"المساء" ترصد واقع قيادة الدراجات النارية بتهوّر

أولها متعة ونهايتها محزنة

أولها متعة ونهايتها محزنة
  • 355
آسيا عوفي آسيا عوفي

* مثل شعبي: "اللـي شـرى موطو، شرى موتـو"

بعدما كنا لا نسمع بها خلال السنوات الفارطة إلا نادرا، ها هي ظاهرة قيادة الدراجات النارية بتهور من طرف المراهقين وصغار السن، تزداد يوما بعد يوم، ليتزايد معها تخوُّف المواطنين من هذه الممارسات؛ إذ يشتكون من قيادة هذه المركبات الصغيرة بطريقة متهورة في الشوارع والأحياء السكنية؛ ما حوّلها إلى مشكلة تؤرق مستعملي الطريق، وتستوجب، حسبهم، وضع حد لها قبل أن تستفحل أكثر فأكثر. ولأن الموضوع يُعد شائكا نوعا ما ارتأت "المساء" أن تستطلع آراء بعض فئات المجتمع حول هذه الظاهرة بولايات برج بوعريريج، وميلة وسطيف.
انتقد العديد من المواطنين القاطنين بالولايات الثلاث الذين تحدثت إليهم "المساء"، إهمال بعض أولياء الأمور متابعة أبنائهم، وتعريض حياتهم للخطر بشراء دراجات نارية لهم في سن مبكرة، وتركهم يقودونها بتهور في الشوارع والأزقة بدون التزام بمتطلبات السلامة المرورية، وأبسطها لبس الخوذة؛ إذ يتعرض العديد منهم لحوادث خطيرة لقلة خبرة الأطفال في التعامل والتحكم بهذه الآلة التي تمثل لهم لعبة مسلية، في حين أنها تجعلهم عرضة للوقوع في كثير من الحوادث الخطرة، قد تنتهي بالموت.
وأكد محدثو "المساء" أن تهور الأطفال لا يتوقف عند هذا الحد، بل يقودون الدراجات النارية في الاتجاهات المعاكسة. كما أكدوا أن رغم صغر حجم الدراجة النارية، إلا أن المراهق يجد فيها متسعا لاصطحاب صديقه أو شقيقه أو جاره، لأخذه في جولة في الشوارع والمنحنيات والدوارات المزدحمة، وبين الأزقة والأحياء؛ في مناورات للتسلسل بين السيارات في غمرة الحماس، بدون توفر أي وسائل للسلامة.
ورغم الحوادث الخطيرة التي ذهب ضحيتها أطفال، مازال العديد من الآباء والأمهات ينصاعون لطلبات أطفالهم بشراء دراجة نارية لهم رغم صغر سنهم؛ إذ يرون أن تحقيق رغبات أطفالهم واجب عليهم بدون إدراك خطورة الأمر؛ إذ يمكن أن يكلّفهم الأمر حياة ابنهم، فيعيشوا نتيجته ألما وحسرة لفقدانه.

الأطفال والمسنّون أغلب ضحايا الدراجات النارية

أكد من التقت بهم "المساء" بمستشفيات "لخضر بوزيدي" ببرج بوعريريج، "سعادنة عبد النور" بسطيف و«صروب الخثير" بالعلمة و«الإخوة مغلاوي" بميلة حول الحوادث المرورية التي تتسبب فيها الدراجات النارية، أنّ هناك ارتفاعا متزايدا في الحوادث، ومنها حادثة طفل كان يلعب بجوار منزله إلى أن أتت الدراجة النارية بالجهة المقابلة وصدمته، لتتركه مغشيا عليه. ولحسن الحظ تسببت له في جروح خفيفة، ولم تقتصر حصيلة ضحايا الدراجات النارية على هذا الطفل فقط، بل امتدت إلى مزيد من الضحايا، أغلبهم من المسنين، ناهيك عن حوادث الاصطدام، التي تكون الدراجات النارية سببا في حدوثها، خاصة في مواكب الزفاف والأفراح، وكذا في الحلقات التي يتم تشكيلها من طرف هواة الاستمتاع بقيادة الدراجات النارية والتسابق بها في الوسط الحضري، والتي عادة ما تتسبب في الزحام المروري وحوادث الاصطدام بين المركبات، فضلا عن الضجيج الصادر عن صوت محركات الدراجات، وهو ما أصبح يبعث الرعب في نفوس المارة وأصحاب السيارات بالنظر إلى التزايد المفرط في الحوادث المسجلة من قبل أصحاب الدراجات في الفترة الأخيرة.

أصحاب الدراجات: قيادة "الموطو" متعة لا يحس بها إلا سائقها

ولمعرفة رأي سائقي الدراجات النارية، أجمع من التقتهم "المساء" على أن سياقة الدراجة النارية هي موضة العصر؛ لأن فيها متعة لا يحس بها إلا سائقها، مؤكدين أنهم يجتمعون في الفترات المسائية للتسابق والتباهي بدراجاتهم النارية، وقيادتها بسرعة مفرطة، وهو ما يشبه إلى حد بعيد، مسابقات المغامرة في قيادة الدراجات. ولكنهم في الوقت نفسه، نسوا أن أغلب حوادث المرور التي وقعت، كان المتسببين فيها سائقو الدراجات النارية، الذين لم يتجاوز سنهم 25 سنة، وقد يصل الأمر إلى وفاتهم.

مصالح الأمن: على أصحاب الدراجات الالتزام بقانون السير

من جهتها، المصالح الأمنية من شرطة ودرك بالولايات الثلاث، دعت سائقي الدراجات النارية إلى الالتزام بقانون السير؛ حرصا على ضمان راحة وسلامة المواطنين أثناء تنقلاتهم، خاصة داخل المدن والتجمعات السكنية والمناطق الحضرية، داعية إياهم إلى التقيد بقواعد السياقة؛ على غرار تجنب الإفراط في السرعة، وعدم إجراء المناورات الخطرة داخل المناطق الحضرية، ووضع الخوذة الواقية من الصدمات، ووضع كاتمات الصوت الخاصة بالدراجات النارية لتفادي إزعاج المواطن، وتجنب نقل الأطفال الصغار، أو تمكينهم من قيادة هذا النوع من الدراجات.  ونظرا لتفشي ظاهرة إفراط أصحاب الدراجات النارية في السرعة داخل المدن أو خارجها وخطورة المناورات التي يقومون بها والتي من شأنها أن تتسبب في حوادث مؤلمة جدا، شرعت، مؤخرا، العناصر الأمنية في حجز الدراجات النارية التي لا يمتثل أصحابها لمختلف قواعد السلامة المرورية، ويضربون عرض الحائط قانون المرور الخاص بهم. ومن جهتهم، مواطنو الولايات رحبوا بالحملة التي بادرت بها المصالح الأمنية، مؤكدين أن تحمي السواق قبل الراجلين. وطالبوا بوضع قوانين ردعية وصارمة من أجل التقليل من هذه الظاهرة.