الغموض مازال يحيط "بير بن عصمان" بقالمة
أسطورة حقيقية تخفي أسرارا عجيبة

- 1732

❊ العثور على قارب داخل كهف
❊ باحثون يعجزون عن كشف لغز المكان
❊ اكتشاف 8 أنواع من الخفافيش المهددة بالانقراض
تعرف قالمة بحماماتها المعدنية وآثارها الرومانية وطبيعتها الخلابة، إذ يوجد بها عدد كبير من المواقع الأثرية السياحية، والمواقع التاريخية والأماكن الشاهدة على معارك وبطولات جيش التحرير الوطني إبان الثورة التحريرية، وهي بذلك تخفي كنوزا تعود إلى عصور وحضارات غابرة، ومعالم أثرية تشهد على الماضي العريق لهذه المنطقة، التي تتوفر على مؤهلات سياحية، تجعلها من بين الولايات الرائدة في الوطن في هذا الجانب.
تشهد هذه المواقع، إقبالا لعشاق السياحة، لتميزها بجمالها الأخاذ الذي يرتمي بين أحضان طبيعتها المتألقة الفاتنة، ومناظرها الطبيعية وحمامات المعدنية، إلى جانب المعالم الأثرية والتاريخية والدينية، المتنوعة بتنوع الحضارات التي مرت بأرضها، ما جعلها وجهة سياحية بامتياز، إذ عاد الاهتمام بالسياحة في الولاية في السنوات الأخيرة، وأصبحت قالمة محط أنظار السياح الوافدين عليها، والطلبة والباحثين والمهتمين بالتراث المادي القديم، للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة، وبقايا الحضارة الرومانية العريقة التي عمرت المنطقة، مع الاطلاع والبحث في بقايا الحضارات العريقة.
ومن أهم المواقع السياحية التي تحويها ولاية قالمة، وتستقطب السياح من داخل الولاية وخارجها، وحتى من خارج الوطن، "بير بن عصمان"، المتواجد على بعد 4 كلم من بلدية حمام الدباغ، على مستوى المحور الجنوبي المؤدي إلى الطريق الوطني رقم 20، الرابط بين ولايتي قالمة وقسنطينة.
لا تزال هذه الظاهرة الغريبة، تحتفظ بأسرارها إلى يومنا هذا، إذ يشهد الموقع توافد السياح على مدار السنة، علما أنه اكتشف منذ قرون إثر سقوط صخرة، ويحتوي على مياه عذبة على مساحة 100 متر طولا، و40 مترا عرضا و15 مترا عمقا، وتختفي البحيرة وسط العديد من المسطحات الصخرية البركانية التي تعود إلى العصور الجيولوجية القديمة، في محيط طبيعي جميل يتربع على أزيد من 3 هكتارات من المساحات الخضراء، المتشكلة من حقول القمح المتزينة بأشجار الزيتون، وتمتاز بظلام دامس ومياه عذبة باردة يستعملها سكان المنطقة لتلبية احتياجاتهم اليومية.
لم يتم العثور على البحيرة الطبيعية بسهولة، كونها تقع في مغارة صخرية مدفونة تحت الأرض، ولا تظهر منها إلا فتحة صغيرة، تعتبر المدخل الوحيد إلى الكهف، ولا تزال هذه البحيرة إلى يومنا هذا، أسطورة حقيقية نسجت حولها الكثير من الحكايات والخرافات الشعبية، حيث تشير المعلومات التاريخية والعلمية إلى أن "بئر بن عصمان"، نشأ نتيجة انهيار أرضي حدث بالمنطقة سنة 1878، وتشكل بفعل عوامل جيولوجية نتجت عنها مساحات فارغة تحت سطح الأرض، تسربت إليها المياه.
وقد زار الغطاس العالمي الفرنسي باسكال بيرنبيو، المختص في الغطس في البحيرات والمحيطات والكهوف والمغارات، البحيرة سنة 2011، رفقة مصور تونسي تحت الماء وفرقة من عنابة، وعندما دخل البحيرة إلى عمق 12 مترا، وجد اتجاهين يمينا وشمالا، فاختار اتجاه اليسار، ولم يستطع حينها متابعة الغطس، فعاد إلى نقطة البداية، بسبب الإمكانيات المادية التي لم تسمح بمتابعة الغطس، مما يتطلب وفرة عتاد خاص بسبب ارتفاع البرودة ونقص الأوكسجين والضغط الكبير، وعند الرجوع، اكتشف داخل المغارة قاربا يعود إلى الحقبة الفرنسية، مكتوب عليه من الجهة اليمنى "بون"، ومن الجهة اليسرى "جورجات رينو"، أما العمق الذي تم الوصول إليه فهو 14 مترا، حيث حاول الغطاس القيام بعملية المسح الطوبوغرافيا لـ"البئر".
خلال عامي 2013-2014، قام باحثون من جامعة عنابة بدراسة على مستوى هذه المغارة، واكتشفوا أن حوالي 8 أنواع من الخفافيش المهددة بالانقراض موجودة فيه، ولا يزال هذا المعلم أعجوبة جيولوجية تخفي أسرارا كثيرة، الأمر الذي يستوجب متابعة البحث والاكتشاف، ويقال بأن سكان المنطقة قديما، وضعوا في البئر، كمية من "النخالة" وتابعوا اتجاه جريان الماء، فوجدوا "النخالة" وصلت إلى شواطئ ولاية سكيكدة.
ويشهد "بير بن عصمان" على مدار السنة، خاصة في فصل الربيع، توافد العائلات وطلبة الجامعات وتلاميذ المدارس في رحلات منظمة، ورغم أهميته السياحية، لم يتم تزويده بالإنارة اللازمة وإحاطته بالسياج وتهيئته، باعتباره معلما من معالم ولاية قالمة، ومحط أنظار السياح القادمين إليها، ومن شأنه توفير مداخيل مالية هامة لبلدية حمام الدباغ باعتباره قطبا سياحيا.