التربية ودورها في بناء شخصية المتعلم

موضوع نقاش علمي بجامعة قسنطينة

موضوع نقاش علمي بجامعة قسنطينة
  • القراءات: 473
❊ نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

يحظى المتعلم في المنظومة التربوية على مستوى العالم بأهمية خاصة، باعتباره محور الرحى الذي تدور حوله مختلف الأنشطة التربوية بالمؤسسات التعليمية، وقد خصته الوثائق التربوية الرسمية  بعناية واهتمام فائقين في العديد من الدول، لجعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل، وقد جعلت الجزائر الرؤية الإستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين قضية الارتقاء بالفرد والمجتمع و من الركائز الأساسية للمدرسة التربوية، ولن يتأتى هذا إلا بالتفكير العملي الجاد في كيفية بناء شخصية المتعلم بناء متوازنا سويا.

كان هذا موضوع نقاش ندوة علمية نظمتها جامعة قسنطينة مؤخرا،   تهدف إلى البحث في كيفية بناء شخصية المتعلم بناء متوازنا سويا،  يحقق الانسجام والتكامل بين جوانب شخصيته الثلاثة المعرفية والمهارات السلوكية والوجدانية الانفعالية، في علاقتها ببناء وترسيخ القيم الأصيلة لديه، حتى يكون فاعلا في مجتمعه، قادرا على الدفاع عن حقوقه ووطنه وإثبات هويته، متكيفا مع إكراهات حاضره، ومستعدا لتحديات مستقبله.

تم التطرق في هذا الموضوع إلى نقاط عديدة، أولاها عناصر التكامل في شخصية المتعلم وتقاطعها مع التربية على القيم، وكذا سبل التنزيل الفعلي الناجح للتربية على القيم بالمؤسسات التعليمية.

اختتمت الندوة بمجموعة من التوصيات، منها أن المدارس العربية والعالمية بصفة عامة، من خلال تنويع أنشطتها، تعمل على تأهيل المتعلم لبناء شخصيته، بناء متوازنا وسويا ومتكاملا من الناحية المعرفية والمهارية والانفعالية، كما أن العمل على تكامل الشخصية يفيد التنسيق المنسجم بين جوانب الشخصية المختلفة وتوافقها مع بيئتها، إلى جانب الانسجام بين الجوانب المعرفية والمهارية السلوكية والوجدانية الانفعالية، وأهمية ذلك في بناء وترسيخ القيم الإنسانية الدينية والخلقية.

بالرجوع إلى مفاهيم علم نفس النمو وعلم نفس الطفل وعلم النفس المعرفي، نجد أن شخصية المتعلم من المواضيع التي نالت حظا وافرا في الدراسات والأبحاث في تداخلها مع مواضيع أخرى، كالذكاء المتعدد والسيكولوجية المعرفية وغيرها، هذه الدراسات تكاد تجمع على أن شخصية المتعلم تتركب من جوانب ثلاثة هي: الجانب المعرفي، جانب المهارات السلوكي والجانب الوجداني الانفعالي، وأن أي تغليب لجانب على الآخر ينتج عنه حتما تشوه وقصور في شخصية المتعلم، ولعل أهم توصيات المشتغلين في الحقل التربوي، نجد ضرورة الاهتمام بهذه الجوانب الثلاثة في تكاملها وانسجامها، بهدف بناء شخصية متوازنة سوية قادرة على التكيف مع محيطها الداخلي والخارجي، وأن الانفعال المتوازن المقرون بامتلاك المتعلم لمفاهيم ومعارف صحيحة من خلال «مروره بخبرات تربوية تعليمية متعددة تقوم دليلا على مستوى تطور منظومة القيم لديه»، ومن هنا تظهر العلاقة القائمة بين جوانب شخصية المتعلم الثلاثة، وأهميتها في ترسيخ القيم لديه، باعتبار أن كل جانب يظهر في الجانب الآخر، فالقيمة تتطور لدى المتعلم في الجانب المعرفي، كما في الجانبين المهاري والانفعالي، باعتبار السلوكات الانفعالية السوية من المؤشرات الدالة على امتلاك معرفة صحيحة وعلى تطور القيمة، خاصة عندما تكون هذه المؤشرات متكررة وفي مواقف مختلفة.

تمت الإشارة إلى أن الارتباط الوثيق بين الجانب المعرفي والقيمي يجد تأصيلا له في النماذج المتقابلة في القرآن الكريم، خاصة النموذج الذي يربط القيم بالمعرفة، وهو ما يبحث عنه العالم حاليا. فالقرآن الكريم يربط بين العلم والخبرة، ويصل بين المعرفة والقيم، والله عز وجل خلق آدم عليه السلام وزوده بالمعرفة والقيم معا.

 

نور الهدى بوطيبة