شهدت 25 عملية ترحيل

"بقايا" الأحياء القصديرية نقطة سوداء ببلديات العاصمة

"بقايا" الأحياء القصديرية نقطة سوداء ببلديات العاصمة
  • القراءات: 2916
زهية. ش زهية. ش

لا تزال أغلب بلديات العاصمة تواجه مشكل الأحياء القصديرية، التي لم يتم القضاء عليها نهائيا، رغم عمليات الترحيل الـ25 التي نظمت منذ 2014، وشهدت إعادة إسكان آلاف العائلات، حيث لا يزال ملف القصدير يشكل هاجس السلطات المحلية، خاصة الأميار الذين لا زالوا يدفعون ثمن تهاون وتواطؤ من تداولوا على تسيير شؤون البلديات الـ57 للعاصمة، والتي يعرف عدد منها، محاولات تشييد بنايات هشة جديدة، بغرض الحصول على سكن لائق، مثلما أكده عدد من رؤساء بلديات ولاية الجزائر لـ”المساء، كما تعرف بلديات شبه حضرية تعد صارخ على أراضيها الفلاحية، من خلال تشييد بنايات فوضوية عليها، مثلما اكتشفناه خلال هذا الاستطلاع.

رغم عمليات الترحيل العديدة التي نظمتها ولاية الجزائر، والتي شهدت إعادة إسكان آلاف العائلات في أحياء جديدة، فإن حلم العاصمة بدون قصدير لا يزال بعيد المنال، بالنظر إلى العدد المعتبر من البيوت القصديرية التي يبقى أصحابها ينتظرون الترحيل، خاصة في بعض البلديات التي تضم عددا معتبرا من هذه الأحياء، التي يجد مسؤولوها المحليون صعوبة في التعامل مع أصحابها، لأن الحل بيد ولاية الجزائر التي أعلن بها الوالي السابق عبد القادر زوخ، أنها ستصبح أول عاصمة إفريقية وعربية بدون قصدير، وأن ملف القصدير سيطوى في 2016، ويتم إسكان كل من أودعوا ملفات بهذا الخصوص، خاصة أن السكنات التي تنجز تلبي الطلب.

أكثر من 16 حيا قصديريا ببراقي

يثبت الواقع عكس هذه التصريحات لمسؤولين سابقين تعاقبوا على تسيير شؤون ولاية الجزائر العاصمة، كما أن الأرقام التي تحصلنا عليها من الميدان، تؤكد أن معركة القضاء على الصفيح بالعاصمة لم تنته بعد، حيث هناك العديد من العائلات تنتظر التفاته الولاية، من أجل ترحيلهم إلى سكنات لائقة، كما لا يزال هذا الانشغال يتصدر شكاوى المواطنين خلال أيام الاستقبال على المستوى المحلي، من أجل إخراجهم من الأوضاع المزرية التي يعيشونها تحت الصفيح منذ عدة سنوات، وفي ظروف تنعدم فيها أدنى شروط العيش الكريم..

لا يتعلق الأمر ببيوت شيدت مؤخرا، بل بأحياء قديمة لم تعد تصلح للإيواء، والدليل هو ما يعيشه سكان بلدية براقي، التي ورغم أنها تخلصت من أكبر حي قصديري، وهو ديار البركة الذي رحل سكانه إلى منطقة بن طلحة، فإن هذه البلدية لا تزال تضم 16 حيا قصديريا على مستوى إقليمها، كما تضم حوالي 1500 عائلة تنتظر الترحيل، أكبرهم حيي الحرية و«مهدي بوعلام، اللذان يضمان أكثر من 200 عائلة لكل واحد منهما، بالإضافة إلى أحياء أخرى تتوزع بها العائلات.

حسبما أوضحه رئيس البلدية الحاج غازي لـ”المساء، فإن البلدية تحصي أيضا 4 مواقع لشاليهات منتهية الصلاحية، ينتظر أصحابها الترحيل العاجل، مشيرا إلى أن بلديته تحصي عددا هاما من سكنات القصدير، رغم استفادتها من عمليات إعادة الإسكان السابقة، لأنها كانت واجهة العاصمة في التسعينات، التي شهدت تشييد البيوت القصديرية لكل القادمين من خارج الولاية، كما أكد أن الواقع الآن مختلف تماما، حيث يتم الوقوف بالمرصاد أمام كل من يحاول بناء بيت قصديري، رغم التهديدات التي يتعرض لها رئيس البلدية شخصيا.

هدم بيوت فوضوية بعين البنيان وخرايسية

لا يختلف الأمر بالنسبة لبلدية عين البنيان، التي استقبلت آلاف العائلات، في إطار عملية إعادة الإسكان، ومن مختلف مناطق العاصمة، حيث لا تزال تحصي 5 أحياء قصديرية يتراوح عدد قاطنيها بين 80 و200 عائلة، وهي أحياء دفوس، توري أحميدة، وخير مبارك، والمنبع المعروف بـ«لا سورس، وحي لافونتان، حسبما أوضحه رئيس البلدية كريم ابلعيدن لـ«المساء، مشيرا إلى أن هذا الملف شائك وحساس، بالنظر إلى الظروف التي تعيشها العائلات التي وعدت بسكن لائق منذ فترة، دون أن يتحقق هذا الحلم إلى حد الأن.

لم يخف المتحدث محاولات إعادة تشييد بيوت قصديرية جديدة في عدد من المساحات عبر إقليم البلدية، أو توسيع تلك المواقع المتواجدة، والتي تتصدى لها السلطات المحلية من خلال تنفيذ عمليات هدم كل أسبوع، لوضع حد للتسيب الذي كان في السابق، والذي حول العاصمة إلى مدينة يحيط بها القصدير من كل جهة، دون الحديث عن الأحياء التي شيدت على ضفاف الوديان واستفاد أصحابها من سكنات، وهي الظاهرة التي لم تتخلص منها العاصمة بعد، مثلما يحدث بالحي الفوضوي صواشات التابع لبلدية الرويبة، الذي يزيد اتساعه بسبب عودة البنايات الفوضوية لوادي الحميز وانتشارها كالفطريات.

تعد صارخ على العقار الفلاحي بخرايسية

أما ببلدية خرايسية ذات الطابع شبه الريفي، فإن الملف أكثر تعقيدا، حيث لا يقتصر الأمر على القصدير، بل يتعداه لإنجاز بيوت فوضوية بالمستثمرات الفلاحية، مثلما أكدت مصادر محلية لـ«المساء، مشيرة إلى أن هذه البلدية تضم حاليا 550 عائلة تنتظر الترحيل بحي دكار القصديري المعروف بحوش لامار، الذي يعيش سكانه أوضاعا صعبة بسبب انعدام ضروريات الحياة، وبالقرب من الوادي، حيث تم إحصاء العائلات في 2007، ثم في 2013، غير أنه لم يتم ترحيلهم إلى حد الآن، بالإضافة إلى عائلات أخرى في بعض المواقع.

غير أن ما يقلق أكثر السلطات المحلية لبلدية خرايسية، هي البنايات الفوضوية المشيدة فوق أراض فلاحية، والتعدي الصارخ على العقار بهذه المنطقة، على غرار ما يحدث، حسب مصادرنا بالمستثمرات رقم 22 و9 و36 والمستثمرة رقم 24 الزيتون، ورقم 3 التي تحولت كلها إلى أحياء قصديرية، تشيد فيها بيوت يوميا، خاصة بعد تصنيفها كمناطق ظل، رغم أن البنايات أنجزت بدون رخص، حيث أكدت نفس المصادر، أن هناك قرارات هدم كثيرة صادرة من المجلس الشعبي البلدي، لم تنفذ بعد، آخرها كانت نهاية الأسبوع الماضي، حيث كان مقررا هدم 27 بناية فوضوية، تم تأجيل ذلك، حسب مصادرنا والتأشير على هذه البنايات بالأحمر، بقرار من الوالي المنتدب.

عدة أحياء قصديرية ببولوغين والرحمانية

نفس الأوضاع يعيشها القاطنون بالأحياء القصديرية لبلدية الرحمانية، حيث أكد رئيسها كرماني عبد القادر، أن انعكاسات تراكمات العهدات السابقة لا تزال إلى حد الآن، منها الأحياء القصديرية الموزعة بإقليم البلدية، وهي الحي القصديري دبيشي، حي فالي، حي الشنطبة، وحي عبديو، والتي تضم في مجموعها حوالي 500 عائلة تتطلع للترحيل بشغف كبير، إذ كانت آخر عملية عرفتها البلدية في جوان 2019، بالإضافة إلى الذين أودعوا الطعون في عمليات إعادة الإسكان السابقة.

أما بلدية بولوغين، فلا تزال هي الأخرى تحصي عددا معتبرا من الأحياء القصديرية، التي تضم حوالي 300 عائلة، موزعة حسب ما ذكره رئيس البلدية توفيق لوكال لـ«المساء، على أحياء سيدي بنور والينابيع، وهما أكبر حيين قصديريين بالمنطقة، إلى جانب أحياء سيمنفور أو الرصد الجوي، وجاييس، وياسف أرزقي، وبعض النقاط السوداء، مؤكدا أن آخر عملية ترحيل كانت في ديسمبر 2016، واستفادت منها حوالي 600 عائلة، بينما تم إحصاء العائلات الأخرى، في انتظار ترحيلها. وحسب المتحدث، فإن هناك محاولات لتشييد بيوت قصديرية جديدة يوميا، تقف لها السلطات المحلية بالمرصاد، من خلال الهدم الفوري الذي بلغ حوالي 20 بيتا قصديريا تم هدمه في السنوات الأخيرة.

ألف بيت قصديري ببئر خادم

من جهتهم، ينتظر سكان القصدير ببئر خادم عملية الترحيل، التي تحولت إلى مطلب يومي، مثلما أكده رئيس البلدية جمال عشوش لـ«المساء، مشيرا إلى أن بلديته رغم أنها استفادت من ترحيل 750 عائلة في العمليات السابقة، إلا أنها لم تطوي هذا الملف نهائيا، حيث تضم حاليا حي سيدي أمبارك الذي يضم حوالي 300 عائلة، وجيرو حوالي 400 عائلة، وهو من أكبر وأقدم الأحياء المشيدة منذ الثمانينات، فضلا عن حي مونو بـ250 عائلة، ملفاتها جاهزة ومدروسة، في انتظار إعادة الإسكان التي تنتظرها العائلات بفارغ الصبر.