بلدية الجزائر الوسطى تنتظر شكاوى رسمية للتدخّل

تكدس النفايات وتسرب مياه الصرف، مشاهد في قلب العاصمة

تكدس النفايات وتسرب مياه الصرف، مشاهد في قلب العاصمة
  • القراءات: 1019
م.أجاوت/ تصوير: مصطفى.ع م.أجاوت/ تصوير: مصطفى.ع

أضحى مشكل تراكم النفايات والقمامة وانتشارها وتسرّب مياه الصرف بشوارع وأزقة العاصمة، لاسيما الرئيسية منها، على غرار شارع العربي بن مهيدي وساحة البريد المركزي، مصدر قلق واستياء العديد من المواطنين والقاطنين والمارة على حد سواء، بسبب الإزعاج الكبير الذي تسببه، خاصة أن هذه الانشغالات لا تزال مطروحة منذ مدة طويلة.

...هذه المظاهر السلبية أصبحت تميّز يوميات العاصميين الذين صاروا يجدون أنفسهم مضطرين إلى التعايش معها، رغم ما تشكّله من حرج كبير للقاطنين وقاصدي بلدية الجزائر الوسطى، خاصة أنها تشكّل قلب مدينة الجزائر العاصمة بالنظر إلى حركتها الكبيرة ومكانتها من حيث الكثافة السكانية، في وقت يتساءل هؤلاء عن سبب استمرار هذه الأوضاع السلبية أمام صمت المصالح والهيئات المسؤولة عن مواجهتها والحد منها.

انعدام الحاويات شجع الرمي العشوائي للنفايات

لاشك أن انتشار النفايات وتكدسها بشارع العربي بن مهيدي على سبيل الذكر، يعود إلى غياب الحاويات والسلاّت الخاصة برمي القمامة على طول هذا الشارع، وهو ما يدفع المواطنين وحتى أصحاب المحلات التجارية إلى إخراج أكياس نفاياتهم ووضعها في وضح النهار على حواف الأرصفة، في انتظار مرور شاحنات الجمع لرفعها ليلا، فلا يفوت المار بالمنطقة أن يسجّل غياب سلات المهملات التي كانت معلّقة على الأشجار والأعمدة الكهربائية وكانت تستعمل في رمي النفايات، ناهيك عن انعدام حاويات أرضية، وهو ما حال دون وضع أكياس القمامة في أماكنها الخاصة، بالتالي تعريضها للعب الحيوانات.

انتقد أصحاب المحلات التجارية من جهتهم هذه الوضعية التي اعتبروها لا تطاق، أمام انتشار الروائح الكريهة ونفور الزبائن من دخول هذه المحلات التي أضحت الأكياس السوداء تشوّهها كثيرا، معتبرين أنه لا خيار أمامهم سوى وضع هذه الأكياس على الأرصفة في ظل انعدام الحاويات الخاصة بها.

تسرب المياه الملوثة.. أزّم الوضع

إلى جانب مشكل النفايات وانعدام الحاويات، لازال مشكل آخر لا يقل أهمية عنهما يطرح نفسه وبقوّة في شارع العربي بن مهيدي، ويتعلّق الأمر بتسرب المياه الملوثة وتجمعها في شكل برك مائية على طول الأرصفة، وهو ما زاد من حدة تشويه هذا الطريق الرئيسي الذي يربط ساحة البريد المركزي بساحة الشهداء، مرورا بساحة الأمير عبد القادر، أمام مرأى ومسمع بلدية الجزائر الوسطى التي تقع على مرمى حجر من هذا الشارع، والغريب في الأمر أنه رغم تحجّر هذه المياه الملوثة، إلا أن الأمر جد عادي بالنسبة للأعوان المكلفين بتسيير حظيرة ركن السيارات بالمنطقة والتابعين لمصالح البلدية، فلم يكلّفوا أنفسهم عناء التبليغ عن هذا المشكل باعتباره يمسّ جهة ركن السيارات، أمام استياء الزبائن الكبير، حيث عبروا عن امتعاضهم من الأمر، مستغربين بقاء هذا الانشغال مطروحا في أحد أعرق الشوارع بالجزائر الوسطى.

كما أن العديد من المارة استفسروا عن عدم تحرّك الجهات المعنية لتدارك الوضع، رغم أن هذه المياه الملوثة تقع أمام واجهات مداخل العمارات وأمام مقرات مؤسسات عمومية، على غرار "كناب-بنك" و"وكالة النشر والإشهار"، والعديد من المحلات التجارية المختصة في بيع الملابس، خاصة المواد الغذائية، الأطعمة السريعة، وهو ما يتيح مجال التساؤل عن دور مصالح الرقابة في كل ذلك. 

وجّه بعض القاطنين بالمنطقة أصابع الاتهام إلى مصلحة النظافة والهيئة التقنية بالبلدية التي لم تقم بدورها ـ حسبهم - بالتدخل قصد  تنظيف المكان وإصلاح الأعطاب المحتملة بقنوات الصرف الصحي على مستوى الشارع، كما حمّلوا بعض أصحاب هذه المحلات جانبا من المسؤولية، من خلال عدم تطهير الأرصفة من مياه التنظيف الخاصة بمحلاتهم، أو بعض السكان الذين يرمون الماء من الشرفات فوق رؤوس المارة.

مياه المكيفات الهوائية... القطرة التي أفاضت الكأس

من جهة أخرى، ساهمت المكيفات الهوائية بدورها في زيادة حجم معاناة المارين بشوارع الجزائر الوسطى، من المياه الصادرة عنها والتي باتت تقطر على المواطنين والمارة بمختلف الشوارع، حيث باتت هذه المكيّفات التي تعد مصدر راحة، مع التقليل من حرارة الطقس لدى البعض، ومصدر إزعاج بالنسبة للكثيرين، خاصة للمتجوّلين بهذه الشوارع الذين يجدون أنفسهم مجبرين على أخذ الحيطة والحذر عند السير لتفادي التبلّل بمياه هذه المكيّفات، علما أن هذه الأخيرة تقطر على الأرصفة مباشرة دون أخذ الاحتياطات اللازمة لتحويل مياهها إلى وجهة أخرى.

فلا تكاد تخلو مباني وعمارات المنطقة من المكيّفات الهوائية سواء التابعة للمنازل أو المؤسسات والهيئات والإدارات، حيث لم يراع أصحابها مكان تصريف المياه الصادرة عنها، مما جعلهم يحوّلونها مباشرة نحو الأرصفة، دون التفكير في ما قد ينجم عنها من إزعاج كبير للسكان والمارة بشكل عام.

اقترح أحد المارة الذي لم يسلم من التبلّل بمياه هذه المكيّفات، استخدام هذه الأخيرة في سقي النباتات والأشجار عوض رميها في الشوارع وفوق رؤوس المارين، باعتبارها مياه مفيدة لنمو مختلف النباتات، لاسيما التزيينية.

البلدية تتدخّل في حال تلقيها شكاوى رسمية

وفي محاولتنا الاتصال برئيس بلدية الجزائر الوسطى، السيد عبد الكريم بطّاش بصفته المسؤول الأول عن البلدية، للاستفسار عن هذه الانشغالات وكيفية التعامل معها، تنقّلنا لمقر البلدية للقاء هذا الأخير، إلا أن الأمر تعذّر علينا بسبب تواجده في عطلة، إلا أن ذلك لم يمنعنا من الحصول على بعض المعلومات في هذا الإطار، حيث علم أن تدخّل المصالح المختصة لوضع حد لمشكل تسرّب المياه الملوثة يكون بعد تلقي شكاوى سواء من قبل مواطنين أو شركات ومؤسسات وإدارات، باعتبار مصالح البلدية لا تستطيع تحديد أماكن ونقاط التدخّل إلا بعد التبليغ عنها، وهو نفس الشيء بالنسبة للانشغالات الأخرى المتعلقة بمياه المكيّفات الهوائية أو ما شابه ذلك، فالبلدية لا يمكنها التحرّك إلا بعد تلقيها لشكاوى رسمية في هذا المجال، لتمكينها من التدخّل واتخاذ الإجراءات المعمول بها في إطار ما يسمح له القانون سواء بالتغريم أو المتابعات القضائية.

كما ذكرت مصالح البلدية أنها لن تتسامح في حال الإخلال بالتعليمات والنصوص القانونية المتعارف عليها في هذا المجال، مشيرة إلى أنه سيتم ابتداء من الدخول الاجتماعي المقبل اقتناء وتوزيع حاويات وسلات تجميع النفايات بالشوارع والأحياء التي تنعدم فيها، لاسيما على مستوى شارع العربي بن مهيدي ووسط بلدية الجزائر الوسطى.

كما سيتم التفكير ـ حسب المصدر- في اتخاذ إجراءات وتعليمات لمنع وضع المكيّفات الهوائية بالشرفات المطلّة مباشرة على الشوارع حتى لا تكون مصدرا للإزعاج بالنظر للمياه المتسربة منها والتي صارت تقلق الكثيرين، لاسيما المارين بهذه الشوارع. وهذا كأحد الإجراءات الاحتياطية التي من شأنها التقليل من حجم الإزعاج التي تتسبّب فيه، في انتظار إيجاد الحلول النهائية لذلك.

ستكون هذه الانشغالات وملفات أخرى لا تقل أهمية عنها، على طاولة نقاش رئيس البلدية خلال الاجتماعات الدورية لأعضاء المجلس البلدي التي ستنطلق في غضون شهر سبتمبر القادم، للبت فيها ومناقشتها ومحاولة إيجاد الحلول الناجعة لها. 

يذكر أن أكبر عدد من المخالفات والمحاضر القضائية التي تم تحريرها ضد المخالفين في هذا الشأن خلال العام الماضي وبداية من السنة الجارية، يتعلّق بالرمي العشوائي للنفايات وعدم احترام شروط النظافة المعمول بها في هذا المجال، ناهيك عن التشويه العمدي الذي يطال المحيط البيئي بالمدن والتجمعات السكنية والأوساط الحضرية.