طباعة هذه الصفحة

أساتذة بالعاصمة يتغيبون بسبب التكوين والعطل المرضية

أولياء التلاميذ يطالبون باستدراك الأمر قبل فوات الأوان

أولياء التلاميذ يطالبون باستدراك الأمر قبل فوات الأوان
  • القراءات: 699
زهية. ش زهية. ش
يعيش الكثير من أولياء التلاميذ، خاصة المتمدرسين بالمرحلة الابتدائية، قلقا مستمرا على مستقبل أبنائهم الدراسي، بسبب العطل المرضية المتكررة للأساتذة وغياب المعلمين الجدد الذين إلتحقوا بالأطوار التعليمية الثلاثة، مع بداية الدخول المدرسي الماضي، نتيجة خضوعهم لتكوين تطبيقي بيداغوجي مستمر، كون أغلبهم من فئة الشباب المتخرجين من الجامعة، حيث تنعكس تلك الغيابات على مستوى التلاميذ وإتمام المقرر الدراسي، مثلما اتضح من نتائج الفصل الأول التي كانت مخيبة لآمال الكثير من الأولياء.
... وفي هذا الصدد، ذكر الكثير من أولياء التلاميذ بالعاصمة، أن أبناءهم الذين يدرسون لدى الأساتذة الجدد، تراجع مستواهم بشكل مثير للانتباه، خاصة في اللغات الأجنبية بسبب ضعف المستوى البيداغوجي للمعلمين الذين تم توظيفهم لتعويض المتقاعدين، الذين افتقد القطاع خبرتهم وتجربتهم الطويلة في التدريس، وتم اللجوء إلى المتخرجين الجدد من الجامعات الذين شرعت الوصاية في تكوينهم وإعطائهم فرصة لكسب الخبرة، غير أن غيابهم المتكرر عن الأقسام ينعكس سلبا على تلامذتهم، خاصة أن استدراك الأمر يكون بتكثيف الدروس لتعويض ما فات منها، بينما يجد مديرو المدارس أنفسهم في حرج كبير أمام الأولياء الذين عبروا عن مخاوفهم من الانعكاس السلبي لتكوين الأساتذة الجدد في أوقات العمل على نتائج أبنائهم، الأمر الذي يتزامن أيضا مع عطل مرضية مستمرة قد تعصف بمستوى الكثير من التلاميذ، خاصة بالنسبة للفصل الحالي الذي يعتبر قصيرا ولا تتجاوز مدة الدراسة فيه شهرين ونصف، مقارنة بالفصل الأول والثالث، إذ يطالب الأولياء باختصار فترة التكوين في العطل فقط وتجنب إسناد تدريس التلاميذ المرشحين لاجتياز امتحانات رسمية لهؤلاء الأساتذة والسعي لتعويض المتغيبين بسبب العطل المرضية، وهو المشكل الذي يطرح بحدة بمدرسة عمر بن عبد العزيز بحسين داي التي أصبح عدد من تلاميذتها ضحايا الغيابات المستمرة للأساتذة، خاصة مدرسي اللغة الفرنسية التي أصبحت شبه غائبة عن المقرر الدراسي بسبب عدم توفير الأستاذ البديل.

اتحاد أولياء التلاميذ: التكوين قبل التوظيف وليس بعده
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس اتحاد أولياء التلاميذ السيد أحمد خالد لـ«المساء» أن غياب هؤلاء وفي جميع الأطوار يؤثر على التلاميذ وخاصة طلبة السنة النهائية الذين يدفعهم ذلك للمطالبة بالعتبة، معتبرا أن حالات الغياب رغم أنها مؤقتة واستثنائية، إلا أنها تؤثر على التلاميذ الحاليين في انتظار إتمام مرحلة التكوين التي تدوم 3 سنوات على الأقل، مشيرا إلى تأكيد وزيرة التربية في بداية الموسم الدراسي الحالي على توظيف المتخرجين من المعاهد العليا للأساتذة التي أصبحت ناقصة بعد غلق المعاهد التكنولوجية التي تستغل في التكوين، حيث اضطرت الوصاية إلى تكوين حاملي الشهادات الجامعية من طرف زملائهم من ذوي الخبرة، لكن دون إيجاد بدلاء للمتغيبين أثناء التكوين والعطل المرضية، خاصة أنه لم يتبق الكثير من الفصل الثاني.
وحسب السيد أحمد خالد، فإن الاعتماد على الأساتذة الجدد الناجحين في المسابقات الذين يخضعون للتكوين تعتبر حتمية، حتى لا يترك التلميذ بدون أستاذ، وهي مرحلة مؤقتة في انتظار إعادة فتح المعاهد التكنولوجية للتربية التي كانت موجودة سابقا، قبل أن تغلق من طرف الوزير السابق أبو بكر بن بوزيد، حيث تطالب كل النقابات بإعادة فتحها لإبقاء التكوين الذي يخضع له الأستاذ قبل شروعه في عملية التدريس، عكس ما يحدث الآن، الأمر الذي جعل ملف استرجاع المعاهد التكنولوجية لاستغلالها في التكوين المتخصص وتوسيع الشبكة الوطنية للمدارس العليا للأساتذة من بين المطالب الملحة لمختلف النقابات.
من جهة أخرى، دعا رئيس اتحاد أولياء التلاميذ الأولياء إلى التبليغ عن المبالغة في الغيابات غير المبررة وعدم السكوت عن هذه الوضعية، مشيرا إلى أن أغلب الذين مسهم التوظيف من المعلمين الجدد هم من النساء اللواتي لا يكلف أغلبهن أنفسهن عناء إعداد المذكرة أوالبطاقة التقنية للدرس، التي تعد سلاح الأستاذ وبطاقة فنية تتضمن ملخص خطوات الدرس وتعكس شكلا ومضمونا مجهوده، حيث يقمن بجلب بهذه المذكرة من الزملاء لانشغالاتهن العديدة، وهذا يؤثر مباشرة عما يقدم للتلميذ، فضلا عن أن الكثير من الجامعيين الذين وظفوا في السنوات القليلة الماضية، لا يتمتعون بمستويات تؤهلهم لأن يكونوا في التعليم، مثلما ذكرت لـ«المساء» إحدى المعلمات التي لديها خبرة تفوق سنتين (20)، مؤكدة أن بعض ممن تم توظيفهم لا تنقصهم الخبرة فقط، بل ليس لهم علاقة بالتعليم، رغم أنهم يحوزون على شهادات جامعية، وذلك نتيجة غلق معاهد التكوين التكنولوجية.
وما عمق المشكل أكثر - حسب رئيس اتحاد أولياء التلاميذ السيد أحمد خالد - هو عطلة الأمومة والمرض التي تسبب تأخرا في الدراسة بالنسبة للتلاميذ، فضلا عن أن 10 بالمائة فقط من النساء العاملات في قطاع التعليم يعملن بضمير مهني، بينما الباقي يبحثن عن حجج للتغيب عن المدرسة من خلال العطل المرضية الطويلة أو القصيرة المدة، حيث يتلقى مديرو المؤسسات التربوية آلاف العطل، نسبة كبيرة منها مزيفة، مما يجعل التلميذ مضطرا إلى انتظار أستاذه الذي غاب دون أن يتم استخلافه، وهذا ما يفسر تدني نتائج التلاميذ الذين يدرسهم هؤلاء الأساتذة الذين تناسوا العمل النبيل الذي كلفوا به وهو تلقين الدروس بكل أمانة للأجيال.
وفي هذا الصدد، ذكر لنا بعض أولياء التلاميذ أن العديد من الأساتذة غاب ضميرهم المهني عكس السنوات الماضية التي كان فيها الأستاذ لا يجرأ على التغيب بدون عذر، بالرغم من الإمكانات الضئيلة والأجر القليل الذي كان يتقاضاه، مما جعل أغلبية الأولياء يلجأون إلى الدروس الخصوصية لتعويض ما فات، وهي وسيلة أخرى وجد فيها العديد من الأساتذة فرصة لربح المزيد، مقابل تراجع عطائهم داخل القسم، بينما تركز أغلب النقابات في مطالبها على الجانب المادي دون التطرق إلى الانعكاس الخطير لتهاون بعض الأساتذة في أداء مهامهم النبيلة.

الغيابات.. نتيجة حتمية للأمراض المهنية 
على صعيد آخر، يشكل ملف الأمراض المزمنة والمهنية وسط الأساتذة مشكلا آخر في القطاع، ونتيجة حتمية للغيابات المبررة لدى الكثير من المصابين الذين يجدون أنفسهم مجبرين على التغيب نتيجة حالتهم الصحية المرتبطة بالأمراض المهنية الكثيرة في قطاع التربية، على غرار الحساسية، الدوالي، الحبال الصوتية للحنجرة المنتشر بكثرة وسط المعلمين وأمراض مزمنة كالسكري والضغط الدموي وغيرها من الأمراض، التي أصبح الأستاذ عرضة لها ولكنها غير مصنفة في قائمة الأمراض المهنية، ما عدا مرض «تلف الحبال الصوتية»، حيث طالبت نقابة عمال التربية مؤخرا بضرورة إجراء تحقيق ميداني في قطاع التربية، يقوم به مختصون بالاشتراك مع وزارة الصحة، لاكتشاف أهم الأمراض المنتشرة وسط عمال التربية وتصنيفها كأمراض مهنية ناتجة عن ظروف مهنة التعليم وصعوبتها.