تجسّد أول أمس، حلم 1080 عائلة كانت تقيم بالأسطح، البيوت القصديرية، العمارات المهددة بالانهيار والأقبية بمختلف بلديات العاصمة، حيث أشرف والي العاصمة، السيد عبد القادر زوخ، على ترحيلهم من أكواخهم إلى شقق محترمة تتوزع على ستة أحياء جديدة منها حي بني عبدي ببلدية الخرايسية، الذي استقبل العائلات على وقع زغاريد وهتافات ثناء على رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، حسبما وقفت عليه "المساء".

تنقلت "المساء" إلى حي بني عبدي بالخرايسية، الوصول إلى الحي الذي يضم 1432 مسكنا لم يكن بالأمر الهين، نظرا للطوابير الطويلة للشاحنات المحملة بأغراض العائلات المرحلة والمصطفّة إلى غاية داخل الحي، يقابلها أعوان من الدرك الوطني والشرطة لتنظيم السير على طول الطريق.
كانت هناك حركة دؤوبة، سيارات من هنا وهناك محملة بالعائلات، مكاتب توجيه مملوءة عن آخرها لمنح المفاتيح وتوجيه المستفيدين، زغاريد تنطلق من الشرفات وشباب مجند لحمل الأغراض ونقلها من الشاحنات إلى أعلى الشقق، ويبقى أهم ما لفت انتباه "المساء" هو الهندسة المعمارية الراقية التي بنيت بها السكنات انطلاقا من المدخل، أما الشقق فتتكون من غرفتين إلى ثلاث غرف تتوسط عماراتها حيا كبيرا يضم مختلف المرافق، تتخلله مساحات خضراء وأماكن للترفيه.

فرحة، زغاريد ودموع
أعربت بعض العائلات المستفيدة من السكنات الاجتماعية بحي الخرايسية عن فرحتها بـ"شقق الكرامة" كما تم تسميتها، حيث أكدت لنا إحدى السيدات التي دخلنا بيتها الجديد أنها تتنفس الصعداء بعد سنوات طويلة من التعب في البيوت القصديرية، فيما ذرفت امرأة كبيرة في السن دموع الفرح متمنية حياة طويلة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي بفضله تمكنت من التنقل من حياة الأقبية إلى الحياة الكريمة - حسبما أكدت لنا -، كما أوضحت إحدى النسوة أنها تحلم بعدما قضت العشرات من السنين تحت سقف من "الترنيت"، تقاسي أنواع الشقاء والبؤس، بعدما ظلت الحشرات والجرذان والأفاعي الأنيس غير المرغوب والمفروض عليهم، وأضافت وهي تذرف دموع الفرحة، وأخيرا طلّقنا حياة الشقاء بعد صبر طويل "اللي يصبر ينال".. هي الكلمة التي طالما رددتها كل النسوة اللائي عبّرن عن فرحتهن بالزغاريد.

الترحيل شمل سكان الأسطح، الأقبية والعمارات الهشة
أكد والي ولاية العاصمة، السيد عبد القادر زوخ، في ندوة صحفية عقدها على الهامش أن عملية الترحيل مست 70 عمارة مهددة بالانهيار موزعة على 7 مواقع، حيث استفادت 149 عائلة تقطن ببلدية بلوزداد، 102 عائلة ببلدية وادي قريش، 7 عائلات ببلدية حسين داي، 56 عائلة بالحراش، 56 عائلة بباب الوادي، 16 عائلة بالضفة الخضراء ببلدية برج الكيفان، و3 عائلات ببلدية القبة، أما بالنسبة لسكان البيوت القصديرية فمست العملية 13 موقعا يضم 130 عائلة بحوش الحاج ببئر توتة، 71 عائلة بمزرعة روسي بئر توتة دائما، 68 عائلة موقع مشروع الطريق الرابط شاطوناف الشراڤة، 20 عائلة بحي كايتي بلدية اسطاوالي، 7 عائلات بموقع الملعب البلدي و5 طريق الشيراطون باسطاوالي، 4 عائلات من موقع ملعب المحمدية حي الجمركي" بلدية المحمدية، 4 عائلات من موقع أرضية مشروع أمن الدائرة ببئر مراد رايس، 3 عائلات بشاطيء النخيل بلدية سطاوالي، 3 عائلات موقع الأرضية طريق اجتنابي بلدية السحاولة، 3 عائلات موقع ثانوية بوزريعة، عائلتين من موقع طريق يقطع مقبرة قاريدي نحو طريق عروضي جنوبي ببلدية القبة، وعائلة من موقع أرضية مشروع 80 مسكنا عموميا تساهميا ببلدية المحمدية، فيما أحصت السلطات الولائية 3 مواقع للأقبية تضم 130 عائلة بديار العافية بلدية القبة، 73 موقعا ببلدية الجزائر الوسطى، و15 عائلة ببلدية الحراش، بالإضافة إلى استفادة 89 عائلة من موقع الأسطح ببلدية الجزائر الوسطى من سكنات لائقة.

5680 عونا مسخرا لإنجاح
عملية الترحيل
جندت ولاية الجزائر إمكانيات بشرية معتبرة بمجموع 5680 عونا وإطارا لتسهيل عملية ترحيل العائلات المستفيدة من السكنات الاجتماعية منهم 4320 عونا من المؤسسات الولائية والبلديات، و1360 عونا وإطارا من مختلف المصالح الأمنية، الحماية المدنية، دواوين الترقية والتسيير العقاري وإطارات ولاية الجزائر، كما تم تسخير 2375 وسيلة نقل منها 75 حافلة لنقل العائلات المرحلة، بالإضافة إلى الآليات التي تباشر عملية الهدم الفوري بعد الترحيل والمقدر عددها بـ2300 شاحنة، حيث أكد والي العاصمة، أن البيوت القصديرية، الأسطح والأقبية سيتم تهديمها مباشرة بعد ترحيل السكان، حيث اتخذت السلطات الولائية إجراءات صارمة لمنع إنجاز هذا النوع من السكنات التي تشكل خطرا على حياة المواطن، لاسيما وأن الجزائر أصبحت منطقة زلزالية والعيش في مثل هذه السكنات يعرض صاحبه لخطر الموت.

مشاريع كبرى بالمساحات المسترجعة
من جهة أخرى، أكد السيد عبد القادر زوخ، أن السلطات الولائية تعمل على إنجاز مشاريع ضخمة بالمساحات والأوعية العقارية المسترجعة، حيث سيتم إنجاز طريق يعبر مقبرة ڤاريدي نحو الطريق العروضي الاجتنابي، طريق اجتنابي ببلدية السحاولة وطريق رابط بين شاطوناف والشراڤة هذا بالنسبة للأشغال العمومية، أما قطاع السكن فسيستفيد من عملية إنجاز 80 مسكنا عموميا تساهميا بالمحمدية وبرنامج سكني عمومي تساهمي بكايتي ببلدية اسطاوالي، كما سيستفيد قطاع الشباب والرياضة من ملعب بالمحمدية بحي الجمركي وملعب آخر ببلدية اسطاوالي، أما المنشآت الإدارية فسيتم إنجاز مقر للأمن الحضري بشاطئ النخيل، ومقر أمن الدائرة ببئر مراد رايس وسيستفيد قطاع التربية أيضا من ثانوية ببلدية بوزريعة.

زوخ يشرف على تهديم الأسطح والأقبية بمحمد الخامس
أشرف والي ولاية العاصمة، أول أمس، على تهديم البناية الموجودة بسطح إحدى العمارات بشارع 50 محمد الخامس بعد ترحيل العائلة الوحيدة التي كانت تقطن هناك إلى بلدية الخرايسية، كما قام بترحيل عائلتين تقطنان بقبو عمارة 61 بنفس الشارع، موضحا أن السلطات الولائية اتخذت إجراءات صارمة لتهديم هذا النوع من السكنات التي تشكل خطرا على حياة المواطن، وعن البنايات بالأسطح أكد مدير السكن السيد لومي لـ"المساء" أنه تم إحصاء حوالي 3 آلاف عائلة تقطن بالأسطح وانطلقنا في أول عملية ترحيلية تتضمن أكثر من 300 عائلة، والعملية ستتواصل في الأيام القادمة - يضيف نفس المصدر -، من جهة أخرى أعربت العائلة المرحلة من شارع 50 محمد الخامس إلى بلدية الخرايسية عن سعادتها بعد انتظار دام 30 سنة.

490 عائلة مقصاة من برنامج "عدل"
أكد السيد عبد القادر زوخ، أن المجلس الشعبي الولائي قام بإقصاء 490 عائلة من برنامج "عدل" بعد استفادتها من السكنات الاجتماعية في عملية الترحيل التي جرت ولا تزال جارية، حيث أوضح محدثنا أن السلطات حريصة على عدم السماح بتحايل المواطن على الدولة، مشيرا إلى أن برنامج الترحيل لا يزال مستمرا وسيتضمن شهر نوفمبر المقبل، عمليتين للترحيل على الأقل تمس مختلف المواقع منها الأقبية، العمارات المهددة بالانهيار والأسطح، علما أن هناك مشروع 11 ألف وحدة سكنية لا تزال قيد الأشغال، كما أشار محدثنا إلى فكرة إعادة وصياغة مرسوم وزارة السكن، باقتراح من السلطات الولائية لمحاولة تدعيم الموظفين الذين يتقاضون رواتب تقدر بـ24 ألف دينار ومنحهم فرصة الاستفادة من السكنات الاجتماعية بدل اللجوء إلى سكنات "عدل".