بين تبريرات التجار وتفسيرات المواطنين

أسواق تنتعش وأخرى تشكو قلة المتسوقين بالعاصمة

أسواق تنتعش وأخرى تشكو قلة المتسوقين بالعاصمة
  • القراءات: 622
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

تشهد أسواق العاصمة في هذا الشهر الفضيل، حركة دؤوبة يصنعها إقبال المواطنين على اقتناء ما يلزمهم من سلع استهلاكية، خاصة الخضر والفواكه واللحوم. لكن هذه الحركة قلَّت ببعض الأسواق التي توقف بعض التجار بها عن النشاط؛ لأسباب يرون أنها موضوعية، فيما يُرجع المتسوقون ذلك لعدة أسباب متباينة، رصدناها في جولتنا الاستطلاعية ببعض الأسواق العاصمية المشهورة. 

زارت "المساء" في بداية هذا الشهر الفضيل، بعض الأسواق الواقعة بقلب العاصمة؛ لمعرفة حجم الإقبال على السلع التي ارتفعت أسعارها بشكل محسوس، لكنها مرشحة للانخفاض، مثلما أكد الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين.

سوق حسين داي إقبال ضعيف والتجار يشتكون

يشكو تجار سوق بلدية حسين داي قلة المتسوقين، وهجران العديد من التجار طاولاتهم ومحلاتهم. والسبب - حسبهم - تحويل العديد من سكان البلدية، مقرات سكنهم إلى بلديات أخرى؛ باستفادتهم من مختلف الصيغ السكنية، فضلا عن عمليات الترحيل التي مسّت قاطني البنايات الهشة التي هُدمت، ورُحل شاغلوها نحو شقق جديدة ببلديات أخرى.

وفي زيارتنا لهذا المرفق في بداية هذا الشهر الفضيل، لاحظنا إقبالا محتشما على السوق، التي بدت شبه خالية من زوارها. وما لاحظناه على الساعة العاشرة والنصف من إقبال ضعيف، يعكس صحة ما أخبرنا به أحد التجار، الذي وصف هذه الوضعية بـ "غير المريحة"، التي أدت إلى توقف العديد من التجار عن نشاطهم، ومنهم خضارون وجزارون رصدنا محلاتهم مغلقة، وقيل لنا إن أصحابها تكبدوا خسائر، وغادروا النشاط، مؤكدا أن البقية لم يجدوا حلا آخر، لا سيما أمام انتشار التجار المتجولين بالعديد من شوارع وأرصفة البلدية، وحتى بحواشي السوق؛ ما جعل السكان يتبضعون منها، ولا يكلفون أنفسهم التنقل إلى السوق.

وانتقد محدثنا هذه الوضعية واصفا إياها بـ "المنافسة غير الشريفة" في ظل غياب المصالح البلدية التي غضت الطرف عن تجار لا يدفعون ثمن الكراء والضرائب، ويكبّدون التجار المقيّدين في السجل التجاري، خسائر كبيرة، مطالبين بوضع حد لهذا المشكل الذي يعصف بنشاط التجار في السوق.

وأضاف تاجر آخر أن من بين العوامل المنفرة للمتسوقين، أصحاب الحظائر العشوائية لركن السيارات، الذين احتلوا الطرق، وأصبحوا - في ظل غياب سلطة الردع - يفرضون على زوار السوق، دفع حقوق الركن على حافة الطرق العمومية. 

حركة دؤوبة بسوق فرحات بوسعد والشراء بمقدار

يشهد سوق فرحات بوسعد (ميسونيي سابقا) ببلدية سيدي امحمد، حركة دؤوبة في هذا الشهر الفضيل؛ لكونه المرفق الوحيد الذي يتوسط العديد من الأحياء بقلب العاصمة، إضافة إلى سوق "كلوزال" غير البعيد عنه. ولا يوجد بحواشيه عرض فوضوي للخضر والفواكه، حسبما لاحظنا؛ حيث يقصده عدد معتبر من المتسوقين. لكن رغم ذلك يقر البعض بأن ارتفاع الأسعار كثيرا ما يقلل من حركة المتسوقين، ويجعلهم يشترون بمقادير قليلة، وفق قدرتهم الشرائية. أما التجار فيؤكدون أن الأسعار معقولة، تتناسب مع الأعباء التي يتحملونها؛ حيث يدفعون ثمن الكراء لخزينة البلدية، والضريبة على النشاط، ومقابل ذلك لا يجنون أرباحا كافية.

ومن جهتهم، يؤكد بعض المتسوقين أن الأسعار المرتفعة بهذه السوق، غالبا ما تنفّر المواطنين، مشيرا إلى أن الخضر والفواكه معروضة بدون أن يُشهر أصحابها الأسعار، مثلما يفرضه القانون.

وحسب أحدهم، فإن التجار يخفونها؛ لأنها "صادمة ومنفّرة"، لكن ميسوري الحال يشترون ولا يسألون عن ثمنها؛ ما يؤكد، حسبه، أن هذه السوق ليست في متناول كل الفئات الاجتماعية.  كما تأسفت إحدى السيدات لما وصفته بـ "جنون الأسعار"، مشيرة إلى أن المواطن البسيط دائما يدفع الفاتورة، ويقع ضحية التلاعب بالأسعار من قبل سلسلة المتعاملين في ميدان التجارة، مستدلة على ذلك بالأسعار المرتفعة للخضر واللحوم؛ إذ فاق سعر الطماطم 140 دج، والسلاطة 200 دج، والدجاج بين 550 و610 دج، ولحم الخروف بـ 2900 دج.

سوق "كلوزال" صغير الحجم كثير الزحمة

وعلى عكس السوقين المذكورين، يشهد سوق "كلوزال" ببلدية الجزائر الوسطى، إقبالا كبيران، كما لاحظنا في زيارتنا لهذا المرفق، الذي رغم صغر حجمه يعرف توافدا كبيرا من المتسوقين، الذين أكدوا أنهم يجدون ضالتهم فيه؛ لكون التجار يعرضون سلعا بأسعار معقولة لا تختلف كثيرا عن باقي الأسواق؛ فسعر الدجاج بـ 550 دج، ولحم الخروف بـ 2600 دج، ولحم البقر بـ 2300 دج. أما الخضر فوجدناها يوم زياتنا مرتفعة نوعا ما؛ فالبطاطا بـ 75 و80 دج، والجزر 60 دج، والفلفل الحلو بـ 220.

وأكد لنا أحد المتسوقين أن الأسعار في سوق "كلوزال" "أرحم" من غيرها، وهو ما يجعل المتسوقين يقبلون بكثرة، على هذا المرفق التجاري.