بن غربال رئيس الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية التونسية لـ"المساء":

ندعو إلى شراكة حول الحرف اليدوية لدعم الهوية المغاربية

ندعو إلى شراكة حول الحرف اليدوية لدعم الهوية المغاربية
  • القراءات: 722
حاورته: حنان. س حاورته: حنان. س
دعا السيد محمد بن غربال، رئيس الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية التونسية التابع لوزارة التجارة والصناعة التقليدية، إلى تخفيف الإجراءات الإدارية في الجزائر وتونس بغرض تسهيل مجال الشراكة بين الحرفيين في البلدين، ويدعو الجهات المعنية إلى إيجاد صيغة لهذه الشراكة بغية دعم الهوية المغاربية والعربية والإسلامية. ويتحدث لـ"المساء" على هامش انعقاد الطبعة الـ19 للصالون الدولي للصناعة التقليدية، الذي انعقد مؤخرا بالعاصمة الجزائر، خاصة أن قطاع الصناعة التقليدية من أكثر القطاعات خلقا لليد العاملة.

^ كيف ترون مشاركتكم هذه في صالون الجزائر الدولي للصناعة التقليدية؟
^^ والله المشاركة طيبة ونحن كغرفة جهوية للصناعة التقليدية نمثل الحرفيين، خاصة في مجال الجلود، كوني حرفي في هذه الصناعة، والشعب الجزائري مضياف للغاية ووجدنا تسهيلات كثيرة بهذه المناسبة، وعُوملنا باحترام كبير يعكس عراقة الشعب الجزائري. ونحن اليوم نحمل رسالة الحرفي نبعث بها للسلطات المعنية سواء في تونس أو بالجزائر، حيث نريد تضافر الجهود من أجل خلق شراكة وندعو الإدارة القائمة على قطاع الصناعات التقليدية إلى ترقية هذا المنتوج.

^ هل تقصدون أن الإدارة قد تعرقل الحرفي بشكل أو بآخر؟
^^أعتقد أن على الإدارة أن تكون أكثر مرونة مع الحرفي، ونحن نحاول تفعيل القوانين الموجودة، فمثلا قانون يحمي الحرفي ويرمي إلى ترقية منتوجه يتطلب وقتا كبيرا جدا لتفعيله، كما تنقصنا قوانين تدعم التواصل بين الحرفي والإدارة، وأعتقد أن التواصل السلس هو أحسن طريقة لدعم الحرفة اليدوية من جهة، وتعزيز ثقة الحرفي في صناعته من جهة أخرى، وطبعا، عندما نقول تعزيز الثقة فهذا معناه الحفاظ على الموروث الثقافي للبلد، لأن حوالي 90 بالمائة من الصناعات التقليدية تتوارث في العائلة الواحدة، وإذا لم يتم الانتباه إلى أهمية العناية بالحرفة وقبلها الحرفي نفسه، فإننا قد نواجه هجرة أو هروب الحرفيين عن حرفهم، بالتالي نكون أمام خطر افتقاد أحد روافد الهوية المجتمعية.
أما عن مسالة التواصل، فمثلا نحن كغرفة جهوية للصناعة التقليدية في تونس، نعمل على تكثيف الجهود لتحسيس الإدارة بأهمية التواصل المبني على الثقة المتبادلة، ومن ذلك تنظيم العديد من الفعاليات والمهرجانات، ومنها تأتي مشاركتنا في هذا الصالون بالجزائر.

^ وكيف ترون دعم الإدارة لكم كحرفيين؟
^^ لا نتحدث هنا عن تطبيق القوانين الموجودة لدعم القطاع الحرفي وحتى تكثيف التواصل بين الجهتين فقط، وإنما نريد دعما حقيقيا بحماية المنتوج اليدوي من السوق الموازية، فإذا تحدثنا عن الصناعة اليدوية وعملنا على توفير المادة الأولية وتكوين الشباب في المجال وتوفير فضاءات لتصريف المنتوج اليدوي، مثل المعارض، أو حتى أحياء وشوارع مخصصة فقط للمنتوج التقليدي، مثلما هو حاصل عندنا بمنطقة "سيدي بوسعيد" في العاصمة تونس، لكن في المقابل لا يجب أن  نسمح للمنتوج الآسيوي، وخاصة الصيني، باكتساح السوق، فكلنا نعلم أن هذا المنتوج بالذات كسر كل قواعد الأسعار، فكيف نتحدث إذن عن ترقية المنتوج الحرفي؟ وهذا الأمر بالذات أثر كثيرا على قطاع الحرفة اليدوية وجعل بعض الحرف في طريقها إلى الاندثار.

^ وهل هذا التراجع بسبب أسعار المنتوج الصيني فحسب، أم هناك أسباب أخرى مثل نقص المادة الأولية؟
^^لا أعتقد أن نقص المادة الأولية قد يؤثر على الحرفي ويجعله يتراجع عن حرفة ورثها منذ أجيال، فهذا عائق يدخل ضمن صعوبات العمل ونحن كحرفيين ـ وأعتقد أنه حال العديد من الحرفيين الآخرين أينما وجدوا ـ وصلنا إلى تشكيل دائرة مهنيين نعمل معهم في مجال توفير كل أنواع المادة الأولية، تشبه إلى حد ما دائرة الزبائن الأوفياء التي قد يكونها أي بائع، لكن تسهيل دخول المنتوج الأسيوي وانخفاض سعره، أما المنتوج المحلي فيجعل المواطن يقبل عليه أكثر من إقباله على منتوج بلده، رغم الفرق الواضح في الجودة، فالناس تسعى وراء كل سعر منخفض، لكن الأمر راجع للدولة، فهي وحدها القادرة على تنظيم الأمور. أما القول بأن المنافسة غير المتكافئة بين المنتوجين هي السبب في تخلي بعض الحرفيين عن الصناعة اليدوية، فنراه مثلا في اندثار حرفة التذهيب على الجلد، هو طباعة مشخصة بخيط مذهب على الجلد باستعمال اليد، واندثار صناعة الدمى بالجلد وهناك السكاجة (منسوجات يدوية بالجلد) والسراجة (صناعة السروج) حرفتان في طريق الاندثار، هذا كله بسبب هجرة الحرفيين لحرفهم بسبب المنافسة غير المتكافئة التي تحدثنا عنها.

^ ألا تعتقدون أن سعر المنتوج الحرفي المرتفع نوعا ما يؤثر على اقتنائه الواسع؟
^^إلى حد ما، لكن هنا نؤكد أن الإدارة متى وقفت بشكل كلي مع الحرفي ووفرت المادة الأولية وسهلت له الحصول عليها، فالأكيد أن السعر سيتقلص كثيرا، لأن الصناعة اليدوية معروف بأنها متعبة وتأخذ الكثير من الوقت في سبيل إنتاج قطعة جيدة وجميلة.

^ ما هي الرسالة التي تحملونها اليوم بمناسبة صالون الجزائر الدولي؟
^^نحن كحرفيين بالدرجة الأولى، ندعو السلطات القائمة على قطاع الصناعة التقليدية في تونس والجزائر إلى العمل على إيجاد صيغة شراكة للارتقاء بالمنتوج الحرفي، خاصة أن هناك كفاءات يمكنها العمل على هذا المنوال وتحقيق هدف التصدير ومنافسة المنتوج الصيني بالجودة المطلوبة. ويحمل الشباب في البلدين أفكارا هامة وجيدة في هذا المجال. ينقص فقط الاهتمام بتكوين الشباب في مجال الحرف اليدوية حتى تخلق أجيال تحب هذه الصناعة. كما نطمح كغرفة جهوية للصناعة التقليدية إلى أن تعمل الإدارة في الجزائر وتونس في المستقبل القريب، على إيجاد صيغة شراكة تجمع حرفيين من البلدين يمكن أن تكون حسب نوعية الحرفة اليدوية الممارسة، وستكون هذه الشراكة بمثابة العمل المشترك لدعم الهوية المغاربية. وبما أن جريدة "المساء" سمحت لنا بهذا اللقاء، فنحن نوجه عن طريقها دعوة إلى السلطات المعنية بالبلدين لخلق صيغة تبادل في مجال الحرف بينهما، وجذب الشباب نحو هذا القطاع، ولم لا فتح مجال التكوين في هذه الحرفة أو تلك بين الجزائر وتونس؟