تزامنا والوضع الحالي للبلاد

الأسواق الموازية بالعاصمة تعود بقوة

الأسواق الموازية بالعاصمة تعود بقوة
  • القراءات: 2513
❊استطلاع: نسيمة زيداني ❊استطلاع: نسيمة زيداني

عادت صور الفوضى بمختلف بلديات العاصمة، بسبب الانتشار الواسع للتجارة الموازية في الساحات العمومية وحواف الطرقات وداخل الأحياء الشعبية، حيث استغل التجار الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد وغياب الرقابة؛ لعرض سلعهم التي تشوبها الشكوك في صلاحيتها، للعودة إلى عرض مختلف المنتجات في الشارع، بعد أزيلت كل الأسواق غير الشرعية خلال الأشهر الماضية بقرار من السلطات العليا.

«المساء» قامت بزيارة استطلاعية للأسواق الفوضوية المعروفة، أهمها سوق باش جراح الذي يعرف حركة تجارية كبيرة تزامنا مع حلول شهر رمضان، إلى جانب رصد نشاط التجار غير الشرعيين، الذين اكتسحوا في المدة الأخيرة طرقات حي البدر بالقبة وبراقي والكاليتوس والحراش وغيرها من أحياء بلديات العاصمة.

فرصة التجار للبيع غير الشرعي

استغل التجار غير الشرعيين فرصة رمضان المبارك لتوسيع رقع البيع العشوائي والفوضوي ببلديات الجزائر العاصمة أمام مرأى ومسمع المسؤولين، حيث عادت هذه التجارة التي عرفت تناميا كبيرا من جديد، في صور شوّهت منظر مختلف الأحياء، فيما شرعت مديرية التجارة في وقت سابق، في حملة واسعة لطرد الباعة الفوضويين من الأسواق المنظّمة باستعمال القوّة العمومية، بينما عادت التوسّعات التجارية بأحياء الولاية، لتُحكم قبضتها من جديد، وتفرض أسعارا قد تكون مناسبة في الكثير من الأحيان، ومرتفعة جدا في بعض الأماكن الأخرى، في حين وجد المواطن البسيط نفسه بين مطرقة الأسعار الملتهبة التي يفرضها باعة الأسواق الجوارية وبين سندان السلع الفاسدة التي يروّج لها بعض الباعة غير الشرعيين.

واقتربت «المساء» من بعض التجار الفوضويين، الذي أكّدوا أنّ إقبالهم على فتح مثل هذه النقاط غير المرخصة لبيع الخضر والفواكه وكذا المواد الاستهلاكية سريعة التلف، ما هو إلا خيار جيد لهم أمام غياب البديل، مشيرين في معرض حديثهم، إلى أنّ المصالح المحلية لم توفر أيّ أسواق جوارية خاصة، ولا أسواق تنشط على مدار السنة، فيما صادفنا وجود باعة ينشطون في هذه الأسواق الموازية رغم أنهم يملكون محلات في الأسواق المنظّمة.

وقال أحد التجار من باش جراح إنّه لا يملك محلا وهو متفرّغ لإحدى الطاولات التي يضعها كلّ صباح على حافة الطريق، مضيفا أنّ نشاطه يدرّ عليه مبالغ لا بأس بها، تغنيه عن التوجّه إلى أمور أخرى.

مواد غذائية فاسدة في سوق باش جراح

زائر بلدية باش جراح يلاحظ الوضع الكارثي الذي آل إليه السوق الفوضوي، الذي أصبح يثير غضب سكان المنطقة بالدرجة الأولى، حيث يؤكّد الكثير من سكان الحي الذين تحدثوا مع «المساء»، أنّ مصالح البلدية أهملت السوق حتى أصبح الباعة يعرضون ما يريدون من بضائع بالطريقة التي يرونها مناسبة لهم ولو على حساب صحة المواطن وسلامته.

وأوضح بعض سكان المنطقة أن الباعة الفوضويين تمادوا في مخالفاتهم، مستغلين غياب الرقابة من قبل السلطات المحلية، الأمر الذي أدى إلى تحوّل المنطقة إلى سوق كبير لبيع الملابس ومختلف السلع، لاسيما المواد الاستهلاكية سريعة التلف، وإن صح القول السلع الفاسدة، كما هي الحال بالنسبة للمواد الغذائية كالأجبان والحلويات والخضر والفواكه، فمثل هذا النوع من السلع يبقى عرضة لأشعة الشمس مدّة طويلة، ناهيك عن الغبار المتطاير حولها، ما يتسبّب في العديد من الأمراض التي من شأنها أن تخلّف أضرارا كبيرة على الصحة العمومية.

ونحن نتجوّل في السوق كان يصعب التقدم بالنظر إلى الاكتظاظ الكبير والانتشار الواسع للباعة، إذ تأثرت حركة المرور وحركة الراجلين بسبب احتلال الباعة كلّ المنافذ والأرصفة وحتى وسط الطريق، واتّخاذهم لها مكانا للبيع، وهو الأمر الذي أصبح يستلزم اتّخاذ إجراءات ردعية من طرف مصالح البلدية وجهاز الأمن؛ بغية القضاء على هذه المظاهر السلبية التي شوّهت المنطقة.

الطرقات والأرصفة لم تَسلم من الفوضى

وغير بعيد عن باش جراح وتحديدا في حي البدر باتجاه بلدية القبة، وجدنا أنّ الحي ممتلئ بالنقاط السوداء المنتشرة على حواف الطرقات، حيث يمارس مجموعة من الشباب نشاطهم يوميا بطريقة فوضوية، متسببين في عرقلة حركة السير على مستوى هذا المسلك. ورغم عمليات التطهير التي باشرتها السلطات في وقت سابق من خلال شنّ حملة واسعة لتطهير المكان من الباعة، إلاّ أنها عادت، حيث يختفي التجار أياما، ليعودوا من جديد وإن لم نقل لساعات، وهو ما يجعل القائمين على النشاط التجاري ومصالح الأمن، يمارسون لعبة القط والفأر مع الباعة الفوضويين؛ لعدم خلق فضاءات تجارية بديلة ناجعة، تسمح للتجار بمزاولة نشاطهم فيها.

ودفعت الأسواق العشوائية ببعض أصحاب المحلات إلى إخراج سلعهم إلى الشارع، حيث إنّ جلّ من تحدثنا إليهم أكّدوا أن البيع في الطاولات يوفّر ربحا أكثر ويجلب الزبائن عكس المحل، فيما أخبرنا آخرون بأنّ هذه الطاولات هي مصدر رزقهم الوحيد، والسبيل الأمثل أمام غياب البديل.

الحراش.. بدون تعليق

أما بمدينة الحراش فقد عادت الأسواق الفوضوية بعد ما تمّ القضاء على الكثير من النقاط السوداء بها خصوصا منها سوق «بومعطي»، ورغم المحاولات المتكرّرة للسلطات العمومية والمصالح المختصة إلاّ أنّ الوضع لم يعمّر طويلا، ليعود نشاط التجار الفوضويين بقوّة، إذ أصبح في الوقت الحالي من الصعب تحديد المساحة الحقيقية لسوق «بومعطي» الفوضوي؛ فهو ينتشر بصورة عشوائية بين المجمعين السكنيين وبمحاذاة المتوسطة، إذ أصبحت طاولات الباعة تتمركز كالفطريات في أرجاء المنطقة، وهي في تزايد ملحوظ خصوصا مع حلول الشهر الفضيل.