بعد دخول الأم عالم الشغل وتحمّل أعباء مصاريف البيت

هل الأب الجزائري مستعد لتقاسم مهام البيت؟

هل الأب الجزائري مستعد لتقاسم مهام البيت؟
  • القراءات: 640
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

ارتبطت مهام البيت وتربية الأطفال منذ القدم، بالأم، التي لعبت فيهما دورا محوريا. لكن يبدو أن هذا الدور طرأت عليه بعض التغيرات، لا سيما في بعض البلدان التي تؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة؛ فبات الأب يؤدي بعض تلك المهام. ولمعرفة إن كان ذلك يتم طوعا أو بفعل ظروف قاهرة، طرحت "المساء" السؤال على عدد من المواطنين لمعرفة مدى مشاركة الأب في تربية الأبناء والمساعدة في مهام البيت.

تحدثت "المساء" إلى بعض الأمهات اللواتي خرجن للعمل والمشاركة في مصاريف البيت؛ ما جعل الأب، بدوره، يتحمل بعض مسؤولية البيت. وفي هذا الصدد، قالت صبرينة البالغة من العمر 40 سنة وأم لثلاثة أطفال: "هناك طريق طويل للوصول إلى التوازن المنشود بين مهام الأب والأم في البيت". وأردفت: "في الواقع وعلى الرغم من أن الآباء يقضون الآن الكثير من الوقت مع أطفالهم، إلا أنهم لا يقضون المزيد من الوقت في رعاية الأعمال المنزلية التي تقع على عاتق الأم في كثير من الأحيان، وهذا ما نلاحظه أكثر في جيل اليوم مقارنة بما كانت عليه العادات سابقا؛ إذ إن مهام البيت في فترة مضت، كانت ترتبط بالأم. وكان البعض يصنفون مساعدة الرجل زوجته في مهام البيت أو في تربية الأطفال، في خانة  الأمر غير الطبيعي. وراح البعض الآخر يصف فعله بـ "العار"، مؤكدة أن "هذا ليس تفكير الرجل، وإنما تفكير المرأة في حد ذاتها؛ إذ هي التي حقنت هذا التفكير في المجتمعات؛ فمنذ ولادة الصبي لا بد أن تخدمه الأم، أو الأخت، ومن ثم الزوجة، وهذا ما جعل التقليد يترسخ، ويُنقل بين الأجيال".

ومن جهتها، قالت وحيدة، خمسينية وأم لستة أطفال، إن تفكير الأجيال يتغير، وهذا بفعل التفتح على العالم، والدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة؛ إذ تتجسد الصورة المثالية للرجل المثالي، في التصور الذي يراد نشره، في ذلك الذي يساعد في مهام البيت، ويشارك الزوجة تربية الأطفال، خصوصا في الدول الأوروبية والأمريكية؛ حيث يكون مبدأ المشاركة واحدا من تلك المهام، لتجد الزوجة تعمل خارج البيت، وتساعد في النفقة. وتجد الرجل، بدوره، يساعد، هو الآخر، زوجته بما يمكنه، داخل البيت، إلا أن هذا النموذج، حسب المتحدثة، يبقى نسبيا، ولا يمكن نسبته إلى مجتمع دون آخر، مؤكدة أن "قناعة الزوج ومرونته في محاولة حمل بعض الأعباء على زوجته ومشاركتها مسؤولية المنزل، هي التي تحدد دوره في المنزل". وأجمع عدد ممن مسّهم استطلاع "المساء"، على أن الرجل تغير كثيرا في السنوات الأخيرة، لا سيما خلال العشرين سنة الأخيرة. وبات هؤلاء يمضون الوقت أكثر مع الأطفال خصوصا، والدليل على ذلك مزامنة بعض الآباء عطلهم السنوية مع عطل الأطفال المتمدرسين، وهذا لمشاركتهم العطلة أو بعض الأوقات، لكن يبقى كل ذلك بعيدا عن قاعدة مضبوطة، لاسيما في الجزائر؛ حيث يبقى الأب أكثر اهتماما بمهامه خارج البيت بدل أمور البيت.

ومن العدل إعطاء الكلمة للرجل للتعبير عن رأيه في هذا الموضوع؛ حيث أشار السيد عيسى في هذا الشأن، إلى أن "اليوم ومع صعوبة الحياة والتوفيق بين المهام خارج وداخل البيت، لا بد قبل كل شيء، من مشاركة المسؤوليات قبل المهام"؛ فمن الجيد، حسبه، "مساعدة الزوجة في ما تقوم به، لكن ذلك ينطوي على مدى جاهزية الرجل لذلك من جهة، ومدى فراغه بين العمل وباقي الأشغال اليومية، لكن الأهم في كل ذلك، هو تربية الأطفال"، موضحا: "أرى أن الأطفال لا بد أن يتلقوا التربية من الطرفين. وليس من المعقول أن تُلقى كامل المسؤولية على شخص واحد؛ سواء الأب أو الأم؛ لأن الطفل يحتاج إلى رعاية كاملة"، مشيرا إلى أن آباء اليوم لديهم قابلية أكثر، لا سيما أن المرأة أصبحت تطالب أكثر بذلك. والحوار أهم شيء يمكن الزوجين العمل به لإيجاد أرضية توافق تساعد الطرفين؛ فإذا كان الرجل كسولا في القيام ببعض الأعمال المنزلية، تبقى من مسؤوليته، على الأقل، مشاركة مهام التربية مع الأم".