فيما تعددت المبررات والأسباب ببومرداس
التهاب أسعار الأسماك والسردين يتجاوز 700 دج
- 1231
حنان.س
تجاوزت أسعار السردين حدود الـ700 دينار، إلى جانب أنواع أخرى من الأسماك، مثل "اللاتشا" الذي يباع بنفس السعر للكليوغرام، فيما وصل سعر "الميرلان" إلى 1200 دينار، و«الروجي" إلى 800 دينار والجمبري الملكي 2700 دينار، الأخطبوط 600 دينار، "السيبيا" 850 دينارا وكلب البحر 650 دينارا في أسواق بومرداس ثالث أهم ولاية منتجة للأسماك على المستوى الوطني بمعدل 9 آلاف طن سنويا. وإن كانت لهذه الزيادة مبررات كثيرة، حسب مهني قطاع الصيد، إلا أن المواطنين اشتكوا ارتفاع أسعار الأسماك، وطالبوا بفرض مزيد من الرقابة على الأسواق للتحكم في الأثمان.
عدّد صيادون من ميناء زموري في ولاية بومرداس، في حديثهم إلى "المساء"، أسباب ارتفاع أسعار أنواع الأسماك وعلى رأسها السردين الذي وصل إلى 700 دينار، فيما تجاوزت أسعار أنواع أخرى حدود الألف دينار، فحصروها في سوء الأحوال الجوية هذه الأيام، مما يعيق خروج الصيادين إلى عرض البحر، إلى جانب فترة الراحة حاليا التي تبدأ من نوفمبر إلى فيفري، حيث ينقص السردين تحديدا ويبدأ موسم جديد من مارس إلى سبتمبر، وهي الدورة الطبيعية التي يتكاثر فيها هذا النوع من الأسماك المحبوب والمطلوب.
كما توجد أسباب تتعلق بارتفاع أسعار الخدمات المتعلقة بالبحر، أهمها صيانة السفن وأسعار المازوت، وغلاء شبكات الصيد التي كثيرا ما تتعرض للتمزق وما تكلفه عملية الترقيع، دون إغفال أجور البحارة العاملين على متن السفن ويختلف عددهم من 10 إلى 17 بحارا، حسب حجم السفينة أو "السردينيي"، وكذا تكاليف الضمان الاجتماعي التي قد تكلف الـ60 مليون سنتيم لرئيس السفينة سنويا حتى وإن سجل ضعفا كبيرا في الصيد، بالتالي المدخول المادي.
كما ذكر الصيادون أسبابا أخرى تتعلق بالتلوث الذي أثر سلبا على توفر أكل السردين أو "البلوكتون" بما يؤثر على توفره هو الآخر، إلى جانب عمل سفن الجيّاب أو "الشالوتيه" الذي يصطاد أنواع الأسماك على عمق 3 أميال بحرية، مخلفا دمارا على البيئة البحرية. فمثلما يدل عليه اسمه فإنه يلم في طريقه بعد رمي الشباك، كل ما يعلق في هذه الأخيرة، يقول الصياد محمد سفرون، موضحا أن هذا الأمر يؤثر كثيرا على الدورة البيولوجية لبعض أنواع الأسماك، مبرزا أن أحسن غلة صيد هذه الأيام لا تتجاوز 10 صناديق بسبب قلة السردين، مشبها هذا الأخير بأسراب "الزرزور" المهاجرة، مؤكدا أن ارتفاع أسعاره تخضع لقانون العرض والطلب تماما مثل المنتوجات الفلاحية، مفندا الإشاعات التي تشير إلى رمي السردين في عرض البحر حتى يبقى سعره مرتفعا. لافتا أيضا إلى المضاربين ممن يعيدون بيع صناديق الأسماك مرتين إلى ثلاثة، مما يجعل أسعار الأسماك تقفز أكثر، مع تهافت أصحاب المطاعم على شراء كميات كبيرة، مما يجعل الكمية التي تخرج إلى سوق التجزئة قليلة مقارنة بالطلب حولها.
من جهته، أكد الصياد أحمد باندو نقص الصيد عموما بحوالي 80% في السنوات الأربع الأخيرة، وقال إنه شخصيا كان يخرج من رحلة صيد يومية من قبل بحوالي 150 صندوق سردين، واليوم لا يتعدى الرقم العشرة صناديق في أحسن الأحوالو مما يجعل الطلب يزداد والعرض في تناقص. وهو نفس ما أكده الصياد يونس سعيد، حينما اعترف بارتفاع ثمن السردين وباقي أنواع السمك، مرجعا السبب كذلك إلى سوء الأحوال الجوية خلال هذه الأيام، مما يسبب "بطالة تقنية للحواتين". فيما لفت الصياد عبد الحكيم كرشو إلى أن قلة السمك عموما في البحر أمر طبيعي في هذه الفترة من السنة، لينتعش بداية من الربيع: "لذلك نعوضه بتربية المائيات، حيث أعمل في مستثمرة خاصة أنشئت قبل أربع سنوات في عرض بحر زموري لتربية سمك القاروس والقاجوج، والنتائج حسنة رغم الصعوبات ومنها تلف الشبكة وتكسر الصناديق بسبب سوء الأحوال المناخية"، يقول الحوّات.
هناك سبب آخر جعل أسعار الأسماك تعرف ارتفاعا مؤخرا، ويتعلق بوصوله إلى ولايات الهضاب والجنوب الكبير بفضل النقل المبرد، مما فتح أسواقا أخرى، بالتالي تزايد الطلب أمام محدودية العرض، يقول السيد اسماعيل حواس رئيس الغرفة الولائية للصيد البحري وتربية المائيات في حديث إلى "المساء"، موضحا أيضا وصول الأسماك إلى المناطق النائية بفضل مشروع الدرجات النارية المبردة في سياق اتفاقية مع وكالة "أونساج"، مما سمح باستخدام 19 دراجة نارية مبردة تسعى من خلالها الغرفة إلى التحكم أكثر في تجارة المنتوجات البحرية، يقول المسؤول، ملفتا كذلك إلى خلق أسواق جملة للأسماك بكل من زموري البحري ورأس جنات ودلس، إضافة إلى مسمكات بالكرمة في بلدية بومرداس وبرأس جنات، إلى جانب تسجيل طلب بفتح مسمكات أخرى في كل الأسواق الجوارية البلدية للتحكم كذلك في تجارة الأسماك، دون إغفال مشاريع مستثمرات تربية المائيات التي تأتي دعما لمسعى مضاعفة الإنتاج والتحكم في الأسعار، يضيف نفس المسؤول، مشيرا إلى وجود 3 مستثمرات بكل من زموري ورأس جنات لإنتاج أسماك "اللّو" و«الدوراد"، في انتظار دخول عقود امتياز لـ25 مستثمرة في هذا المجال بهدف الوصول إلى إنتاج 8 آلاف طن من الأسماك بحلول عام 2020، لتضاف إلى 9 آلاف طن حاليا، مما يجعل ولاية بومرداس قادرة على الموازنة بين العرض والطلب في مجال الأسماك محليا، والمساهمة في نسبة توفير المنتوجات البحرية وطنيا مستقبلا، يؤكد اسماعيل حواس.
خدمات صحية دون المستوى المطلوب
يشتكي العديد من المواطنين من سوء الاستقبال على مستوى مختلف الهياكل الصحية ببومرداس، ناهيك عن نقص الوسائل والعتاد الطبي، إلى جانب الإهمال الذي تجلت إحدى صوره بمصلحة الأمومة والطفولة في الولاية، جعلت سيدة تضع مولودها قبيل أيام في المنزل بعد رفض التكفل بها في المصلحة. وسيدة أخرى لم تستقبل هي الأخرى بحجة عدم الاعتراف بتقرير صادر عن طبيبة من القطاع الخاص. وفي هذا السياق، صرح مدير الصحة للولاية د.فاتح حداد لـ«المساء»، أنه لا يمكن وضع مراقب وراء كل عامل صحة، مبديا تأسفه للإهمال رغم المجهودات المبذولة في سبيل تحسين الخدمات لترقية الصحة العمومية.
يبدو أن توصيات وزير الصحة بتحسين الاستقبال على مستوى الهياكل الصحية، لم تجد بعد طريقها إلى التنفيذ في ولاية بومرداس، فقد أكد مواطن في حديثه إلى "المساء"، أنه أجلى زوجته الحامل إلى مصلحة الأمومة والطفولة في عيادة "لوصبا" بعد أن أكدت طبيبتها المعالجة أمر الولادة الوشيكة، لكن تم رفض استقبال الحامل من طرف القابلة بحجة أن هذه الأخيرة لا تعترف بتقرير صادر عن الطبيبة المختصة من القطاع الخاص، وتم توجيها إلى مستشفى الثنية، حتى يتم فحصها وإرسالها مجددا لمصلحة الأمومة إن لزم الأمر، يضيف المواطن الذي أكد من جهة أخرى أنه لسوء حظ القابلة والمسؤولة المنسقة، أنه وراء الحامل "معارف صحاح"، حسب تعبيره، موضحا أنه لولا تدخل "المعريفة" سواء على مستوى العيادة ذاتها أو مستشفى الثنية، لكان مصير زوجته شبيه بمصير امرأة، وضعت مولودها في بيتها قبيل أيام بعد أن تم رفضها من طرف نفس المصلحة بنفس العيادة متعددة الخدمات.
وبامتعاض شديد للأوضاع المؤسفة التي تعرفها الهياكل الصحية من سوء استقبال المرضى، أكد نفس المواطن أنه تعرض لإهانة أخرى من طرف طبيبة على مستوى الاستعجالات التي اكتفت، حسبه، بإعادة إرجاع الحامل لمصلحة الأمومة "لوصبا" وطلب إجراء فحص "ار.سي.اف" غير المتوفر بالمستشفى، بل تحدثت نفس الطبيبة بطريقة فظة معه، بعد أن طلب تقريرا يُسهل على الحامل العودة إلى "لوصبا" ولا يتم رفضها مجددا، فلم تتحرج الطبيبة من الإجابة بجملة: "لالا نعطيلك الكارني دو فامي خير"، يقول المواطن متسائلا عن سبب إهانة المواطنين والمرضى من طرف بعض أصحاب المآزر البيضاء، مطالبا بتدخل الجهات الوصية لإيقاف مثل هذه المهازل.
نشير إلى أن مصلحة الأمومة والطفولة التابعة لـ«لوصبا"، كانت في عدة مناسبات مسرحا لخلافات كبيرة بين مواطنين يطالبون بحقهم في خدمات صحية حسنة، خاصة أيام تلقيح الأطفال، حيث يضطر المواطنون إلى التوافد على المصلحة بعد الفجر لضمان الظفر بمكان، إذ يتم الامتناع عن استقبال المواليد بعد الساعة التاسعة، موعد بدء عمل طاقم تلقيح الأطفال بحجة الاكتفاء بعدد الأطفال المستقبلين قبل بدء الدوام.
مصدر مسؤول من مديرية الصحة لبومرداس، أكد لـ«المساء" أن العيادة متعددة الخدمات للولاية كانت سببا للعديد من "وجع الرأس" للمديرية، وهو ما يستدعي إجراء تدخل عاجل في سبيل تحسين الأوضاع بما يتماشى مع المجهودات الجبارة التي تقوم بها الدولة لترقية الخدمات الصحية.
من جهته، أكد د.فاتح حداد في تعليقه عن الإهمال وسوء التسيير "بأنه لا يمكن وضع مراقب وراء كل عامل صحة"، مبديا تأسفه عن مثل تلك الحالات، مؤكدا على امتلاك مستشفى الثنية لـ10 أجهزة فحص "ار.سي.اف"، وهو ما يؤكد الإهمال الواضح الحاصل في بعض المؤسسات الصحية.