مركز الراحة والترفيه لولاية بومرداس

‘’المساء” تزور أطفال ”تهقار و«تيدكلت” بغابة زموري

‘’المساء” تزور أطفال ”تهقار و«تيدكلت” بغابة زموري
أطفال ”تهقار و«تيدكلت” بغابة زموري ت: حنان. س
  • القراءات: 2343
حنان. س حنان. س

انطلقت، نهاية الأسبوع المنصرم، بزموري البحري، الدورة الثانية للمخيم الصيفي التابع للجماعات المحلية باستضافة قرابة 100 طفل من أقصى الجنوب، وتحديدا من منطقة تهقار بولاية تمنراست ومنطقة تيدكلت بالولاية المنتدبة عين صالح .المساء زارت المركز، أول أمس، وقضت وقتا ممتعا مع أطفال عاصمة الجنوب الكبير، فأخذ كل طفل يتحدث بعفوية عن البحر الذي يسحر العيون ويجعل العطلة الكبيرة على شواطئه ذات نكهة خاصة.

حلت المساء، الخميس المنصرم، بمركز العطل والترفيه الخاص بمصالح ولاية بومرداس. كانت الساعة تشير لحدود الثامنة والنصف صباحا ومع ذلك كانت درجة الحرارة تعيق فتح العين بما ينذر بحلول يوم حار أخر من أيام شهر أوت. لما حللنا بالمخيم كان معظم الأطفال وقتها يستمتعون بفطور الصباح.. جالسناهم.. فأخذوا يرددون أهازيج الترحيب ويرفعون أياديهم لتحيتنا..بعدها تحدثنا إلى محمد بن عبد الكريم نائب المدير البيداغوجي الذي قال إن هذه الدورة الثانية تضم 120 فردا منهم 97 طفلا، وأنها ستستمر إلى 11 أوت الجاري وتضم 11 فوجا بكل فوج ما بين 8 إلى 10 أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 8الى 14 سنة. يصل عدد الإناث الى 15 فتاة ويصل عدد الذكور الى 75. وبالإضافة إلى المخيم الخاص بأطفال أقصى الجنوب، هناك أيضا مخيما عائليا لمستخدمي الإدارة المحلية لولاية أدرار.

الأزرق الكبير.. كبير وأزرق

يحدث الأزرق الكبير فعلته في الأطفال سواء ممن ألفوا السباحة فيه أو من يراه لأول مرة.. حيث أننا لمسنا من خلال تعاملنا مع عدد كبير من أطفال المخيمات الصيفية من مختلف الولايات على مدار سنوات، تفاعلا من نوع خاص للأطفال حينما يرون البحر. كلهم يجمعون على كونه ازرقا.. وكبيرا..، ويؤكدون أيضا أنهم يرتمون بين أمواجه دون خوف.. بباسطة لأنه رائع. يؤكدون كذلك أنهم لا يرغبون في تركه عندما تنتهي الحصة المخصصة للسباحة.. التي تعد أحسن فقرة في المخيم ولا مجال لمقارنتها مع ورشات الرسم والمسرح والبهلوان..أو حتى الرحلات الاستكشافية. هذا ما أكده كل من محمد عبد الوهاب وجعفر جعفري وبوزيان جيلالي وعبد الرحمان معلم ونور الدين العيدي كلهم ذوي 8 سنوات من منطقة تهقار (الاهقار) أقصى ولاية تنمراست.

قالت البنت بحرية دراعني (12 سنة) من بلدية عين صالح، إنها قد وقفت مطولا أمام الأزرق الكبير لما رأته أول مرة.رايته مرات عدة من قبل.. ولكن عبر التلفاز، ولكني لما رايته أمامي ذهلت لكبره.. كانت مياهه باردة والرمال ساخنة جدا. كذلك وصف علي زيتوني (12 سنة) من تينزواتين البحر لما رآه لأول مرة بقوله: إنه أزرق.. وكبير، ولكنه أضاف صفة أخرى فقال إنه مالح، طبعا لأنه شرب بعضا من مياهه.

لم يتوقف الأطفال هاهنا بل أضافوا يتحدثون دفعة واحدة محدثين صخبا رحنا نحاول متبعة الجميع، ففهمنا أن أمواج البحر قد فعلت هي الأخرى فعلتهم فيهم، حيث اعتبروها مسؤولة عن تعثرهم لأكثر من مرة وسقوطهم بين أحضانها حتى شربوا مياه البحر.. وهذه نتيجة حتمية.. قال محمد هيثم (12 سنة) من بلدية عين صالح، إن الأمواج المتوالية الواحدة ترتطم بالأخرى طيحتني فشربت ماء البحر. قلنا: من البديهي أن ترتطم الأمواج ببعضها فذلك ما يصنع خصوصية البحر، قال: ولكني أتقن السباحة.. تعلمتها في المسبح لسنوات.. ثم أردف يقول صحيح المسبح مفيهش أمواج. بينما قالت دانة شريفة (13 سنة) أنها ترى البحر لثاني مرة بعد أن قضت الموسم الماضي بمخيم بسيدي فرج بالعاصمة، ولكن أعجبها المخيم الجديد بولاية بومرداس التي تزورها لأول مرة.

وأعجب أنس بغور صلاح الدين (12 سنة) من بلدية تمنراست باللون الأزرق الطاغي على البحر.. وبحجمه الكبير وبالمباني المترامية على طول الشريط الساحلي بالمدينة، وبالغابة التي تؤم المخيم.. ثم فتحت الطفلة حنينة بلمين (12 سنة) حديثا يبدو أنه غاب على بقية أقرانها لوهلة لما قالت أنها أعجبت بالرمال.. فتفاعل الأطفال كثيرا مع هذا الطرح، حيث قالوا إنهم تزحلقوا كثيرا في الكثبان الرملية بشاطئ زموري البحري إنها تشبه العرق في الصحراء يقولون.. علما أن خصوصية شواطئ المنطقة الكثبان الرملية العالية.

الاهقار وتيدكلت في غابة زموري

ولإيضاح الصورة أكثر، فإن الأطفال زوار مركز الترفيه والعطل أتوا من منطقة الاهقار بولاية تمنراست وتحديدا من بلديات تمنراست، عين قزام، تينزواتين وعين مقل. أما من الولاية المنتدبة عين صالح فيستضيف المركز أطفال ناحية تيدكلت وتحديدا من بلديات عين صالح، فقارة الزوى وانغر. تم تقسيمهم على 14 خيمة من حجمين مختلفين، خيمة تحوي 4 اسرّة وخيم أخرى تستقبل 6 أسرّة، وطبعا فإن أول فقرة يتسابق فيها الأطفال تخص البيت الجميل وهي عموما فقرة يتقاسمها جميع الأطفال بمختلف المخيمات بما فيها تلك الخاصة بالكشافة، حيث يراد من خلالها غرس عرى النظام والتنظيم لدى الناشئة.

الصورة الجميلة الأخرى تتجلى في التعارف بين أطفال الوطن الواحد،حيث تعرف أبناء عاصمة الجنوب مع أقرانهم من بلديات مجاورة..وقالوا إنهم يشغلون أوقات فراغهم بعد القيلولة في لعب لعبة حرّش مرّش، وهي تلعب بالعصي يترنح بها اللاعبون عبر إيقاعات معينة وهم يضربون الآخر بعصي خاصة، وهي التي كثيرا ما تسنى لنا رؤيتها عبر رقصات تارقية خاصة، على وقع أهازيج تارقية تختزل بعضا من تقاليد جنوبنا الكبير.. يوم زيارة المساء أخذ بعض الأطفال يحرّشون ويمرّشون تحضيرا لسهرة خاصة كان ضيفها الوالي عبد الرحمان مدني فواتيح ليلتها، وقيل لنا إنه سيعرض عليه نشاطات خاصة تعكس تقاليد منطقة الاهقار.

مسؤولية ثقيلة وعلامة كاملة للتنظيم

تفيد المنشطة، فطيمة أراو، من منطقة بني عباس بولاية بشار رئيسة فوج فرسان الهقار بالمركز، أن الاهتمام بالأطفال بأي مخيم مسؤولية ثقيلة خاصة وأن بعض الأطفال يصعب عليهم الاندماج بعد ساعات من حلولهم بالمخيم إذ يشتاقون لأهاليهم. وتقول أنها تعمل على صرف اهتمامهم حتى يستمتعون بأوقاتهم بين اخضرار الطبيعة وزرقة البحر.

فطيمة قالت إنها تزور بومرداس بعد 15 سنة عن نكبة زلزال2003، وقتها حلت بالولاية المنكوبة مع فرقة للهلال الأحمر الجزائري من بشار، وعملت على تقديم المساعدات الضرورية للمنكوبين..اليوم تكتشف وجها مغايرا لبومرداس، كما أنها تكتشف زموري مركز الهزة بحلة جميلة. كما أنها تعترف بحنينها لبعض أطباق منطقتها.. خبز البصل (يشبه المحاجب)، وكسكسي بني عباس والرقيق (يشبه الفطير)..الجميل في الرحلات بين مناطق الوطن أننا نكتشف تقاليد جميلة سواء في الملبس أو المأكل، فنتأكد أخيرا أن الجميع يشتبه في الأصل وما الاختلاف إلا في التفاصيل،تقول فطيمة.

وجبات خاصة وحملات تطوعية

بعد انقضاء فترة الاستجمام، فإن وجبة الفطور ستكون في انتظار الأطفال. يقول أحمد باغلاب رئيس مصلحة النشاط الاجتماعي لتمنراست إنه تم سؤال أطفال عن بعض الأطباق المحببة حتى لا يتم مواجهة أطفال يرفضون تناول أي وجبة ويشرح فريد قلعي المدير البيداغوجي للمركز إنه تم سؤول طفلين (13سنة) بحضور طباخ المخيم عن الأكلات الممكن تحضيرها ولا تطرح أي أشكال لبقية الأطفال، فتم التوصل الى وضع خريطة خاصة بالوجبات اليومية فيتم تحضير أرز بالسمك، كسكسي مرق أحمر المحبب لدى الجميع عبر الوطن دون تحديد منطقة دون الأخرى. كما يتم أيضا تحضير طاجين الزيتون والعدس، والبطاطا المقلية بالدجاج.

كما يوضح فريد قلعي، المدير البيداغوجي للمركز، بأنه لم يتم تسجيل أي حالة لتسممات غذائية لاسيما وأن الماء متوفر 24/24 سا وفي الدورتين على السواء، إضافة الى وجود طبيب الذي يفحص الأطفال بعد 48 ساعة عن وصولهم للمخيم، مع توفير مضادات الآلام ومضادات الالتهاب وشراب السعال بعيادة المخيم، تحسبا لتسجيل أي حالات لضربات الشمس أو حالات سقوط الأطفال أثناء اللعب أو الاستجمام أو غيره.

يشارك الأطفال وفق أفواجهم في أعمال تطوعية تخص رفع الأطباق والمشاركة في عملية تنظيفها وترتيب الركن الخاص بالإطعام، وإلى جانبه رفع النفايات التي يتم الاتصال بوحدة مادينات للتخلص منها كلما امتلأت الحاويات مختلفة الأحجام المنتشرة عبر المركز. كما أن فيه دروس توعوية حول اقتصاد الماء والطاقات المتجددة وأخرى تعريفية بالبيئة البحرية من خلال معرض مصغر محاذي لغرفة الإدارة بالمدخل الرئيسي للمركز، يضم بعضا من الأمثلة المصغرة عن حيوانات بحرية كالإخطبوط والسلحفاة البحرية وبعض أنواع الأسماك.. كلها حيوانات من بيئة بحرية للأبيض المتوسط، تعتبر مشاركة خاصة من مديرية الصيد البحري للولاية حتى يتعرف أطفال الجنوب عن البحر و«سكانه..