غياب "المرافق" قد يرهن عملية تنقل الحرفيات

ورقلة تعد الحرفيين بفعاليات أكثر ديناميكية خلال 2015

ورقلة تعد الحرفيين بفعاليات أكثر ديناميكية خلال 2015
  • القراءات: 932
 ورقلة مبعوثة "المساء": حنان.س ورقلة مبعوثة "المساء": حنان.س
تعِدُ الغرفة الوطنية للصناعة التقليدية بورقلة جموع الحرفيين بهذه الولاية خلال 2015 بأجندة زاخرة من الفعاليات التي ترمي في مُجملها إلى ترقية المنتوج الحرفي. وقال السيد مبروك اقرين، مدير الغرفة في تصريح لـ”المساء"، أنه من ضمن الأجندة تأتي المعارض والصالونات، إضافة إلى التبادل الثقافي بين ولايات ستستضيفها ورقلة خلال العام الجاري في فعاليات الأسابيع الثقافية ما بين الولايات، إلا أن هذا التبادل يشكل لدى الكثير من الحرفيات إشكالا كبيرا قد يرهن عملية تنقلهن في إطار هذه الأسابيع، والسبب حسب بعضهن يتمثل في إلغاء العمل بـ”المرافق" في تنقلات الحرفيات.
احتضنت دار الثقافة "مفدي زكرياء" لمدينة ورڤلة نهاية ديسمبر المنصرم، فعاليات الطبعة الثانية للصالون الوطني للطرز التقليدي، الذي عرف مشاركة حوالي 30 حرفية من 7 ولايات، إضافة إلى الولاية المستضيفة، حيث تنافست الحرفيات على مدار خمسة أيام كلٌ من جهتها على إبراز الموروث التقليدي للمنطقة التي تنتمي إليها، من خلال فن الطرز الذي تؤكد بشأنه بعض الحرفيات أنه ما يزال صامدا أمام التكنولوجيا الحديثة بفضل أنامل الحرفيات المبدعات، وكذا أمام تحديات مواجهة إشكال تسويق المنتوج الحرفي، وكذا إشكالية غياب المرافق بالنسبة للحرفيات (وهو في العادة زوج أو أخ الحرفية)، وهو ما يخلق مشكلا حقيقيا قد يعيق تنقل الحرفية إلى ولايات أخرى قصد المشاركة ضمن معارض وصالونات جهوية.

تسويق المنتوج الحرفي إشكال يطرح دائما
تباينت آراء حرفيات في الطرز التقليدي حول إشكالية تسويق المنتوج الحرفي، وهو الإشكال الذي يعتبره عدد من الحرفيين تحديا كبيرا بالنظر إلى افتقار العديد من البلديات إلى فضاءات قارة للترويج لهذا المنتوج الذي يبقى رهين المعارض والصالونات سواء المحلية، الوطنية أوالدولية.
لكن قد لا تبدو الصورة نمطية بالفعل بالنسبة لفاطمة وارد، حرفية في فن الطرز، والمشاركة في معرض ورقلة ممثلة لولايتها المدية، إذ تقول المتحدثة إنها تعتمد في تسويق منتوجها اليدوي على فتيات تشغلهن خصيصا لهذا الغرض، فالأمر بالنسبة للسيدة منوط بذكاء كل حرفية، وهي بالتالي تتبع أسلوب المندوب التجاري.. وقد توصلت لهذه النتيجة عن طريق تراكمات تجربتها الطويلة في مجال الصناعة التقليدية. كما تشير السيدة وارد إلى عامل الثقة الذي نسجته عبر السنوات مع زبائنها سواء بعض التجار العاملين في مجال تجهيز العرائس، أو ربات بيوت يعملن وفق المنطق القاضي بتجهيز البنت طوال سنوات حتى إذا ما اقترب موعد زفافها، تحمل معها أفرشة ومستلزمات كثيرة حضرتها لها أسرتها.
من جهة أخرى، تطلب الحرفية من الجهات المعنية تخصيص أماكن قارة للحرفيين لتسويق منتوجهن اليدوي الذي يعتبر مصدر رزق الكثيرين منهم.
وتتوافق الحرفية جميلة سحنون، المشاركة من ولاية تلمسان في الرأي مع الحرفية من المدية، حيث تعتقد السيدة سحنون أن الحرفية على مر السنوات تنمي علاقات ثقة مع عدة زبائن، وهؤلاء طالما استحسنوا منتوجها اليدوي سواء لجودته أولسعره الجيد، فإنهم يصبحون بالتالي مندوبين يعملون على الإشهار لمنتوجها بطريقة آلية، وبالتالي تتسع دائرة زبائنها تلقائيا، إلا أنها تشتكي هي الأخرى من انعدام فضاء قار بمنطقة إقامتها حيث يمكنها تصريف منتوجها الحرفي.
وتعارض الحرفية من ولاية قسنطينة السيدة س. نصيرة رأي سابقتيها، ذاهبة بعيدا في رأيها، حيث تعتبر هذا الأسلوب في التسويق بدائي، وترى أن الأمور قد تطورت كثيرا في الأعوام الفارطة وهذا بفضل سياسة الدعم التي ترعاها الدولة في مجال الصناعة التقليدية، ومن ذلك تنظيم العديد من المعارض والصالونات في المجال من أجل التعريف بالحرفي وتسويق منتوجه على اختلافه، إلا أن المتحدثة تعيب على الإشهار الذي تعتبره مسألة حساسة، تقول: "أعتقد أن نجاح صالون للحرف التقليدية تحديدا منوط بتكثيف الإشهار حوله، ونطلب من الجهات المعنية في كل ولاية دعم أكثر لهذا الجانب لصالح المنتوج الحرفي الذي هو عنوان أصالتنا".

غياب المرافق.. إشكال آخر يبحث عن حل
ولئن اتفقت الحرفيات على أن الصالونات والمعارض تعتبر العمود الفقري للتسويق، إلا أنهن لفتن إلى إشكال التنقل ما بين الولايات، وغياب جهة الاستقبال في الكثير من الأحيان ببعض الولايات، ما يجعل الحرفية في مواجهة "مصير مجهول" خاصة إذا تنقلت برا ووصلت في ساعات الصباح الأولى، وهو حال الحرفية من المدية التي أكدت أنها وصلت لمدينة ورقلة عند الثالثة والنصف صباحا قبيل افتتاح المعرض، ولكنها تفاجأت أنه ما من مندوب عن غرفة الصناعة التقليدية في انتظارها، فاضطرت إلى كراء سيارة "كلوندستان" مرغمة بدفع 500 دينار لإيصالها لأقرب فندق، وهو نفس ما أكدته الحرفية سامية القادمة من قسنطينة إلى ورقلة في حدود الخامسة صباحا للمحطة البرية "الخفجي"، وقالت إنها هي الأخرى استعانت بـ"الفرود" من أجل التنقل مستهجنة عدم تصريف الغرفة لمندوب ينتظر الحرفيات بالمحطة البرية، كونهن عرضة لأي اعتداء خاصة بعد تخلي الجهات المعنية عن "المرافق" للحرفية ـ وهو بالعادة الزوج أو الابن أو حتى الأخ ـ "، في وقت أكدت فيه الحرفية فضيلة تلغمتي، المشاركة من ولاية سوق أهراس أنها وصلت في حدود الخامسة صباحا لمحطة الخفجي، واضطرت للمكوث بها حتى طلوع النهار وقصدت وسط المدينة خوفا من أي طارئ، وضمت صوتها لصوت الحرفيات لمطالبة وزارة الصناعة التقليدية بإعادة النظر في هذه المسألة، أوتنظيم أحسن يضمن للحرفية أمنها خلال عملية التنقل داخل ولايات الوطن". تقول الحرفيات موضحات أن عدم تسوية هذا الملف قد يجعلهن مرغمات على رفض التنقل لولايات لا توفر مرافقا أو مندوبا يعنى باستقبال الحرفية، وهو ما قد يرهن كثيرا عملية ترقية المنتوج الحرفي، وهدف تبادل الخبرات والتجارب بين حرفيي الوطن، يضفن.
في هذا السياق تحديدا، يوضح السيد مبروك اقرين، مدير غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية ورقلة في حديث خاص مع "المساء"، أن "التنسيق موجود بحيث اعتمدنا أسلوب جمع حرفيات منطقة واحدة مثلا الشرق ليأتين معا، مؤكدا أنه تم تسجيل حالة حرفية واحدة وصلت عند السادسة صباحا ـ حسب قوله ـ وتم توجيهها لكراء سيارة أجرة والتوجه نحو فندق "المهري" بالمدينة، ودافع المتحدث عن مسألة إلغاء المرافق للحرفية، موضحا أنه يتم التكفل بالحرفيات من تنقل وكراء أجنحة ومبيت على حساب الغرفة، "فكيف لنا دفع تكاليف مضاعفة؟! ـ يقصد تكاليف التكفل بمرافق الحرفية ـ زد على ذلك عامل الأمن متوفر لذلك لا أرى داعيا من الإفراط في التخوف"، يقول المتحدث، ضاربا موعدا للحرفيين في شتى مجالات الصناعة التقليدية خلال 2015 ضمن أجندة واعدة ومثقلة بدينامكية كبيرة من أجل ترقية المنتوج الحرفي الوطني، ومن ذلك العشرات من المعارض المحلية والجهوية والوطنية للصناعة التقليدية، وكذا أسابيع ثقافية لولايات ستستضيفهم ورڤلة خلال العام الجاري، أو أن تحط هي ضيفة في ولايات أخرى ضمن التبادل الثقافي بين الولايات.