منظمات حماية المستهلك تدعو لتعميمها عبر الهواتف
ثقافة الدفع الإلكتروني في التعاملات المالية حتمية لابد منها
- 60
استطلاع: نسيمة زيداني
❊ مواطنون يجهلون استخدام التقنية وآخرون متخوفون
❊ التقنية تسهل المعاملات اليومية وتقضي على الفوضى
❊ حملات توعوية لضمان أمن المعاملات
تتراوح آراء المواطنين حول تعميم الدفع الإلكتروني عبر الهاتف، بين الترحيب بالمزايا مثل الراحة وسرعة المعاملات، وبين المخاوف المتعلقة بالأمن وعدم انتشارها لدى التجار، حيث يرى البعض، أن هذه التقنية، تمثل تطوراً ضرورياً لمواكبة العصر، وتسهيل المعاملات اليومية، وتقليل الاعتماد على النقد، بينما يقترح آخرون، الحاجة إلى مزيد من حملات التوعية لضمان أمن المعاملات وتشجيع التجار على الانضمام إلى هذا التعامل الإلكتروني.
يعيش الكثير من المواطنين معاناة التنقل والجلوس لساعات أمام الشبابيك، في انتظار دورهم لدفع مختلف فواتير الغاز والكهرباء والماء والإيجار. وبالمقابل، يستطيع أي مواطن اختصار كل هذا العناء بكبسة زر، ورغم تشجيع السلطات الرسمية لمختلف أنواع الدفع الإلكتروني، وتعميم الإنترنت وانتشار استعمال الهواتف الذكية، التي تحولت إلى لعب في يد الأطفال، تبقى هذه الثقافة محدودة في المجتمع.
حماية المستهلك تدعو لتعميم الدفع الإلكتروني بالهاتف
لاحظت “المساء” عبر صفحة المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، دعوة لتعميم الدفع الإلكتروني بالهاتف وغرس ثقافة التعاملات الإلكترونية، لاسيما، وأن تجمع النقد الآلي يعتزم، توسيع التشغيل البيني للدفع الإلكتروني عبر الهاتف النقال، من خلال استخدام رمز الاستجابة السريعة، إلى 15 بنكا خلال سنة 2026.
ويسمح التشغيل البيني للمشتركين في التطبيقات البنكية الجديدة “دي زاد موب بايمنت”، بالقيام بتحويلات نقدية مباشرة بين الأفراد (من حساب إلى حساب)، وبعمليات دفع عن طريق مسح رمز الاستجابة السريعة، دون أن يشترط أن يكون الطرفان من نفس البنك.
من جهة أخرى، يستطيع التجار، بفضل التشغيل البيني للدفع الإلكتروني عبر الهاتف، الحصول على المقابل المالي نظير السلع والخدمات التي يقدمونها لزبائنهم في وقت قياسي، لا يتجاوز 10 ثوان، بغض النظر عن كون الزبون من نفس البنك أم لا.
للإشارة، قامت سبعة بنوك إلى جانب “بريد الجزائر”، بتوفير هذه الخدمة لفائدة زبائنها، من خلال تطبيقات جديدة، بعد انضمامها إلى شبكة “دي زاد موب بايمنت” مطلع السنة الجارية 2025، ووفقا لأرقام تجمع النقد الآلي، حيث بلغ عدد مستخدمي تطبيقات الدفع الإلكتروني عبر الهاتف النقال إلى غاية مطلع نوفمبر الجاري، 79130 مستخدم، و11873 تاجر منذ إطلاقها مطلع 2025.
حملات توعوية لاستعمال الدفع الإلكتروني
وفي نفس السياق، أطلقت جمعيات المجتمع المدني عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وبالمساحات العمومية، حملة توعوية لإطلاع المواطن حول ضرورة استخدام الدفع الإلكتروني، بدل الاعتماد على الطرق التقليدية في الدفع، حيث وضع القائمون على الحملة، بحي “المنظر الجميل” بالحراش، حسبما لاحظته “المساء”، لافتات تدعو لتخفيف الضغط على البنوك ومصالح تسديد فاتورات الغاز والكهرباء ووكالة “عدل”، ومراكز البريد إلى غير ذلك.
وأكد ممثل إحدى الجمعيات، أن المواطن يعاني في مراكز البريد ومصالح “سونلغاز” و"سيال”، أين يقبل المواطنون بكثرة على دفع الفواتير خاصة مع اقتراب آجال التسديد، فتتشكل الطوابير ويبدأ الضغط والمشاداة بين الزبائن وأعوان الاستقبال، في الوقت الذي يستطيع فيه المواطن تغيير حياته إلى الأحسن، لاسيما وأن العديد من المؤسسات، سهلت عليهم عملية الدفع إلكترونيا من البيت، مع العديد من الامتيازات، على غرار تمديد آجال الدفع.
وأشار في سياق حديثه، إلى أن موضوع عزوف الجزائريين عن الدفع الإلكتروني والانخراط في شتى الخدمات الرقمية، متعدد الأسباب، ويمكن اختصارها في ثلاث نقاط أساسية تتعلق بثقافة الجزائريين الرقمية، والعمل الترويجي المحدود للمؤسسات التي تقدم هذه الخدمات، ووجود مشكل ثقة بين المواطن والإدارة، بعد تسجيل الكثير من الأخطاء والتجاوزات.
بين مؤيد ومعارض
أكد العديد من المواطنين، الذين سألتهم “المساء” حول معرفتهم بالدفع الإلكتروني، أن العديد من الذين انخرطوا في الدفع الإلكتروني، انقلبوا وعادوا للطرق الدفع التقليدية، بسبب الكثير من الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة التي لم تواكب هذه العملية، حيث تعرض مواطنون دفعوا فواتير الكهرباء إلكترونيا إلى قطع الكهرباء، خاصة بالنسبة للذين قاموا بعملية الدفع يوما أو يومين قبل الآجال المحددة، حيث تعاني بعض الوكالات من مشكل التحيين الإلكتروني للفواتير الرقمية، ما جعلها محل انتقاد للمواطنين الذين فقدوا الثقة في التعاملات الرقمية.
كما أعرب العديد من المواطنين، عن تخوفهم من غياب الأمان في استعمال الدفع الإلكتروني في تعاملاتهم، حيث أكد أحدهم: “هناك نقص كبير في عمليات الترويج للخدمات الإلكترونية من قبل المؤسسات التي تدعي توفيرها للمواطنين، ومحدودية التحفيزات والتواصل، مما قلل من الانخراط في هذه العملية”، مضيفّا: “من الأجدر أن تقوم مؤسسات ك”سونلغاز” و"سيال” و"عدل” و”اتصالات الجزائر”، بتطمين المواطنين بأن عملية الدفع الإلكتروني آمنة ولا توجد فيها أي أخطاء”.
وقال مواطن آخر: “العديد من المواطنين يحملون هواتف نقالة معبأة بخدمة الانترنت عالية التدفق، وفي حافظة نقودهم بطاقة مغناطيسية الكترونية واحدة على الأقل، تمكنهم من إجراء كل التعاملات المالية كالدفع الالكتروني من بيوتهم أو من مقر عملهم، لكنهم تعودوا التعامل نقدا، وإن كلفهم الأمر الانتظار ساعات طويلة، والتنقل من مكان لآخر للقيام بتعاملاتهم المالية المختلفة”. كما أوضح أحد الموظفين بمركز “بريد الجزائر” بباش جراح، أن هناك زبائن يمكثون لساعات طويلة في الطابور، فقط للاطلاع على رصيدهم، في حين يمكنهم القيام بذلك عن طريق البطاقة الذهبية أو عن طريق الانترنت، فالبطاقة الذهبية، تسمح بالعديد من الخدمات الإضافية للبطاقة التقليدية، التي لم تنجح هي بدورها في أن تحظى بالاستعمال الشعبي منذ إطلاقها سنة 2005، حيث تمسك الجزائريون بالشيك والدفع النقدي”، على حد قوله.