ندرة المادة الأولية تهدد الحرفي في مصدر رزقه

ندرة المادة الأولية تهدد الحرفي في مصدر رزقه
  • القراءات: 566
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

عبر عدد من الحرفيين في مختلف تخصصات الصناعة التقليدية، عن تخوفهم من تراجع العمل في الحرف اليدوية بسبب ارتفاع سعر المواد الأولية، حيث يعتبر هذا الواقع أحد أكبر التحديات التي يواجهها الحرفي في مسيرته المهنية، إلى جانب عدد من المشاكل الأخرى كضعف الترويج.

قدم معرض الصناعة التقليدية بساحة البريد المركزي العديد من الحرف اليدوية التي أبهرت المارة، تلك القطع الجميلة يبدو أن صناعتها لم تكن سهلة، حسبما أبداه عدد من الحرفيين المشاركين، الذين أجمع عدد منهم على أن الصناعة التقليدية اليوم تعاني العديد من المشاكل، كانت ولا تزال تؤرق الحرفي البسيط الذي تعتبر بالنسبة له تلك الحرف مصدر رزقه، إلى جانب أسلوبه الخاص في التعبير عن حبه وحرصه على المحافظة على الموروث التقليدي الذي خلفه الأجداد في قطع تقليدية جميلة.

حول هذا الموضوع، تنقلت «المساء» بين عدد من الحرفيين، في البداية كان لنا حديث مع سيد احمد تريكي الذي أكد أن الفضل في استمرار إنتاج القطع التقليدية في مختلف التخصصات والحفاظ عليها من الاندثار يعود إلى عدد من الحرفيين والصانعين من مختلف الولايات، الذين تحدوا الصعوبات التي يتخبطون فيها من حين لآخر، وعملوا جاهدين في سبيل مواصلة ممارسة هذه الحرفة حتى في الأوقات الصعبة، في الوقت الذي تخلى عدد كبير منهم عنها، سواء كالبحث عن سبل لاستيراد المادة الأولية من دول أجنبية، مما يجعل تكلفتها مرتفعة، إلا أنهم يبيعون قطعهم بمبالغ رخيصة قد تؤدي بهم إلى تحقيق الخسارة في تجارتهم.

على صعيد آخر، حدثنا كريم واعلي، حرفي في صناعة الحلي التقليدية، عن بعض الصعوبات التي يواجهها في حياته المهنية، حيث قال: «الصناعة التقليدية تواجه اليوم عدة تحديات، منها مشاكل مرتبطة بالتسويق، وأخرى باستيراد منتجات من الصين، وكذا نقص المواد الأولية، إذ لا يزال المشكلان الأخيران يهددان بقاء الصناعة التقليدية، على عكس عملية التسويق التي تعمل غرفة الصناعة التقليدية جاهدة لخلق فضاءات ترويجية، كتنظيم معارض للصناعة التقليدية عبر مختلف ولايات الوطن».

في هذا السياق أفادت صبرينة واجلين، حرفية في صناعة الفسيفساء، أنها تضطر إلى استيراد المادة الأولية من فرنسا وإسبانيا بكميات صغيرة، بسبب عدم توفرها من جعة، وغلاء سعرها إذا توفرت، مما يضطرها أحيانا إلى الاستعانة بمواد بناء المسابح، إلا أن النتيجة لا تكون دائما جيدة، مثل استعمال الفسيفساء الحقيقي، إلى جانب عيشها دائما معاناة التنقل بصفة متكررة في السنة الواحدة بين فرنسا وإسبانيا لشراء تلك المادة الأولية التي تقتنيها بكميات قليلة لثقلها، وتضيف المتحدثة: «كل هذه الأمور تعتبر مصاريف إضافية تثقل كاهل الحرفي، مما يضطره إلى رفع سعر بضاعته، بالتالي عزوف الزبون عن اقتنائها بسبب ارتفاع سعرها، فهذا طبيعي لأن الزبون لا يعلم بحقيقة تلك المشاكل».

وأمام ندرة المرجان، يقول عبد الرؤوف، حرفي في صناعة الحلي التقليدية من ولاية تلمسان، يضطر الحرفي إلى استبدال تلك القطع الأصلية بقطع أخرى بلاستيكية، أو المرجان الاصطناعي، وهذا ما يفقد جمال وأصالة تلك القطع ويجعلها لا تساوي شيئا من حيث القيمة، غير أن كل هذه الصعوبات لم تثن السيد رؤوف وبقية زملائه عن مواصلة ممارسة هذه الحرفة للحفاظ على هذا التراث من جهة،  ومصدر استرزاق لهم من جهة أخرى.