في خطوة، اعتبرها كثيرون منعطفًا مهمًا في مسار تنظيم المدينة، وتحسين جودة الحياة داخل النسيج الحضري، أعلن رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية غليزان، عن قرار يقضي بإلغاء جميع رخص استغلال الأرصفة الممنوحة سابقًا لممارسة الأنشطة التجارية، وهو القرار الذي كان متبوعا بحملة تطهير شملت مختلف شوارع المدينة من المظاهر السلبية المؤثرة على النسيج الحضري.

يأتي هذا القرار، الذي دخل حيّز التنفيذ، منذ 7 ديسمبر الجاري. في إطار سياسة محلية جديدة، تسعى إلى فرض الانضباط في الفضاء العمومي، ووضع حد نهائي لظاهرة التوسع غير القانوني للمحلات و"البسطات” نحو الأرصفة، التي تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى نقاط ازدحام وأماكن تعيق حركة المواطنين والمركبات، على حدّ سواء.

تحرير الأرصفة استرجاع لحق المارة

يعكس هذا القرار، إرادة واضحة لدى السلطات المحلية في إعادة الأرصفة إلى وظيفتها الأصلية كفضاء آمن ومخصص للمارة. فقد أصبحت، العديد من شوارع غليزان، وخاصة المحاور التجارية الكبرى، تشهد انتشارًا واسعًا للبضائع الممتدة على طول الأرصفة، ما حرم الراجلين من حقهم الطبيعي في التنقل، واضطر العديد منهم إلى استعمال الطريق العام وسط حركة السيارات، وخلّف وضعيات خطيرة وتسبب في العديد من الحوادث. وتشير مصادر من البلدية، إلى أن هذا القرار، جاء عقب تقارير ميدانية ومعاينات مباشرة أظهرت حجم الانشغالات التي عبّر عنها المواطنون منذ سنوات.

إخلاء فوري وإجراءات ردعية مشدّدة

وجهت بلدية غليزان، نداءً رسميًا، إلى جميع الباعة والتجار بضرورة إخلاء الأرصفة فورًا من كل السلع والعتاد واللافتات، مؤكدة، أن مصالحها ستكون في الميدان تنفيذا لهذا القرار. وهو ما تم تسجيله فعلا ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء بمختلف محاور المدينة، أين تم إزالة الأكشاك والتوسعات العشوائية للمحلات التجارية، وقد شدّدت مصالح البلدية، على أن أي مخالفة ستُواجه بالحجز الفوري لكل الوسائل المستعملة في التعدي على الفضاء العمومي، مع اتخاذ إجراءات قانونية صارمة، وفق التشريعات الجاري بها العمل.

وتؤكد مصادر من داخل المجلس الشعبي البلدي، أن هذه المرة، ستكون مختلفة عن الحملات السابقة، إذ تعمل السلطات المحلية، على وضع آليات متابعة دائمة وتكثيف الدوريات، لضمان احترام القرار واستدامته، في خطوة تهدف إلى قطع الطريق أمام محاولات العودة إلى الفوضى.

القرار بين دعم المواطنين وتخوّفات التجار

لقي قرار إلغاء جميع رخص استغلال الأرصفة، الممنوحة سابقا لممارسة الأنشطة التجارية، استحسانًا واسعًا لدى فئة كبيرة من سكان غليزان، الذين عبّروا عن ارتياحهم لهذه الخطوة التي طال انتظارها. فالكثير منهم، يشتكون منذ سنوات، من انسداد الأرصفة واضطرارهم إلى التزاحم وسط الطرقات، ما أحدث حالة من الفوضى، خاصة في الفترات التي تعرف كثافة في الحركة التجارية والمروية.

في المقابل، يرى بعض التجار، أن القرار، قد يضعهم أمام تحديات جديدة، خاصة أولئك الذين اعتادوا على استغلال جزء من الرصيف لعرض بضائعهم. ويعتقد هؤلاء، أن نجاح القرار يبقى مرتبطًا بإيجاد بدائل مناسبة، مثل تخصيص فضاءات تجارية منظمة أو أسواق جوارية، يمكن أن تستوعب الأنشطة التي كانت تعتمد على الأرصفة.

خطوة نحو مدينة أكثر تنظيمًا وجاذبية

تسعى بلدية غليزان، من خلال هذا القرار، إلى إعادة رسم ملامح مدينة أكثر تنظيمًا واحترامًا لقواعد العمران الحضري، وإلى تحسين الصورة العامة للمدينة، التي عانت من مظاهر فوضوية شوهت منظرها لسنوات. كما يندرج القرار، ضمن سياسة شاملة تهدف إلى تعزيز جاذبية الفضاءات العامة، وتشجيع نمط حياة حضري أكثر أمانًا ونظامًا.