تصرفات عفوية لكن عواقبها قد تكون خطيرة

نشر صور الأبناء عبر مواقع التواصل تعدٍّ على حقوقهم وأمنهم

نشر صور الأبناء عبر مواقع التواصل تعدٍّ على حقوقهم وأمنهم
  • 665
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

حذّرت المحامية والناشطة في مجال حماية حقوق الطفل صبرينة حشحاش، من التصرفات "العفوية" من بعض الأولياء في وضع صور لأطفالهم وحتى رضّعهم، على مواقع التواصل الاجتماعي؛ على غرار "فايسبوك" و«أنستغرام" خاصة؛ لأغراض مختلفة؛ سواء للتباهي، أو التعبير عن فرحة، أو مشاركة المحبة مع الأصدقاء، إلا أن هذه الوضعية قد تسيء للطفل، وقد تهدد حياته المستقبلية بدون أن يدرك الآباء ذلك. 

شددت المتحدثة على خطورة الأمر، وأوضحت أن هذا التصرف لا بد أن يدرك مضارَّه الآباء، وما قد ينجر معه من مخاطر تحدق بالطفل وبراءته، خاصة مستقبله؛ من أعراض بسيطة إلى مشاكل بالغة الخطورة، يدركها، اليوم، كثير من المشاهير، الذين أصبحوا يتحفظون في نشر صور أطفالهم خاصة الرضع، من باب حماية الحياة الشخصية، ومنع أي تعد على الراحة الأسرية، وخيار إبقاء الحياة محفوظة من مختلف جوانبها.

وأعربت المحامية عن تفهمها رغبة الآباء في مشاركة صور أطفالهم مع العالم، موضحة أن ذلك بالنسبة للبعض، فخر وفرحة بما لديهم، وأنه فعل تحركه غريزة إنسان طبيعي؛ سواء الأم أو الأب، وهذا غالبا يكون بعفوية تامة، وبدون إدراك ما قد يخلّفه، فيكون للتعبير عن الحب أو السعادة أو غيرها؛ فتجد آباء يضعون، مثلا، صورا للرضيع مباشرة بعد ولادته، أو أثناء الاحتفال بعيد ميلاده، أو عند نزوله إلى الشاطئ، أو حتى دخوله المدرسة، وارتدائه لباس العيد، وغيرها من المواقف التي نجد الأولياء يشاركونها عبر المواقع.

كما إن البعض يضعون أطفالهم في وضعيات حرجة جدا، لا تتوافق، تماما، مع مبادئ صون وحفظ الكرامة؛ كتصويره في المستشفى، أو أثناء البكاء، أو غير ذلك. وأكدت الخبيرة في حقوق الطفل، أن الكثير من الدراسات الأجنبية والتي رغم تفتّح تفكيرهم ـ على حد تعبيرها ـ وأكثرهم مؤيّدون للمشاركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنّ لذلك حدودا، وخطوطا حمراء لا يجب تعديها أو الدوس عليها حتى، وبالتالي هي في الحقيقة، تعدٍّ على الحياة الشخصية، وخيارِ التحفظ، لا سيما إذا ما مست بكرامة الإنسان.

وأكدت المحامية صبرينة حشحاش، أن تلك الصور المنشورة لأطفالنا يمكن استغلالها لاحقا من قبل أصحاب النفوس المريضة؛ كالتنمر على الطفل مستقبلا. كما يمكن في حالات أخطر، أن تصل تلك الصور إلى أيدي أشخاص مرضى نفسيين، ولديهم تلك الميول الشاذة والجنسية نحو الأطفال، وهي أخطر الحالات، التي بمجرد التفكير فيها تقشعرّ لها الأبدان، وتخلق خوفا على الطفل، لا سيما أن حركة الأنترنت سلسة جدا، وكل إعجاب أو مشاركة يجعل تلك الصور تعبر الحدود في لحظات قليلة.

وأضافت المتحدثة أن لحماية الأطفال من المخاطر المحتملة، يقوم بعض الآباء بتغطية وجوه أطفالهم بواسطة بعض الرموز، منبهة إلى أن اليوم بعض الوسائل والتقنيات الحديثة، تسمح بإزالة تلك الرموز، وإخراج الصورة الأصلية، وبذلك تُعد حلولا غير آمنة، ويمكن، بذلك، الكشف عن وجه الطفل بكل وضوح. وقالت المختصة إن الجمعية الألمانية لحماية الأطفال ترى في هذا الإجراء، حلا مؤقتا؛ نظرا لأن بعض تنسيقات الصور غير آمنة من الناحية التقنية، ويمكن استعادة وجه الطفل مرة أخرى.

وتنصح المتحدثة بعدم نشر صور الأطفال. وإذا كانت الرغبة قوية في ذلك، فلتكن بين قائمة محصورة جدا من أفراد العائلة والمقربين فقط، وبالضبط الحساب على الخاص. كما تنصح بتفادي نشر أي بيانات شخصية لهم؛ كأسمائهم، أو تفاصيل إقامتهم؛ لأن ذلك سيسهل عملية استهدافهم بالنسبة للمتربصين بهم.

وشددت المحامية، في الأخير، على أن الطفل يمكن أن يكون مستقبلا، معرضا لخطر "سرقة الهوية" أو انتحالها، خاصة بفضل الذكاء التكنولوجي الاصطناعي، الذي بات يخيف خبراء التكنولوجيا في حد ذاتهم، على أن يفقدوا السيطرة في التحكم في خوارزميات تلك التكنولوجيا الحديثة.

وبذلك يمكن أن يستغل البعض هويته لأغراض إجرامية، أو للوصول إلى ملفه البنكي وحساباته المالية. أو إذا كان من الشخصيات الشهيرة، مستقبلا قد تشكل صوره ضغطا عليه، وعلى راحته، وراحة عائلته، وغيرها من الروايات والوقائع التي تتحول في لحظة، إلى قصص مخيفة، غالبها مستند على أحداث حقيقية وقعت في عالمنا؛ بسبب تلك التكنولوجيات المخيفة.