"المساء" تنقل واقع سكان ولاية الجزائر

العاصمة لا تخلو من "مناطق الظل"

العاصمة لا تخلو من "مناطق الظل"
  • القراءات: 1644
❊  نسيمة زيداني ❊ نسيمة زيداني

رصدت "المساء" خلال جولة قادتها إلى عدد من بلديات ولاية الجزائر، الكثير من المطالب التي رُفعت من طرف سكان مختلف المناطق التي اصطُلح على تسميتها "مناطق الظل"، التي حاول أصحابها تبليغ انشغالاتهم للمسؤولين من أجل التكفل بها، لكنها بقيت بدون استجابة، حسب تأكيد كل من التقينا بهم، فيما شرعت مختلف المصالح تجسيدا لأوامر السلطات العليا في البلاد، في رصد النقائص المسجلة في الميدان؛ بهدف برمجة المشاريع التي وعدت بها عقب جرد شامل سينتهي هذه الأيام.

شرع المنتخبون المحليون والولاة المنتدبون بالعاصمة في إعداد خطط عمل للنهوض بمناطق الظل ببلديات ولاية الجزائر، خصوصا أن الحكومة أمهلتهم كغيرهم من المسؤولين المحليين، شهرا واحدا على أقصى تقدير، للكشف عن كل النقاط السوداء، ورفع مطالب المواطنين والتكفل بانشغالاتهم قبل نهاية السنة الجارية.

صرخة المواطن مستمرة

أغلب حديث المواطنين مع "المساء" دار حول معاناتهم من مشكلة رفع النفايات من الشوارع وانقطاع الماء الصالح للشرب عن منازلهم، وتدهور شبكة الصرف الصحي وصعود المياه المستعملة إلى السطح، وانهيار شبكة الطرقات الحضرية، وما يترتب عنها من معاناة مع وسائل النقل، وهي معطيات بالنسبة للمواطنين تؤشر على فشل المسؤولين المحليين في تجسيد وعودهم وبرامجهم، فيما يعتبر، في المقابل، المنتخبون المحليون الأمر تجنيا عليهم وعلى مجهوداتهم؛ لأن كل المشاريع المبرمجة منذ تنصيبهم على رأس أغلب بلديات العاصمة، كانت من أجل ترميم البنية التحتية التي تسلموها منهارة عن آخرها، لاسيما أن الكثير من الأحياء لم تستفد من مشاريع تنموية منذ مدة.

سكان القصدير ينتظرون منذ 30 سنة

التقت "المساء" بممثل حي قايدي 2 ببرج الكيفان السيد يوسف، الذي رفع انشغال سكان الحي، المطالبين بترحيلهم بعد إقصائهم من عملية إعادة الإسكان لولاية الجزائر، حيث رفعوا شعارات ولافتات تحمل شعار "نريد سكنات قبل رمضان"، مؤكدين أنهم ينتظرن منذ أزيد من 30 سنة، فرصة الخروج من الواقع المزري الذي يعيشون فيه، وهو نفس المطلب الذي لمسناه بحي جعيدة ببرج البحري، حيث قالت سيدة إن المنتخبين المحليين طلبوا منهم خلال الأسابيع القليلة الماضية، جمع مستلزماتهم للترحيل في إطار عملية إعادة الاسكان التي تم برمجتها مؤخرا، لكنهم وجدوا أنفسهم ينتظرون لمدة تجاوزت الشهر بدون الحصول على ما وعدوا به، فيما تملّكهم الخوف، في حين أشارت المتحدثة إلى وجود حوالي 30 عائلة تعيش ظروفا صعبة.

أزمة النقل تتواصل بالمرسى منذ سنوات

وقفت "المساء" على أزمة النقل المستمرة ببلدية المرسى، حيث أكد السكان أنهم رفعوا هذا الانشغال منذ أزيد من 5 سنوات بدون ردة فعل من طرف المسؤولين، فيما أشاروا إلى أن بلديتهم لا تملك خط نقل مباشر يربط بلديتهم بالبلديات المجاورة ويمر عبر أحيائها، مؤكدين أنهم يجدون أنفسهم مجبَرين على التنقل إلى مدينة برج البحري مشيا على الأقدام، ومضطرين لاستعمال أزيد من حافلتين للوصول إلى بلديات مجاورة لا تبعد سوى ببضعة كيلومترات.

وبالمقابل، قال مسؤول بالمجلس الشعبي البلدي إن المشكل خارج نطاق البلدية، حيث وجّه أصبع الاتهام لمديرية النقل بولاية الجزائر التي لم تحرك ساكنا. وأشار إلى أن هناك فوضى تطبع خطوط النقل الرابطة بين بلديتي برج البحري وعين طاية، بسبب التجاوزات التي يقوم بها أصحاب الحافلات في غياب الرقابة، حيث يتعمدون عدم المرور على بلدية المرسى، لاسيما بحيّي تامنتفوست والمحجر، موضحا أن السكان يجدون صعوبات كبيرة في التحرك في غياب الحافلات وحتى سيارات الأجرة.

مشاريع تنموية حبيسة الأدراج بهراوة

تحدّث ممثلو بعض أحياء بلدية هراوة الواقعة شرق العاصمة، عن عدم تجسيد المشاريع المحلية الذي تم برمجتها ضمن البرنامج الانتخابي بالنظر إلى عدم تثبيتها وتحقيقها كاملة على أرض الواقع، حيث دعوا في هذا الإطار إلى استكمال المشاريع التنموية التي من شأنها إعادة بعث العمليات الحيوية في مختلف الأحياء، خاصة ما تعلق منها بفتح الطرق المؤدية إلى البلدية.

وأبدى محدثونا ارتياحهم لما أنجزه المنتخبون المحليون في ما يخص تطبيق البرنامج التنموي في قطاع الأشغال العمومية في شقه المتعلق بالطرق، حيث عبّروا عن ارتياحهم لفتح الطريق بين حيّي "البريدية" و«معمرية" الرابط بين بلديتي هراوة والرويبة، والذي ساهم في التقليل من ازدحام الطريق. كما ذهب مواطنون آخرون مذهبا آخر، وقالوا إن المنتخبين المحليين لم يحققوا لهم ما وعدوا به خلال الحملات الانتخابية السابقة، وتوقعوا تدارك ما فات من المشاريع خلال العهدات القادمة، مطالبين بالمرافق الضرورية، على غرار المؤسسات التربوية والهياكل الخدماتية والملاعب الجوارية.

محطة نقل رئيسة مطلب يتجدد

يطالب سكان هراوة بتهيئة محطة نقل؛ إذ أكدوا أنه رغم أهمية هذا المحور الذي يربط ثلاث بلديات، إلا أن المسافرين يجدون صعوبة في الوصول إلى مقاصدهم، بدءا ببلدية عين طاية عند مواقف المستشفى "سيركوف" و«ديكابلاج"؛ بغرض الوصول إلى هراوة والرغاية، حيث يضطرون للانتظار طويلا، أو العودة إلى المحطة الرئيسة بعين طاية.

وحسب أحد المواطنين، فإن مشاهد التدافع والازدحام تتكرر في كل مرة، خاصة أن هذه المواقف تبعد عن أحيائهم بمسافة طويلة، مثلما هو شأن حيّي "لعربي" و«أولاد معمر"، علاوة على غياب محطة رئيسة ببلدية هراوة.

الزيارة التي قادتنا إلى حي 225 مسكنا بالمحمدية جعلتنا نلاحظ اهتراء كبيرا في الطرق جراء الحالة الكارثية التي آل إليها بسبب الحفر والمطبات المنتشرة في كل ركن من أركانه، ناهيك عن الحالة المزرية التي يكون عليها هذا الأخير شتاء.

وأكد أحد المواطنين أن الطرق تشهد وضعية كارثية مع أول تساقط للأمطار، حيث تتحول الحفر والمطبات إلى برك ومستنقعات تغمرها المياه والأوحال، وهو الوضع الذي أصبح يقلق أصحاب المركبات لما تسببه لها من أعطاب؛ مما يتطلب التدخل لإعادة تعبيد الطرقات حتى يتمكن المواطنون من استعمالها بدون خطر. كما يطالب البعض الآخر من سكان بلدية المحمدية، بالملاعب الجوارية التي تُعد قليلة، إلى جانب طرحهم إشكالية القضاء على النفايات التي تنتشر في كل مكان.

غياب الأسواق الجوارية يؤرق سكان باب الزوار

من جهتهم، طرح قاطنو حي سوريكال بباب الزوار، مشكل غياب أسواق جوارية؛ الأمر الذي أصبح يؤرق السكان، الذين يضطرون للتنقل إلى المناطق المجاورة من أجل اقتناء مستلزماتهم وحاجياتهم اليومية، وهو ما يكلفهم مصاريف إضافية، الوضع الذي استغله أصحاب المحلات التجارية المتواجدة بالمنطقة لزيادة أسعار مشترياتهم.

وأمام هذا الوضع يطالب السكان السلطات المحلية ببرمجة مشروع تجسيد سوق يومي ببلدية باب الزوار، ضمن مشاريع التنمية.

أما بعين طاية فقد التقت "المساء" بعيّنة من الشباب خلال زيارة المنطقة، الذين أبدى العديد منهم امتعاضهم وتذمرهم الشديدين تجاه النقص الفادح في المرافق الترفيهية والرياضية التي تُعتبر متنفسهم الوحيد لقضاء أوقات فراغهم، في ظل غياب تام لمساحات وفضاءات لعب للأطفال، الذين لا يجدون مكانا للعب سوى في الطرق، معرضين بذلك أنفسهم للخطر، ومشيرين إلى كثرة الحوادث التي وقعت بسبب لعب الأطفال وسط الطرق.

والي العاصمة يعد بالتكفل بسكان الظل

قال والي العاصمة يوسف شرفة في إحدى خرجاته مؤخرا، إن الوضع الذي تعيشه بعض بلديات العاصمة والتي أُطلق عليها اسم "بلديات الظل"، مرفوض تماما، مؤكدا: "إننا نملك الإمكانيات لمواجهة المشكل، خاصة ما تعلق بغياب الماء والكهرباء والغاز والمدرسة...". ودعا الولاةَ المنتدبين ورؤساء الدوائر والمنتخبين المحليين، إلى الكشف عن النقاط السوداء، قائلا: "يجب عليكم النزول إلى الميدان للتكفل بحاجيات المواطنين والاستجابة لانشغالاتهم وتصحيح هذه الأوضاع، بدل البقاء في المكاتب واتخاذ القرارات، التي غالبا ما تكون بعيدة كل البعد عن الواقع؛ لأنها اتُّخذت انطلاقا مما وصلكم من تقارير لا تعكس الواقع المعيش؛ فهي تقارير منمَّقة لا سواد فيها ولا مناطق ظل، وإنما كل شيء على ما يرام".

وقد شكلت ولاية الجزائر في هذا الصدد، لجان مراقبة، تعمل ميدانيا بمختلف بلديات العاصمة للوقوف على النقاط السوداء ومراقبة عمل الولاة المنتدبين والمنتخبين المحليين. وستشرع الولاية في إطلاق المشاريع المحلية والتنموية عقب الوقوف على مطالب المواطن، علما أنه سيتم تسخير مبالغ مالية معتبرة للقضاء على مناطق الظل لتجسيد مشاريع لها علاقة بالبنى التحتية والمرافق الضرورية؛ كالطرقات والكهرباء والغاز وتوفير الماء والإنارة العمومية.