رغم تكاليفها

“الزرنة” زينة الأعراس العنابية

“الزرنة” زينة الأعراس العنابية
  • القراءات: 3683
هبة أيوب هبة أيوب
تتباهى العائلات العنابية خلال أعراسها باستقدام فرقة “الزرنة” المتكونة من خمسة أفراد من الزرناجية بينهم البرّاح، وهو تقليد أضحى أساسي يتبع العروس عند خروجها من بيت أهلها إلى غاية وصولها إلى قاعة الأفراح المعروفة بالصالة، أين يقدم الزرناجية وصلات موسيقية رائعة قد تبكي الحضور منها “خرجت العروس ودّعناها”، إلى جانب طقطقات أخرى تكون متبوعة بالبراح و”الرشقة”.
يعتمد أهل وسكان بونة في أفراحهم، منها حفلات الختان والخطوبة والعرس على فرقة الزرنة التي بات الطلب عليها كبيرا خاصة بالشرق الجزائري، فرغم تكلفتها إلا أن الكثير يطلبها للترويح عن النفس وتعزيز الأفراح والتباهي بين الناس أيضا، وتأخذ فرقة الزرنة أغانيها من طابع الفلكلور الجزائري والشعبي القديم، كما يعمد أصحاب الفرقة إلى ارتداء لباس خاص بها وهو السروال العريض والطرابيش الحمراء والزرقاء، وذلك حسب طبيعة وميول الفرقة. ومن الآلات الموسيقية المستعملة، الدربوكة والطبل الخشبي والبندير والمزمار، كل هذه اللواحق ضرورية لإعطاء إيقاع جميل يتماشى وعادات “لعنانبة”.
وتنتشر مظاهر الاحتفال بالزرنة في المداشر والقرى وحتى في وسط المدينة لكن الإيقاعات تختلف من مكان لآخر حسب طبيعة وخصوصية كل منطقة، خاصة أن سكان عنابة هم مزيج من العرب والأمازيغ، وعليه هناك من يستقدم فرقة الزرنة مصحوبة بالعيساوة والذين يتبعون الزرناجية لاستكمال الاستخبار الغنائي، وهذا ما يتم الاعتماد عليه من طرف سكان عنابة الأصليين، حيث يستحضرون ماضيهم من خلال الزرنة وفرقة العيساوة التي تتغنى بخصال النبي صلى الله عليه وسلم.
والزرنة من أجمل الإيقاعات التي تعطي انطباعا رائعا للحضور والمدعوين، حيث يرقص على إيقاعها الكبير والصغير، وحتى النساء يشاركن في الرقصة الجماعية ويتفاعلن مع “الرشقية” والتي قد تصل إلى مليون سنتيم لكل واحد خاصة بالنسبة لأهل العريس والذين يجدون أن مثل هذه المناسبة فرصة لهم للتباهي أمام أهل العروسة وإبراز قدرتهم على خلق جو من المرح والأخوة ومساعدة الزرناجية على رفع معنويات الحضور حيث تتعالى التصفيقات والزغاريد وصوت البارود الذي يصنع لوحة جمالية مميزة.
وخلال جولة لنا بوسط مدينة عنابة، وجدنا عدة فرق للزرناجية مجتمعة في إحدى زوايا قمبيطا في انتظار الزبائن، خاصة أن فصل الصيف مفتوح على الأفراح والأعراس في كل وقت، وهنا تجد الفرق نفسها في رحلة البحث عن عرس يعود عليها بالفائدة خاصة تلك التي تقام في قاعات الحفلات والتي تدر عليهم أرباحا طائلة. في هذا السياق قال عمي أحمد وهو زرناجي قديم، إنه يحب هذا العمل وهو يسترزق منه منذ 35 سنة وأن عمله قد خلق أواصر عميقة مع الزبائن الذين يفضلون استقدامه خلال أعراسهم.
وقد يصل سعر استقدام فرقة “الزرنة” إلى 12 ألف دينار وذلك حسب المدة التي تقضيها الفرقة في العرس، كما أن هناك من يطلب بقاء الفرقة في العرس منذ بدايته حتى نهايته وهناك من العائلات من تطلب مرافقة العروس إلى أن تصل إلى البيت الزوجية. وكما أشار المتحدث، في مقام آخر فإن الهوس بالزرنة جعل بعض العائلات الفقيرة والمحدودة الدخل تقتني أشرطة الزرنة بدل استحضارها نظرا لغلائها الفاحش وعليه يتم وضع شريط الزرنة وهي كذلك تعطي جوا احتفاليا خاصا.