طباعة هذه الصفحة

السياحة في غرداية

ركود جهود تنويع الخدمات

ركود جهود تنويع الخدمات
  • القراءات: 1248

أعرب العديد من المتعاملين والمهنيين في قطاع السياحة بولاية غرداية، وهي واحدة من أهم الوجهات السياحية في الوطن، عن قلقهم بخصوص "حالة الركود" التي تشهدها في الوقت الحالي أنشطتهم، مع بداية الموسم السياحي، في الوقت الذي تبذل جهود لتنويع المنتوج واستقطاب "فئات" جديدة من الزوار، ويلاحظ هذا الركود في مختلف هياكل الاستقبال والمواقع السياحية التي هجرها السياح من أبناء الوطن أو الأجانب، مثلما أوضح بأسف، مهنيون محليون في السياحة.

تحدث مسيرو فنادق ومرافق إيواء سياحية عن غياب الحجوزات، رغم القيام بمبادرات مكثفة بخصوص أنشطة الاتصال والتسويق السياحي، التي تتم خلال المعارض الدولية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، بهدف ترقية "وجهة غرداية" التي تشتهر بأنها تراث عالمي مصنف من قبل المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) سنة 1982.

يرى مسير مرفق الإيواء السياحي "أخام"، سعيد بلقاسمي، أن منطقة غرداية هجرها السياح (وطنيون وأجانب)، وأن نسبة الإقبال ‘’في أدنى مستوياتها"، "ويعاني قطاع السياحة من الجمود، متأثرا بالمحيط الاجتماعي-الاقتصادي للبلاد، وتذبذب شبكات النقل الجوي"، يضيف السيد بلقاسمي.

من جهته، أكد مسير فندق "ريم" بغرداية، عبد القادر بن خليفة، بقوله ‘’لم نعد نغطي حتى التكاليف الأساسية لتسيير منشأتنا الفندقية، بسبب نسبة الإقبال التي تراجعت إلى نحو عشرة حجوزات للغرف في الشهر الواحد، مقابل نحو أربعين غرفة يتوفر عليها هذا الهيكل الفندقي".

‘’نحن مضطرون إلى التقليص من العمال، بغرض وضع حد لنزيف النفقات اليومي"، كما ذكر نفس المتحدث، مشيرا إلى "أن انخفاض الإقبال يمس مختلف أصناف الفنادق".

يرى بدوره مسير فندق "بلعجال" الواقع بوسط مدينة غرداية، الذي تفضله بعض شرائح المسافرين الوطنيي،ن أن "النشاط قد توقف بشكل ملموس، رغم أن غرداية تقع في منطقة محورية، وتعد ممرا إلزاميا للعابرين".

تنويع النشاط لمواجهة الركود السياحي 

بغرض تجاوز الركود التي تمر به السياحة في الوقت الحاضر، يتجه العديد من المهنيين في غرداية نحو خيار تنويع النشاط، بهدف مواجهة هذا الوضع، من خلال اقتراح، لفائدة السكان المحليين، جولات استراحة في الهواء الطلق عبر الواحات والكثبان الرملية، وفي مرافق الإيواء لفترة يوم واحد لفائدة العائلات، مع ضمان الإطعام ووجبات خفيفة، ويهتم آخرون بتنظيم لقاءات وملتقيات نفس طابع علمي، أو اجتماعات مجالس الإدارة لمؤسسات، بغرض ضمان أعباء تسيير هياكلهم الفندقية.

كما دفع ركود النشاط السياحي بالمنطقة بعض المهنيين، إلى التحول إلى ممارسة نشاط نقل الجزائريين نحو بلدان مجاورة، لأغراض العلاج أو تنظيم رحلات العمرة، وهو النشاط الذي يدر مداخيل، وينتشر بكثرة في منطقة غرداية.

بدورهم، يواجه الناشطون في مجال الصناعة التقليدية نفس الأوضاع، حيث يسجل تراجعا في هذا النشاط التجاري، ولم يعد بإمكانهم الصمود أمام كساد منتجاتهم.

في المقابل، تشهد منشآت الاستقبال بالمحطة الحموية "زلفانة" (60 كلم شرق غرداية) التي تشتهر بقدراتها السياحية، توافدا للسياح خلال السنة، وهي المنطقة التي يفضلها عشاق السياحة العلاجية القادمين من مختلف مناطق الوطن، لاسيما فئة المسنين منهم.

يظل النشاط السياحي بمدينة زلفانة، التي تتوفر على طاقة استقبال قوامها 1.000 سرير "محدودا"، ويتميز بخصوصيته الموسمية، فضلا على أن هذه المنطقة لم تحظ بالترويج الكافي، ولا يتم خدمتها "بشكل جيد" من قبل حركة النقل بين الولايات، مثلما أشير إليه.

تزخر السياحة في ولاية غرداية بقدرات وإمكانيات في غاية الثراء وأصيلة، لتثبت أنها قطاع ذو أولوية، يتمتع بقيمة مضافة قوية للاقتصاد المحلي.

تعد غرداية همزة وصل بين مناطق شمال الوطن والجنوب الكبير، وتتميز بتنوع مناظرها وطبيعتها وعمرانها وتقاليدها وأصالتها، وهي كلها قدرات "رابحة"، تجعل منها منطقة سياحية "بامتياز"، وتفرض نفسها قاطرة تنمية رئيسية لكل المنطقة.

من جهتها، تراهن مديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية غرداية على الأفكار المبتكرة، والجهود التي تدعمها، والرامية إلى المحافظة وحماية التراث "الأصلي" للمنطقة، بهدف تعزيز جاذبيتها وإشعاعها العالمي، داعية في هذا الصدد، المتعاملين في السياحة إلى تدعيم عوامل الترقية والاتصال بغرض استقطاب السياح.

تمارس منطقة غرداية دوما إغراءها المثير على الزوار، على غرار الباحثين والجامعيين والمهندسين المعماريين والفنانين، باعتبارها موقعا في غاية الأهمية، ومحجا ثقافيا وتراثيا فريدا من نوعه، لاسيما من حيث الهندسة المعمارية والعمرانية، مثلما أشارت إليه مديرية السياحة والصناعة التقليدية.

تشير الإحصائيات إلى أن منطقة غرداية تتوفر على 32 مرفقا فندقيا، بطاقة استقبال إجمالية تتجاوز 2.400 سرير، و28 وكالة سياحية.

تتمتع الولاية بتراث مادي وغير مادي زاخر، يمنحها مكانة رائدة في استراتيجية تنمية سياحة مستدامة، تستجيب لحاجيات السكان الاقتصادية، ولمتطلبات حماية البيئة والتقاليد، وتحتضن كذلك تراثا عالميا مصنفا من قبل المنظمة الأممية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، لاسيما القصور العريقة "المدن المحصنة" التي تشهد على النمط العمراني الأصيل، الذي لا زال يثير اهتمام الباحثين والمتخصصين في دراسات العمران، ونظاما تقليديا لتوزيع مياه الأودية الذي يسمح بسقي واحات النخيل المنتشرة عبر منطقة سهل وادي ميزاب.

كما تتوفر المنطقة أيضا، على العديد من مواقع الجذب السياحي، على غرار الواحات والمعالم الجنائزية والنقوش الصخرية (تاريخية ودينية) بسهل وادي ميزاب والمنيعة، ومناطق حموية بكل من زلفانة والقرارة، فضلا على حزام هائل لكثبان رملية ذهبية بجنوب الولاية .