فلاحون بالمحمدية يدقون ناقوس الخطر

أوحال الوديان قضت على بساتين الحمضيات هذا العام

أوحال الوديان قضت على بساتين الحمضيات هذا العام
  • القراءات: 728
ع. ياسين ع. ياسين

يواجه العديد من فلاحي منطقة الصحاورية ببلدية المحمدية (32 كلم عن معسكر)، ظاهرة ارتفاع مستوى التربة بالمساحات الأرضية، بسبب تراكم الأوحال الناجمة عن فيضان الأودية، خاصة بوادي حوقالة ووادي سيدي لخضر، وهي الظاهرة التي أدّت، خلال السنوات الأخيرة، إلى إتلاف أعداد هائلة من أشجار الحمضيات والزيتون، وتسببت في تدني معدل الإنتاج، لاسيما ما تعلق بالحمضيات، ما أثّر كثيرا على المستوى المعيشي للفلاحين المتضرّرين.

حسب الشروح التي قدّمها الفلاحون لـ المساء، فإنّه خلال فيضانات وادي حوقالة وسيدي لخضر غمرت المياه المحمّلة بكميات هائلة من الأوحال، كامل حقول الحمضيات، متسبّبة بذلك في ردم جذوع الأشجار؛ الأمر الذي يتسبّب في مرضها، ومن ثم تلفها.

وأوضح الفلاح كريم العربي علي (67 سنة) من مستثمرة سي بختي الماحي، أنّ أشجار الحمضيات تتضرّر كثيرا وتصاب بأمراض تتسبّب في تلفها إذا ما تمّ ردم موقع التلقيم. ولتفادي ذلك يضطر الفلاحون الذين تتعرض أراضيهم للفيضانات، لحفر أحواض يتجاوز عمقها في الكثير من المواقع 50 سنتمترا، حول الأشجار، لتفادي ردم أماكن التلقيم بالأوحال، إلاّ أنّ هذه العملية تظلّ مؤقّتة؛ كون الفلاحين لا يمكنهم خاصة بعد بلوغ الأراضي ارتفاعات معيّنة، الاستمرار في حفر الأحواض؛ لما تتطلبه العملية من استثمارات مالية لا يمكنهم توفيرها. وأضاف كريم العربي أنّ الوضعية السيئة التي تعيشها الحقول المجاورة لوادي حوقالة وسيدي لخضر، أثّرت سلبا على كمية ونوعية الحوامض، حيث إنّ نسبة كبيرة من الأشجار لا تنتج شيئا، وأخرى تنتج كميات ضئيلة ذات نوعية ضعيفة،.ويضطر الفلاحون لنزع الأشجار المتضرّرة والميتة وغرس مكانها أخرى، وهي العملية التي تتطلّب الكثير من العناية والمصاريف والجهد.

وفي هذا الشأن، قال الحاج غريش محمد (77 سنة) صاحب أرض مغروسة بأشجار الحمضيات والزيتون، إنها ضرورية لحماية الأرض، لتوفير لقمة عيش عشرات العائلات، إذ لم يُخف الحاج غريش أسفه لما آلت إليه الأراضي الفلاحية بالمنطقة نتيجة امتلائها بأوحال وادي حوقالة، حيث عبّر قائلا إن الفلاحين يكافحون من أجل البقاء فقط، لا لأجل الربح المادي.

من جهته، رافقنا الشاب سايح بوشنتوف (40 سنة) إلى أرضه الفلاحية، التي غرس بها هكتارين من أشجار الزيتون التي لم يتبق منها إلا أغصان جافة، جراء تضررها بفعل الأوحال الطينية لوادي حوقالة. وبمساحة أخرى، هكتاران من أشجار البرتقال. ولم تُخف الدموع وجه الشاب الفلاح وهو يتلمس حبات البرتقال التي أصابها المرض ويستحيل تسويقها لرداءة نوعيتها، حيث صرح لـ المساء بأنّ كلّ الوقت والمال الذي استثمره على أشجار البرتقال والزيتون، ذهبت هباء منثورا، وأن كل آماله تبخّرت.

وغير بعيد، وجدنا الشاب بلحضري دحو (38 سنة) منهمكا مع فلاحين آخرين في جني ما حفظته أيادي الله عز وجل من الضياع؛ حيث صرح قائلا: أوحال وادي سيدي لخضر تسبّبت في ضياع الكثير من الأشجار، وتهدّد مساحات أخرى، مضيفا أنّ ارتفاع مستوى الأرض بفعل تراكم التراب والطين، يزيد من صعوبة العمل في غياب مساعدة الدولة في مجال سلت الأودية. ويتفق جميع الفلاحين على أن تنقية مجرى الأودية هو الحل الوحيد لظاهرة ارتفاع سطح الأرض وتضرّر الأشجار، حيث صرح في هذا الشأن رئيس المجلس الولائي المهني لشعبة الحمضيات السيد محمد بوخاري، بأنّ مساحة حقول الحمضيات التي غمرتها الأوحال في السنوات الأخيرة، تزيد عن مائة هكتار، مضيفا: إنّ تسجيل عمليات سلت وتنقية مجاري الأنهار هي السبيل الوحيد لحماية الأراضي من الفيضانات، وبذلك حماية الفلاحين من الضياع.

وطالب المتحدث بتسجيل مشروع لإنجاز حاجز مائي بأعالي وادي حوقالة، حتى يتمكّن الفلاحون من استغلال مياهه في السقي الفلاحي وتجنيبهم الفيضانات والخسائر. وكشف في هذا الشأن، الفلاح عيبوط سيد أحمد (45 سنة)، أن نوعية وكمية الإنتاج تأثرت كذلك هذا العام؛ بسبب نقص في كميات مياه السقي الممنوحة للفلاحين.

من جهته، كشف مدير الموارد المائية عوفار فتحي عن أنّ مصالحه سجّلت عدّة عمليات تخص تنقية وسلك الأودية بالولاية، من ضمنها الأودية الواقعة بتراب بلدية المحمدية. وبخصوص وادي حوقالة وسيدي لخضر أوضح نفس المتحدث أنه سيتم تكليف لجنة لمعاينة المشاكل التي يعانيها الفلاحون نتيجة فيضانات الأودية.

للإشارة، كشف مصدر مسؤول من مديرية المصالح الفلاحية عن أنّ الولاية سجّلت هذا العام ارتفاع إنتاج الحمضيات، موضّحا أنّ المساحة المغروسة بلغت 5500 هكتار، منها 4600 هكتار منتجة، فيما بلغ الإنتاج هذا العام 225400 طن من مساحة 1100 هكتار؛ بمعدل 190 قنطارا في الهكتار الواحد.