بعد 20 سنة من زلزال بومرداس

برامج تنموية ضخمة لاستعادة بريق "الصخرة السوداء"

برامج تنموية ضخمة لاستعادة بريق "الصخرة السوداء"
  • القراءات: 742
حنان سـالمي حنان سـالمي

ستشهد ولاية بومرداس، السنة الجارية، توزيع أزيد من 14 ألف وحدة سكنية من مختلف الصيغ، على رأسها العمومي الإيجاري، بقرابة 5 آلاف وحدة، يليها البناء الريفي بأزيد من ألف إعانة مالية. كما ينتظر أن يطوى ملف السكن الاجتماعي التساهمي تدريجيا، بتوزيع آخر مشاريعه التي بقيت عالقة لسنوات، لأسباب متفاوتة، فيما ينتظر طي ملف الشاليهات بصفة نهائية، عن طريق القضاء على آخر المواقع المتبقية بصفة تدريجية. كما تسجل الولاية مشاريع تنموية كبرى في كل القطاعات دون استثناء، تهدف إلى استعادة بريق عاصمة الصخرة السوداء، مازالت بعض مخلفات زلزال 2003 بادية في بعض مواقعها.

تحل في تاريخ 21 ماي 2023، الذكرى 20 لزلزال بومرداس 2003، الذي خلف كارثة في الأرواح والممتلكات، حيث تشير وثيقة إحصائية لمصالح الولاية، إلى أن الزلزال خلف قرابة ألفي حالة وفاة وخسائر مادية تجاوزت 3 ملايير دولار. كما تسبب في تضرر أزيد من 95 ألف مسكن، منها أزيد من 11 ألف مسكن هدم بالكامل، ما أدى بالسلطات العمومية إلى الاستعانة في بادئ الأمر، بتنصيب 17818 خيمة عبر 94 موقعا مجهزا بكل المرافق الحيوية، بما في ذلك مراكز للشرطة، الحماية المدنية، الصحة، الحماية الاجتماعية وغيرها من المرافق، ليشرع مباشرة بعد ذلك في نصب 14917 مسكن جاهز (شاليه) موزع عبر 95 موقعا، بالإضافة إلى 97 مؤسسة تربوية جاهزة. ومباشرة بعد ذلك، انطلقت عملية إحصاء جميع المنكوبين والمتضررين، قصد التكفل العاجل بهم، من خلال تجنيد مختلف القطاعات، حيث خصصت إعانات مالية معتبرة للمساكن المتضررة، التي بلغ عددها الإجمالي 95221 مسكن، صنف حسب درجات الضرر ما بين "أخضر 2" إلى "أحمر5".

برنامج استعجالي ضخم لإعادة إسكان المنكوبين

لم تتوقف مجهودات الدولة بعد كارثة الزلزال عند هذا الحد، بل تم فور ذلك، إطلاق برنامج سكني استعجالي، ضم 8 آلاف وحدة سكنية موزعة عبر مختلف بلديات الولاية، بتجنيد العديد من المقاولات، سواء العمومية أو الخاصة، منها 5 دواوين للترقية والتسيير العقاري لكل من ولايات البويرة، بومرداس، المدية، تيبازة وتيزي وزو، إضافة إلى مؤسستين للترقية العقارية لكل من بومرداس وتيبازة. بالموازاة لذلك، أطلق برنامج ضخم آخر يقضي بترميم زهاء 84 ألف مسكن متضرر، ومنح إعانات مالية للمنكوبين، حسب درجة الضرر، سواء من أجل إجراء عمليات ترميم أو لإعادة البناء. وأكدت مصادر محلية، أنه تم التكفل نهائيا بقاطني السكنات الجاهزة من منكوبي الزلزال، بإعادة البناء أو الاكتساب أو إعادة الإسكان، هذا بالنسبة لأصحاب السكنات المنهارة (أحمر5). وتشير ذات الوثيقة، إلى أن 3233 عائلة اختارت الإعانة المالية المقدرة بـ100 مليون سنتيم، و81 عائلة منكوبة اختارت الاكتساب، أي شراء مساكن من مرقيين عقاريين، مع الاستفادة من منحة 100 مليون سنتيم، والبقية اختارت إعادة الإسكان، حيث أُعيد إسكان كل منكوبي الزلزال نهائيا. بعدها وزعت الشاليهات على الحالات الاجتماعية.

في هذا السياق، تشير نفس الحصيلة إلى أن عمليات إعادة إسكان قاطني الشاليهات في السنوات الأخيرة، سمحت بالقضاء على أزيد من 12 ألف سكن جاهز، أي نسبة 82 ٪ من أصل 14719 سكن جاهز تم تنصيبه، مع استرجاع حوالي 300 هكتار من العقار الموجه حاليا لإنجاز مشاريع عمومية، منها ما يقارب 100 هكتار لتوطين برامج سكنية بمختلف الصيغ، وكذا مرافق وتجهيزات عمومية كانت غير منطلقة لسنوات، بسبب عدم توفر الأوعية العقارية.

جهود لإزالة 2700 شاليه..

من جهة أخرى، تتواصل الجهود من أجل استكمال عملية إزالة ما تبقى من هذه الشاليهات، التي يقترب عددها حاليا من 2700 وحدة، بشكل تدريجي، ووفق جدول زمني محدد، تماشيا مع تقدم واستلام المشاريع السكنية الجاري إنجازها، حيث تشير الأرقام إلى القضاء على الشاليهات نهائيا عبر 22 بلدية، فيما تبقت عبر 10 بلديات بكل من: تيجلابين، الثنية، بني عمران ،عمال، برج منايل، جنات ، لقاطة وزموري، إضافة إلى أولاد عيسى وسيدي داود، بأعداد متفاوتة تتراوح ما بين 34 شاليها إلى 296 شاليها.. وينتظر ترحيل قاطنيها فور استلام المشاريع الجاري إنجازها. علما أنه يتوقع خلال السنة الجارية، توزيع حوالي 14286 وحدة سكنية في مختلف الصيغ، منها 4952 وحدة بصيغة السكن العمومي الإيجاري، و7284 وحدة بصيغة البيع بالإيجار، إضافة إلى 240 وحدة بصيغة السكن الاجتماعي التساهمي والترقوي المدعم. كما سيتم توزيع 330 وحدة بصيغة السكن الترقوي الحر، فيما سيسجل كذلك توزيع 1480 إعانة ريفية عبر مختلف بلديات الولاية. في المقابل، سجل الثلاثي الأول من العام الجاري 2023، إطلاق مشاريع إنجاز قرابة 5 آلاف وحدة سكنية جديدة في مختلف الصيغ، موزعة تقريبا على كل تراب الولاية. وينتظر بذلك، أن ترتفع الحظيرة السكنية في الولاية، بعد الانتهاء من إنجاز مختلف البرامج السكنية الجارية، لتصل إلى نحو 190 ألف وحدة سكنية في مختلف الصيغ.

برامج تنموية واعدة لاستعادة بريق عاصمة الفكر والإبداع

تعرف ولاية بومرداس، خلال السنوات الأخيرة، حركية تنموية ملحوظة في كل المجالات، بما فيها الثقافية والرياضية، من خلال دخول عدة منشآت وهياكل حيز الخدمة، منها المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية وعدد من المكتبات التابعة لها، إلى جانب عدد معتبر من الملاعب الجوارية. ناهيك عن إعادة بعث جملة من المشاريع الحيوية، كمشروع مستشفى 240 سرير بعاصمة الولاية، ومستشفى 120 سرير في بودواو، والمنتظر استلامهما في غضون 2023، ناهيك عن مشاريع واعدة لإنجاز مستشفى "الأمومة والطفولة" 80 سريرا ببلدية بومرداس، ومصلحة "الأمومة والطفولة" 60 سريرا بمستشفى برج منايل، إضافة إلى مستشفى 120 سرير ببلدية خميس الخشنة، غرب الولاية، وكذا مستشفى 60 سريرا ببلدية بغلية في الجهة الشرقية للولاية، مع مشاريع إنجاز 05 عيادات متعددة الخدمات بكل من بلديات خميس الخشنة وتيجلابين والأربعطاش وأولاد هداج وبرج منايل.

هذه المشاريع، ستسمح بإعادة ترتيب الخريطة الصحية في الولاية، تحسينا للخدمة العمومية. ولعل من بين أكبر المشاريع التنموية في ولاية بومرداس؛ الحظيرة الصناعية بالأربعطاش، المنتظر استلامها قريبا، بعد الانتهاء من تهيئتها كليا، وربطها بالشبكات القاعدية والأساسية، بما فيها الكهرباء والغاز، وتجري عملية ربطها بالماء، مع ترقب إطلاق مشروع محطة التطهير. هذه الحظيرة المنتظر أن تساهم بشكل كبير ومباشر في الدفع بعجلة الاقتصاد المحلي والوطني على السواء، حيث يتوقع أن توفر قرابة 25 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر... ناهيك عن تسجيل الولاية للعديد من المشاريع الحيوية الأخرى، على غرار محطة تحلية مياه البحر بقورصو، بقدرة 80 ألف متر مكعب يوميا، ومحطة تحلية أخرى بجنات، بقدرة 300 ألف متر مكعب، دون إغفال ترقب استلام الطريق الاجتنابي لمدينة بومرداس، الذي يمثل لوحده أهم مشروع في قطاع الأشغال العمومية، خصص له غلاف مالي ضخم، يصل إلى حد ألف مليار سنتيم للمشاريع التنموية بولاية بومرداس.

 


 

احتفالية عيد الطالب "19 ماي" بجامعة "أمحمد بوقرة".. 150 مشروع مسجل بحاضنة الأعمال

احتضنت جامعة بومرداس، الخميس الماضي، ندوة وطنية حول "إنشاء المؤسسات الناشئة كآلية للتشغيل"، ضمن الاحتفالية الخاصة بإحياء الذكرى 67 لليوم الوطني للطالب، المصادف لـ19 ماي من كل سنة. وقد جاء تنظيم الندوة، لتقديم شرح مستفيض حول آليات تحويل مذكرات التخرج، لإنشاء مؤسسات مصغرة، ضمن مساعي الجامعة قاطرة للاقتصاد الوطني.

نظمت جامعة بومرداس، الخميس المنصرم، أبوابا مفتوحة حول مختلف نشاطات الجامعة، لاسيما العلمية والبيداغوجية والبحثية والخدماتية للجامعة، حسبما كشف عنه الدكتور عبد الحكيم داوي، نائب عميد كلية التكنولوجيا ومسؤول مكتب الربط بين الجامعة والمؤسسات الناشئة، في تصريح لـ«المساء"، على هامش التظاهرة، موضحا أن هذه التظاهرة جاءت بمناسبة إحياء اليوم الوطني للطالب "19 ماي"، بمشاركة جمعية قدماء رؤساء النوادي العلمية للجامعة وعدة شركاء. كما قال بأن تنظيم ندوة وطنية حول "إنشاء المؤسسات الناشئة كآلية للتشغيل"، جاء لحث الطلبة على استغلال الفرص المتاحة أمامهم، من أجل خلق مؤسسات مصغرة وإنشاء مناصب شغل، خاصة بوجود إرادة سياسية، لتحقيق ذلك.

أشار الدكتور داوي، في هذا السياق، إلى أن حاضنة الأعمال بجامعة بومرداس، تسجل حوالي 150 مشروع ضمن قرار 75/12، المتضمن تحويل مذكرات التخرج إلى "ستارت-آب"، والذي بموجبه تمنح الجامعة للطالب شهادة التخرج، مصحوبة بشهادة "براءة اختراع/ مؤسسة ناشئة". هذه الخطوة، يقول المتحدث: "تسهل على الطالب إنشاء مؤسسة مصغرة، بالتالي خلق مناصب شغل تساهم في تقوية الاقتصاد المحلي والوطني على السواء". من جملة هذه المشاريع ـ يضيف محدثنا- هناك قرابة 50 مشروعا ينتظر أن يستلم براءة اختراع، تضاف لشهادة الماستر. كما أن 10 مشاريع استلم الطلبة أصحابها، الخميس المنصرم، شهادات "براءة اختراع" في احتفالية عيد الطالب، بحضور المدير العام للمعهد الوطني للملكية الصناعية. ومن بين هذه المشاريع ما تعلق بتغذية الأسماك، وأرضيات رقمية خدماتية، وكذا مشاريع بيئية باستعمال الذكاء الاصطناعي وغيرها.

في سياق استكمال التسهيلات المقدمة للطلبة، بهدف إنشاء "ستارت-آب"، أوضح الدكتور داوي، أن رئاسة جامعة "امحمد بوقرة" بصدد التحضير لتمكين هؤلاء الطلبة أصحاب شهادات "براءة اختراع/ مؤسسة ناشئة"، من محلات (بوكس) لتوطين مؤسساتهم الناشئة، بعد عملية تهيئة تجري حاليا على مستوى أحد الهياكل التابعة لمعهد المحروقات سابقا "كل هذا العمل ينصب ضمن مسعى تجسيد الالتزام 41 لرئيس الجمهورية، القاضي بجعل الجامعة قاطرة الاقتصاد الوطني"، يقول الدكتور داوي، مؤكدا أن جامعة بومرداس لم تتوقف عند هذا الحد، بل تعمل حاليا على تثمين شعبة "عنب المائدة"، من خلال اتفاقيات أبرمت بين كلية العلوم والغرفة الفلاحية، لتثمين هذا المنتوج، خاصة الصناعات التحويلية. علما أن الولاية تزود السوق الوطنية بأزيد من 50٪ من منتوج العنب.

تجدر الإشارة، إلى أن احتفالية "عيد الطالب 19 ماي"، تم خلالها تكريم السيدة مريم بوقرة، أخت الشهيد "امحمد بوقرة" قائد الولاية التاريخية الرابعة، الذي تحمل الجامعة اسمه. وكان ذلك بحضور السلطات الولائية، يتقدمهم الوالي يحي يحياتن، الذي وجه رسالة إلى الطلبة بذات المناسبة، مفادها استغلال كل الفرص المتاحة أمامهم، من أجل تحقيق النجاح، والمساهمة في استكمال مسيرة البناء والتشييد.