في غياب مخطط أمني لحماية صناديق النحل

نحالون في صراع دائم مع اللصوص

نحالون في صراع دائم مع اللصوص
  • القراءات: 2623
 رشيدة بلال رشيدة بلال

تعتبر سرقة صناديق تربية النحل من أهم المشاكل التي تواجه النحالين، وعلى الرغم من أن مربي النحل عرضوا المشكل على جمعية مربي النحل لولاية الجزائر، غير أنها لم تبادر ـ حسبهم ـ إلى إيجاد حلول للمشكل المطروح، بحكم أنه من الصعب مراقبة الصناديق  وحمايتها من السرقات، خاصة في الحقول البعيدة والمتواجدة بالمناطق المعزولة، الأمر الذي حتم عليهم البحث عن حلول فردية لتأمين الصناديق.

يقف مربو النحل في آخر مرحلة بعد تهيئة صندوق النحل وجعله معدا للإنتاج، بعد اختيار الحقل الذي يرعى فيه النحل، عاجزا عن حماية هذا الأخير من السرقة، وهو الأمر الذي دفع ببعضهم إلى الاجتهاد لإيجاد حلول شخصية تبعد عن صناديقهم خطر السرقة.   وحسب نذير بطاطا، مربي نحل وعضو مؤسس لجمعية "مربي النحل"  التقته "المساء" على هامش مشاركته بمعرض العسل الذي جرت فعالياته في ساحة البريد المركزي: "فإن الحل الذي يعتبره ناجعا وساهم إلى حد ما في التأمين على صناديقه بعد وضعها في حقول المتيجة لترعى وتصنع العسل، يتمثل في عدم إلصاق قاعدة الصندوق بالهيكل الخارجي، مما يعني أن السارق الذي تسول له نفسه السرقة عندما يرفع الصندوق تضل الخلية المكونة له في مكانها، فتفوته الفرصة، غير أن هذا الإجراء، حسب محدثنا، بقدر ما أبطل بعض محاولات السرقة التي تعرضت لها صناديقه، إلا أنها تسببت من ناحية أخرى في إتلاف بعض صناديقه، بحكم أن بعض اللصوص من الذين يعجزون عن السرقة يتلفون الخلية ويهربون".

سرقة صناديق النحالين تعتبر من أكثر المشاكل التي لم نجد لها الحل، يقول محدثنا ويضيف: "شخصيا تعرضت للسرقة في العديد من المرات، وفي كال مرة أفقد ما يزيد عن 8 و16 صندوقا، الأمر الذي يلحق بي ضررا كبيرا. مشيرا إلى أن الإجراء الوحيد الذي يبادر إليه النحالون بعد التعرض للسطو، هو الالتحاق بأقرب مركز شرطة لتقديم شكوى ضد مجهول، ليظل السارق حرا ويبقى مربي النحل يتخبط وحيدا في غياب قانون يحمي جهده من السرقة".

وردا عن سؤالنا حول المجهودات التي تبذلها جمعية "مربي النحل" لحل هذا الإشكال، أكد محدثنا أنه ومربو النحل على مستوى العاصمة، سبق لهم أن عرضوا هذا الإشكال على الجمعية، غير أنها لم تسطر إلى حد الآن برنامجها السنوي في مخطط لمواجهة السرقة، مشيرا إلى "أنهم كنحالين لا يمكنهم أن يتجندوا مع بعضهم البعض لوضع حل مشترك، لأن كل نحال يختار حقله بعيدا عن غيره، لترعى النحلة وتنتج العسل، وهو ما يسهل على اللصوص الذين يختارون الليل عادة لسرقة الصناديق.

من جهتها مربية النحل زهرة التي ولجت عالم تربية النحل مبكرا رفقة  أخيها، وأبت إلا أن تواصل المشوار رغم صعوبة النشاط رفقة زوجها تقول: "تعتبر السرقة من أكثر العراقيل التي تحول دون تمكين المربي من السعي إلى رفع الإنتاج، خاصة أن بعض اللصوص عندما يقررون السرقة يختارون دائما النحال الذي  يملك أكبر عدد من الصناديق، الأمر الذي يلحق به ضرار كبيرا، لاسيما أن إخراج الصناديق إلى الحقول معناه أننا في المرحلة الأخيرة التي نكافأ فيها، إن صح التعبير، على مجهوداتنا ليأتي اللصوص ويستولون عليها". فاق عدد الصناديق التي سرقت من المربية زهرة العشرة صناديق، وهو الأمر الذي يدفعها في ظل غياب أية آلية تؤمن حماية صناديقنا من السرقة، إلى البحث عن بعض الحلول ولعل أهمها تقول: "اختيار حقول الرعي وفقا لمعايير معينة، ومنها أن يكون الحقل بالقرب من تجمع سكاني ومحاط بالسياج، فضلا عن وضع حراس خلال فترة رعي النحلة"، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات لا تنجح دائما لأن بعض أنواع العسل تتطلب أن يتم نقل الصناديق إلى أعالي الجبال، الأمر الذي يتعذر فيه على مربي النحل القيام بأي إجراء أمني من غير محاولة إخفائها وجعلها لا تظهر للعيان، لا سيما بعد أن اهتدى بعض اللصوص عند عجزهم عن السرقة إلى حرق الصناديق. 

تقترح المربية زهرة بعد تجربتها الطويلة في مجال تربية النحل وفي ظل غياب أي حل لحمايتهم من السرقة، على الجهات المعنية توفير حقول خاصة تابعة للدولة، تقدم في إطار الدعم الفلاحي للنحال وتكون مؤمنة بحراس ومسيجة ليتسنى لنا ـ تقول ـ التركيز على الرفع من الإنتاج وضمان النوعية، مشيرة إلى أن ما زاد الطين بلة وجعل لصوص الصناديق يكثرون، وتحديدا في حقول المتيجة، أن النحال يؤجر الحقل ويلقى على عاتقه مهمة حماية صناديقه، في الوقت الذي يستفيد صاحب الحقل من خدمات النحل العديدة والممثلة في تلقيح أشجاره.

بينما يعتقد مربي النحل محمد حميد الذي أكد أن أكبر عدد من الصناديق التي سرقت منه لم يتجاوز 12 صندوقا، بالنظر إلى الإجراءات الوقائية الكثيرة التي يتخذها لحماية ممتلكاته "أن حل الإشكال موجود لدى شركات التأمين التي ينبغي لها أن تأخذ بعين الاعتبار هذا الانشغال الحاد الذي يعاني منه النحال، خاصة أن بعض النحالين يخسرون كل صناديقهم، أي أنهم يفقدون كل رأس مالهم، مشيرا إلى أن مربي النحل وحتى يتسنى له إنتاج العسل يبذل الكثير من الجهد ويخسر الكثير من المال، الأمر الذي ينعكس على الوفرة والنوعية في هذا المحلول المبارك".