، بتنظيم حملات ضد المخالفين، وكذا ضد الركن العشوائي في طرقات وشوارع العاصمة، حيث قامت المصالح المختصة بتنظيم عملية محاربة الظاهرة على مستوى 57 بلدية، والتي أسفرت عن القضاء على العديد من الحظائر الموزعة عبر الأّحياء، خصوصا الأحياء الشعبية، على غرار حسين داي والقبة والحراش، والتي تعرف اختناقا مروريا رهيبا، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية، والوصول إلى المتابعة القضائية ضد المزاولين لهذا النشاط غير الشرعي خلال سنة 2025.
دعوة لتنظيم الحظائر وتوظيف الشباب
وأكدت مصادر من ولاية الجزائر لـ«المساء"، أن تنظيم الحظائر العشوائية جاء بمنشور وزاري مؤرخ في 20 نوفمبر 2012 تحت رقم 21-27. ويتم التنظيم بمنح رخصة التسيير للشباب القاطنين على مستوى البلدية، يودعون ملفات غير مثقلة تحتوي أوراقا إدارية تثبت الإقامة مرفقة بصحيفة السوابق العدلية. وبعد دراستها من طرف لجنة متخصصة ومذكرة التحقيق التي تقوم بها مصالح الشرطة والدرك على حسب المقاطعة، تُمنح هذه الرخصة لمدة 24 شهرا دون تحمّل عناء دفع اشتراكات. وهذه المدة هي قابلة للتجديد. غير أن مسيّر مكان الركن عليه بدفع اشتراك بعد السنتين الأوليين اللتين كانتا مجانا، تحدده نفس اللجنة إذا ردت بالقبول على ملفه. كما تتضمن الرخصة المكان محددا بدقة، وتاريخ ومدة صلاحية الترخيص، وكذا التسعيرة.
وأوضح المصدر أن استعمال الأرصفة من أجل استغلالها كمواقف لركن السيارات، هو عمل غير قانوني، وعشوائي في نفس الوقت؛ كونه "غير مرخص" من طرف المصالح الوصية، ولا حتى منظما من خلال ما تشهده حركة السير، وكذا الضجيج الناجم عن الفوضى.
وبتعليمة من ولاية الجزائر تفيد بمنح تراخيص من أجل هذا النشاط، تقوم البلدية بإحصاء شوارع الأحياء التي من الممكن أن توجد بها مواقف الركن. وبالتنسيق مع مصالح الأمن والدرك يتم تحديد كامل الأرصفة، وتبدأ عملية منح التراخيص من وقت إيداع الشاب الملف ببعض الأوراق الإدارية التي تثبت الهوية، ومحل الإقامة، ثم تدرس لجنة متخصصة الطلبات مع التحقيق. وعلى حسب بعض الشروط التي يجب توافرها، تُمنح التراخيص من أجل تسيير هذه المواقف. أما عن تسعيرة التوقف، فتأتي مراعاة لظروف المواطن، وهي مقنَّنة.
الركن العشوائي للسيارات يزداد صيفاً
ولاحظت "المساء" في جولة استطلاعية قامت بها، انتشارا واسعا في الآونة الأخيرة، لحظائر ركن السيارات، خصوصا في فصل الصيف، عبر مختلف أحياء وشوارع العاصمة، التي بات مسيّروها تفرضون مبالغ باهظة من قبل حراسها، حيث وقفت على يوميات الشباب الذين يفرضون ضرائب ثقيلة على المواطن مقابل ركن سيارته، بعد أن عرفت، مؤخرا، تزايد عدد السيارات التي تغزو الأزقة، والشوارع الرئيسة.
وتشهد هذه الظاهرة انتشارا واسعا خلال فصل الصيف تحديدا، حيث تزداد خرجات المواطن للترفيه، أو لأغراض أخرى. وهنا يصطدم المواطن بشباب يجبرونه على دفع مستحقات خدمة ركن سيارته، وهو ما يراه المواطن "سرقة مباشرة" لجيبه.
ومايزال شباب أحياء وأزقة العاصمة وغيرها على غرار باش جراح والقبة والحراش، بعد تخلّيهم عن مقاعد الدراسة، يفضلون "الاسترزاق" من مال غير شرعي؛ باستحواذهم على الساحات الشاغرة، والطرق الرئيسة أحيانا؛ للسطو على أموال المواطنين الذين يركنون مركباتهم، ليصل الأمر إلى تهديدهم بالأسلحة البيضاء في حال رفضهم تسديد المبلغ المفروض من طرف شباب الحظيرة العشوائية.
وأكد لـ«المساء" بعض المواطنين أن هذه الحالة باتت في ازدياد يوما بعد يوم، متسببة في مشاكل كثيرة للقاطنين داخل الأحياء، خاصة عند نهاية الأسبوع، حيث يصعب عليهم ركن سياراتهم بالرغم من أن الأولوية تكون لهم. غير أن الإقبال الكبير الذي تشهده تلك الأحياء المتسببة في انتشار الحظائر غير الشرعية، حرم الأطفال من اللعب بحرية وسط الأحياء التي يقطنون فيها. كما إن هؤلاء الشباب العاملين بهذه الحظائر لم يتقدموا إلى حد اليوم من مصالح البلدية؛ لتحديد هوياتهم، وتسجيل أسمائهم لتوظيفهم بصفة رسمية.
جهود جبارة لمصالح الأمن في الميدان
تبذل مصالح أمن ولاية الجزائرمجهودات كبيرة بالتنسيق مع مختلف المصالح المختصة، للحد من انتشار الحظائر غير الشرعية، والتي أصبحت ظاهرة تؤرق المواطنين والمسؤولين بالولاية على حد سواء، حيث يستغل بعض الشباب الطرقات، خصوصا في فصل الصيف، لفرض منطقهم على أصحاب المركبات، من خلال فرض مقابل مالي يتراوح بين 100 و200 دج.وشرعت مصالح أمن ولاية الجزائر، مؤخرا، في تنظيم خرجات ميدانية لمكافحة ظاهرة انتشار حظائر السيارات العشوائية بمختلف الفضاءات العمومية. وكانت "المساء" رافقتهم الى بعض الأحياء، التي شملت بلديتي باب الوادي وساحة الشهداء، حيث كشفت الجولة الميدانية عن وجود أزمة كبيرة في ركن المركبات، نظرا لسيطرة "مافيا" الحظائر العشوائية على الأزقة والشوارع؛ ما تَسبب في اختناق مروري كبير، وأخلط أوراق السائقين، الذين يواجهون صعوبات جمة في ركن سياراتهم.
المواطن يشتكي ..
وقد أدى هذا الوضع إلى رفع العديد من الشكاوى من طرف المواطنين، الذين طالبوا في عدة مناسبات مصالح الأمن بالتدخل، خاصة بعد تسجيل العديد من الاعتداءات الخطيرة التي راح ضحيتها أصحاب مركبات رفضوا دفع "إتاوات غير قانونية".
وتشهد هذه الظاهرة انتشارا واسعا خلال فصل الصيف، حسب ما لاحظت "المساء"، خصوصا في الأماكن التي يزداد عليها الإقبال من طرف المواطنين، كالفضاءات الترفيهية بالعاصمة، حيث يضطرون لركن مركباتهم، والتجول راجلين رفقة أفراد عائلاتهم للترفيه، أو لقضاء بعض الحوائج، ليتفاجأوا ببعض المنحرفين ومن أصحاب السوابق العدلية، الذين يجبرونهم على دفع مبالغ مالية معتبرة نظير التوقف على حافة رصيف عمومي، وهو ما يراه كثير من المحتجين، سرقة، وتجاوزا صارخا للقانون.
وأعرب المواطنون عن استيائهم من الانتشار الكبير لمواقف السيارات العشوائية، وغير المرخصة، التي احتلت أغلب الشوارع والأحياء، حيث سجلنا تواجدا مكثفا لأشخاص من مختلف الأعمار، يشرفون على تسيير هذه الحظائر، حيث يُرغمون أصحاب المركبات على دفع ثمن التوقف، فيما يُجبر هؤلاء على دفعها أحيانا، تحت طائل التهديد، وخوفا من تعرض مركباتهم للسرقة، أو التخريب.
أرقام خاصة بإبلاغ مصالح الأمن
وتشهد أغلب الأرصفة والمساحات المحيطة بالأسواق والمساجد والمؤسسات الإدارية، انتشارا كبيرا لهذه المواقف غير الشرعية والفوضوية، والتي تتسبب في كثير من الأحيان، في عرقلة حركة المرور، وتسجيل حوادث مختلفة؛ بسبب الاختناق المروري الذي ينتج عن فوضى التوقف.
ويدّعي حراس هذه المواقف امتلاكهم حقوق الاستئجار، وأن لديهم تذاكر تسلَّم لمن يركن مركبته على مستوى بعض الشوارع والساحات العمومية بمختلف بلديات العاصمة، خصوصا الأحياء الشعبية. وأكد بعض أصحاب السيارات الذين تحدثنا إليهم، وقوعهم في حيرة أمام هذه التذاكر، بين ركن مركباتهم، والدفع، أو البحث عن موقع آخر رغم كون المكان عموميا.
وكانت مصالح الأمن وضعت أرقاما هاتفية في خدمة المواطنين، للتبليغ عن المواقف غير الشرعية للسيارات، بهدف التدخل مباشرة في حال كان الموقف غير مرخص به، وذلك بالتأكد من قوائم مصالح بلديات العاصمة المتعلقة بالمواقف الشرعية المرخصة، التي يملك أصحابها عقود استئجار.