يوم تحسيسي حول العزوف عن التبرع بالأعضاء

ندرة المتبرعين بالأعضاء مرجعها أفكار تقليدية رافضة

ندرة المتبرعين بالأعضاء مرجعها أفكار تقليدية رافضة
  • 416
شبيلة. ح شبيلة. ح

دعا المشاركون في اليوم التحسيسي حول العزوف عن التبرع بالأعضاء في المجتمع الجزائري، إلى ضرورة توعية المواطنين، من خلال مشاركة الأئمة ووسائل الإعلام، في التحسيس بعملية التبرع التي تشكل عملا منقذا للحياة الإنسانية، مع ضرورة تطبيق أحكام قانون الصحة، الذي يشجع على أخذ الأعضاء من الجثامين. 

أكد المشاركون، من أطباء ومختصين وأساتذة، خلال اليوم التحسيسي الذي احتضنته جامعة قسنطينة "2"، وحمل عنوان "العزوف عن التبرع بالأعضاء في المجتمع الجزائري، نحو تغيير الذهنيات"، أن عمليات زرع الأعضاء البشرية لا تزال تعرف نقصا كبيرا في المستشفيات الجزائرية، رغم الجهود المبذولة من طرف الجهات المختصة، من أجل رفع عدد العمليات سنويا، والاقتراب من المعدلات العالمية، معتبرين أن هذه الجهود تواجهها العديد من العقبات، من أهمها نقص عدد المتبرعين، وهو ما يترجمه العدد القليل من العمليات الجراحية الخاصة بنقل وزرع الأعضاء، من المتوفين دماغيا في المؤسسات الاستشفائية الجزائرية.

أرجع عدد من الأطباء والخبراء المشاركين في الحملة التحسيسية، التي جاءت بالتنسيق ووكالة التكنولوجيا والبحث في العلوم الصحية والحياة، وكذا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في إطار البرنامج الوطني للبحث، بمشاركة مستشفى "بن باديس" الجامعي، أن ندرة المتبرعين بالأعضاء سببها سيادة بعض الأفكار التقليدية، التي ترى في العملية تعدٍ غير مقبول على الجسد الإنساني، حيث أجمعوا على أن الحملات الإعلامية للتوعية بأهمية التبرع من أجل إنقاذ الأرواح، يجب أن تفلح في تجاوز الثقافة الشعبية الرافضة لهذه الأفكار، ما يستدعي اليوم، العمل على ضرورة خلق الثقة في الطواقم الطبية والمستشفيات الجزائرية.

من جهتها مسؤولة مخبر تحليل السيرورات الاجتماعية والمؤسساتية، بجامعة "عبد الحميد مهري"، البروفيسور عبلة رواق، المنظمة للتظاهرة، أكدت أنها، وفريق بحث مختص بالجامعة، تعمل على مشروع بحث وطني حول صحة المواطن، من خلال البحث في أصل وسبب ندرة الأعضاء البشرية التي يمكن زرعها من المتوفين دماغيا، كون المصالح الاستشفائية، بما في ذلك من هم في أمس الحاجة إلى زرع عضو معين، يعانون، بسبب عزوف المتبرعين. 

وقالت المسؤولة في حديثها مع "المساء"، إن الهدف من مشروع بحثها، هو معرفة عوامل مقاومة التبرع بالأعضاء البشرية، لإحداث التغيير الإيجابي نحو التبرع بالأعضاء، من خلال إنجاز برنامج منهجي، يعتمد عليه في إقناع عائلات المتوفين دفاعيا لصالح الفرق الطبية في المصالح المختصة، والتشجيع على التبرع بالأعضاء من خلال مختلف الوسائل الإعلامية، مع توعية أفراد المجتمع الجزائري بأهمية التبرع بالأعضاء وزرعها، وكذا توعية أفراد المجتمع الجزائري بقانونية وشرعية التبرع "نقل وزرع الأعضاء البشرية لمؤسسة التوطين".

وأضافت المتحدثة، أنها، وفريق بحثها، ستعمل قريبا على برنامج تكويني، يعد آخر مرحلة في بحثها، لفائدة أطباء نفسانيين وعاميين وممرضين وشبه طبيين في أقسام الإنعاش، قصد تكوينهم نفسيا للتعامل مع أهل الضحية أو المتوفي سريريا، بمجرد دخوله قسم الإنعاش، من أجل تحضير عائلته نفسيا للتبرع بأعضائه، وإنقاذ حياة أشخاص آخرين. من جهة أخرى، وحول أسباب عزوف الجزائريين عن التبرع بأعضائهم، يجيب أستاذ علم النفس، حازم حماني، بالقول؛ إن التخوف هو سيد الموقف، سواء من الناحية الصحية خلال حياته، أو الدينية عند وفاته، وأضاف أن التوعية تبقى أهم وسيلة لدفع الناس إلى  الإقبال على العملية، مشيرا إلى أن الأمر ما زال يحتاج إلى جهود توعية أكبر من قبل السلطات ووسائل الإعلام ورجال الدين، مضيفا في ذات السياق، أن الجزائري لا يزال متخوفا من فكرة وهب عضو من أعضائه، سواء حيا أو ميتا، وهذا يرجع بالدرجة الأولى لقضية الذهنيات التي يجب تغييرها سريعا، حتى ننقذ أرواح الكثير من المرضى ونبعث في نفوسهم الأمل في الحياة من جديد.

من جهتهم، أكد عدد من الأئمة، أن الإسلام يعزز المساعدة والمشاركة بين البشر، ويشجع على التبرع بالأعضاء، لأنه رمز للتضامن، فهو صدقة جارية، للتخفيف من معاناة المريض، بتقديم عضو، معتبرين أن الإسلام لا يعطينا الحق في أن نكون سببا في خسارة البشر، بل يوصي بإنقاذ الأرواح، مستشهدين بالعديد من الآيات والسور القرآنية، التي سمحت للفقهاء المسلمين بإصدار فتاوي تجيز زرع الأعضاء، بالرغم من أن الإسلام يصون جسم الإنسان ويحفظه، على غرار الآية "173" من سورة "البقرة"، الآية "28" من سورة "النساء" وغيرهما.