تفعيلا للحملة الوطنية لمكافحة المخدرات

نزلاء مؤسسة إعادة التربية بالبليدة نموذج في التغلب على الإدمان

نزلاء مؤسسة إعادة التربية بالبليدة نموذج في التغلب على الإدمان
  • القراءات: 664
رشيدة بلال رشيدة بلال

شهادات مثيرة لمدمنين أقلعوا عن تعاطي السموم

قدم نزلاء مؤسسة إعادة التربية بالبليدة، شهادات حية عن التجارب التي عاشوها مع إدمان المخدرات، وكيف تمكنوا بفضل المرافقة والمتابعة النفسية والطبية، التي حصلوا عليها في المؤسسة، من ترك هذه الآفة، والتطلع لآفاق جديدة، عمادها التعلم والتكوين، لإعادة الاندماج في المجتمع، وتكون تجاربهم عبرة لكل من تسول له نفسه تعاطي هذه الآفة الخطيرة.

من بين الاعترافات التي شدت انتباه باقي النزلاء والمختصين، الذين شاركوا في تنشيط الحملة التحسيسية، التي نظمها مؤخرا، مجلس قضاء البليدة، في إطار الحملة الوطنية لمكافحة إدمان المخدرات، لفائدة نزلاء مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالبليدة، كانت للشاب (ح. ل)، الذي قال بأن ولوجه عالم المخدرات كان من باب التقليد، خلال مرحلة المراهقة، غير أن هذا التقليد كانت نتائجه وخيمة، حيث بدأ في تعاطي "الزطلة" والسجائر الملفوفة، وبعدها الحبوب، ومن ثمة أصبح يتعاطى المخدرات، وتحول إلى شخص عنيف في سبيل تأمينها، وجعلت منه مجرما يسرق ويضرب لتأمين هذه السموم، إلى أن تم القبض عليه وإيداعه المؤسسة، بعد رحلة طويلة بين أروقة المحاكم ومؤسسات إعادة التربية، وأنه بفضل المرافقة الجيدة التي حظي بها على مستوى المؤسسة، سواء من حيث التكفل الطبي أو  النفسي، تمكن من التعافي من هذه الآفة، التي كادت تودي بحياته، بعدما بلغ حد التعاطي دون حدود.

لم يخف النزيل فضل المؤسسة الكبير في خروجه من آفة الإدمان، حيث قال: "تمكنت بفضل المرافقة الجيدة بالمؤسسة، من طلب العلم والتكوين"، ليحوز على شهادة جامعية وخمس شهادات في مجال التكوين المهني، ويتطلع بعد الخروج من المؤسسة العقابية، ليكون فردا صالحا، ينقل تجربته ويحث الشباب على عدم تعاطي المخدرات، التي تعتبر وجها آخر للمعاناة والجريمة.

من جهته، أكد سجين آخر، في اعترافاته، بأنه ولج عالم المخدرات في سن 14 عاما، نتيجة الحالة الاجتماعية التي كان يعيشها بعد طلاق والديه، الأمر الذي أثر عليه وجعله يرافق جماعة السوء، التي استدرجته إلى عالم المخدرات، بتمكينه من الأقراص المهلوسة مجانا في أول الأمر، بعدها وجد نفسه مضطرا إلى تعاطيها، فتحول من مجرد مستهلك إلى مروج، ليتمكن من توفرها لديه متى احتاج إليها، غير أن إدمانه على المخدرات وحاجته الملحة إليها، جعلته يتحول إلى مجرم، يحترف السرقة، إلى أن تم القبض عليه، وهو أحسن شيء حدث له، لأنه تمكن بفضل الرعاية النفسية والطبية والصحية، من التخلص من هذه الآفة والبحث عن آفاق جديدة، وبالمناسبة، وجه رسالة إلى كل من هم معرضين للوقوع ضحية هذه الآفة، بالابتعاد عنها قدر المستطاع، وعدم التفكير مطلقا في خوض التجربة، خاصة مع رفاق السوء.

من بين الشهادات التي أثرت على كل نزلاء المؤسسة، كانت لنزيل في عمر الزهور، غرر به، فوجد نفسه ضحية لهذه الآفة، وبعدما كان يمارس رياضة الملاكمة، وكان لديه مستقبل واعد في هذا النوع من الرياضات النبيلة، غير أن انسياقه وراء تعاطي المخدرات من باب التجربة، ومرافقة أصحاب السوء حوله إلى مدمن محترف، وكانت إحدى نتائج الإدمان، أن تم إحداث ثقب في رقبته بفعل المخدرات، واليوم أصبح عاجزا عن الكلام، وضاع مستقبله في احتراف رياضة نبيلة، وقال، رغم صعوبة الحديث، فإنه نادم، ويتمنى أن يأخذ كل الشباب حيطتهم وحذرهم.

مؤسسات إعادة التربية من الردع إلى المرافقة والتكوين

أكد مدير مؤسسة إعادة التربية والتأهيل، طاهر بخوش، أن مؤسسات إعادة التربية لم يعد دورها محصورا في الردع فقط، إنما أصبحت، انطلاقا من المصالح المتخصصة، تولي اهتماما كبيرا بمرافقة النزلاء في مجال التعليم والتكوين المهني، إلى جانب ضمان المرافقة الطبية والنفسية، التي تلعب دورا كبيرا في مساعدة المدمنين على التخلص من هذه السموم، لبدء حياة جديدة ، يردف: "وبالمناسبة، تقدم المؤسسة سنويا، عددا كبيرا من الناجين في مختلف الامتحانات النهائية سنويا، فمثلا السنة الماضية، بلغت نسبة نجاح النزلاء الذين اجتازوا شهادة الباكالوريا، 62 بالمائة على المستوى الوطني، وهذا رقم كبير، يعكس إرادة النزلاء في التغير، ويثبت الدور الريادي الذي أصبحت عليه مؤسسات إعادة التربية في تقويم سلوك النزلاء".

أضاف قائلا: "وأكثر من هذا، نولي اهتماما كبيرا لتكوين النزلاء في مجالات مختلفة، خاصة في  فن النجارة، والتي يتم في الوقت الراهن، بيع منتجاتهم خارج المؤسسة، كما ينتظر أيضا أن يتم فتح مصلحة جديدة في مجال الحدادة الفنية، التي تعتبر من التخصصات المطلوبة". مشيرا في الإطار، إلى أن المؤسسة أيضا، وتفعيلا لدورها في مجال التربية، قامت بفتح  فوجين كشفيين للمراهقين، في انتظار أن يتم افتتاح أفواج كشفية أخرى لفائدة البالغين والنساء، وأكثر من هذا، فإن كل الشهادات التي تقدم لفائدة السجناء، لا توسم بوسم المؤسسة، ليتمكن النزيل بعد انقضاء فترة عقوبته، بالاعتماد على ما لديه من مؤهلات وشهادات من العمل في أي مؤسسة أو ورشة، من أجل منحهم فرصة أخرى، وتمكينهم من إعادة بناء حياتهم.