جبال "الإيدوغ" بعنابة
جوهرة طبيعية تروي حكاية الجمال

- 85

تنهض جبال "الإيدوغ" في ولاية عنابة، كحارس أخضر يطلّ على البحر، تجمع بين روعة الغابات الكثيفة وصفاء الخلجان المتلألئة، لترسم مشهدا طبيعيا يأسر الأبصار والقلوب معاً. وتمتد هذه السلسلة الجبلية على طول الساحل الشرقي الجزائري، حاملة معها عبق التاريخ، وثراء الطبيعة، حيث تتعانق القمم المكسوّة بالخضرة مع زرقة البحر الأبيض المتوسط، في لوحة لا تتكرر إلا هنا.
يُعد المسار السياحي لجبال "الإيدوغ" واحدا من أروع الوجهات لعشاق الطبيعة والمغامرة، فهو يمزج بين سحر المشاهد، وإثارة الاكتشاف، حيث تتوزع على طول المسار نقاط توقف تمنح الزائر إطلالات "بانورامية" مدهشة، إذ يلتقي الأفق بين زرقة البحر وامتداد الغابات، بينما تتسلل أشعة الشمس بخفة، بين الأغصان، فتغمر المكان بدفء مريح، ونقاء هواء قلّ نظيره.
وفي هذه الأجواء يجد المتجول متعة في ممارسة أنشطة متنوعة، من المشي الجبلي، وركوب الدراجات، إلى تسلق المنحدرات، والقيام برحلات التخييم، التي تمنحه فرصة قضاء الليل وسط الطبيعة الصافية.
وتخفي "الإيدوغ" بين أحضانها، خلجانا صغيرة لا يصل إليها إلا من يعرف دروبها الهادئة، حيث يلتقي صفاء المياه بزرقة السماء، في مشهد شاعري يستدعي التأمل. وهناك يمكن الزائر أن يسبح، أو يمارس هواية الغطس، أو يكتفي بالجلوس على صخور البحر ليستمع إلى موسيقى الأمواج.
وتضاهي القيمة البيئية لهذه الجبال، جمالها البصري، فهي موطن أشجار عتيقة وأنواع نادرة من النباتات والحيوانات، وملاذ آمن للطيور المهاجرة في رحلاتها الموسمية.
وتعمل مديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية عنابة بالتعاون مع جمعيات البيئة، على صون هذا التراث الطبيعي، من خلال حملات تنظيف مستمرة، وتطوير المسارات السياحية، وتوفير لوحات إرشادية، تُمكّن الزائر من التعرف على ثراء المكان دون الإضرار به.
ويمتاز موقع جبال "الإيدوغ" بقربه من مدينة عنابة، ما يتيح للزائر الجمع بين متعة الأنشطة الجبلية واكتشاف الحياة الثقافية والحضرية للمدينة، حيث يمكن قضاء الصباح بين الغابات، ثم النزول إلى وسط المدينة للاستمتاع بالمطاعم والأسواق، قبل العودة إلى الجبال لمشاهدة الغروب من إحدى قممها، حيث يذوب اللون البرتقالي في الأزرق، لتختم الطبيعة يوما كاملًا من السحر والإلهام.
وفي كل منعطف من طرق "الإيدوغ" تكتب الطبيعة سطورا جديدة من الجمال، وتمنح الزائر فرصة للانسجام مع إيقاعها البطيء؛ وكأنها تهمس له: "هنا يبدأ السلام الحقيقي". وبهذه الملامح تبقى جبال "الإيدوغ" أيقونة سياحية خالدة، تحمل هوية عنابة، وتروي حكاياتها للأجيال.