بدافع العجز المادي أو الركض وراء العلامة
مواطنون يقتنون ملابس داخلية من "الشيفون"

- 3522

يدفع غلاء الملابس الجديدة وضعف القدرة الشرائية عددا من المواطنين إلى التوجه نحو سوق الملابس المستعملة، أو ما يعرف بـ"الشيفون"، الذي تجد فيه فئة كبيرة من المواطنين ضالتهم، لكن الأدهى أن وعي المواطنين بخطورتها جد ضعيف، لدرجة لا يبدي هؤلاء تخوفهم من اقتناء الملابس الداخلية من تلك السوق. في جولة قادت "المساء" إلى أشهر سوق شعبية بالعاصمة؛ سوق الحراش، وبالتحديد سوق بومعطي، التي يعتبرها ضعيفو الدخل ملاذهم، حيث يجدون فيه ضالتهم عند بحثهم عن سلع بأثمان منخفضة.
عند وصولنا إلى السوق، لفت انتباهنا العدد الكبير لأعوان الشرطة المصطفين منذ أولى ساعات النهار لمراقبة وردع كل متمرد يحاول إعادة نصب طاولته الفوضوية في تلك السوق، بعد إزالة التجارة الموازية فيها، إثر التعليمات التي جاءت من الجهات المعنية للقضاء عليها منذ أسابيع.. إلا أن سوق "الشيفون" التي تتربع وسط ذلك الحي الشعبي لا تزال موجودة، مراعاة للمقبلين عليها من ضعفاء الدخل إلى حين.
كانت تلك السوق تعج بعدد كبير من المواطنين الباحثين عن معاطف، أحذية وألبسة، في تلك الأكوام الهائلة من الملابس المستعملة، بعضها شكل جبلا من الأقمشة متعددة الألوان، تجارها واقفون على تلك الطاولات المنصوبة يروجون لبضاعتهم بالدخول في منافسة للتسويق بأدنى سعر، يصل أحيانا إلى 20 دينارا للقطعة! وعادة ما تكون ملابس داخلية وإيشاربات وجوارب... حتى وإن كانت تعليمات الدولة صارمة، بمنع بيع "الشيفون"، وإلزام التجار الذين اعتادوا على بيع الملابس المستعملة بتغيير نشاطهم.
رغم التحذير.. الإقبال لا يزال..
رغم تحذيرات المختصين في مجال الصحة حول مخاطر ملابس "الشيفون"، إلا أن العديد منهم لا يزالون يقتنونها ولا يقتصر خيارهم على المعاطف أو السراويل أو التنانير فقط، وإنما وصل عدم وعي البعض إلى درجة اقتناء ملابس داخلية من "البالة"، وهي التحذيرات التي لم تؤت أكلها، وظلت هذه السوق رائجة على جميع البضاعة المعروضة فيها، بما في ذلك أخطرها على الصحة. وفي هذا الخصوص، تحفظت سيدة في السوق تبرير قناعتها في عدم تخوفها من تلك الملابس واكتفت بالقول: "أحاول اختيار أفضلها، تلك التي تبدو غير ممزقة أو متسخة". من جهتها، أكدت زبونة أخرى أن لا حرج في الأمر في ظل غلاء الملابس الجديدة، مشيرة إلى أنها تحرص فقط على غسل الملابس المستعملة بعد شرائها عدة مرات بالماء الساخن حتى تزول منها كل الجراثيم.
ركض البعض وراء العلامات العالمية
في هذا الخصوص، أوضح لنا تاجر في السوق، أن أكثر ما يثير الزبائن الأوفياء لهذه الملابس؛ وجود تلك العلامات العالمية من حين إلى آخر، تكون بمثابة "الجائزة الكبرى" وسط كومة من الملابس ، فلا يزال ذلك الوفاء مرتبطا بالركض وراء "الماركة" بسعر أقل تكلفة، مقارنة بنظيرتها الجديدة، فلا عجب في اقتناء الملابس الداخلية من تلك السوق، ولعل أهم ما يجلب اهتمام الزبائن لهذا النوع من الألبسة؛ جودتها العالية ونوعيتها الرفيعة.
سوق ليست حكرا على "الزوالي"
هذا ما أوضحته نسيبة، زبونة في السوق، مبررة وفاءها لتلك السلعة بجودتها، لاسيما أنها تتقاضى راتبا شهريا لا بأس به، ودخولها السوق لا يعني أنها غير قادرة على اقتناء الجديد، وإنما نوعية تلك الملابس تدفعها إلى اقتنائها من حين إلى آخر. وعن الملابس الداخلية، أكدت أنها قامت من قبل باقتناء أزياء للسباحة من تلك السوق، ولم تتخوف من إصابتها بأمراض جلدية.
مواد حافظة مجهولة الهوية في ملابس "الشيفون"
أبدى الدكتور حميد لعسولي، مختص في الأمراض الجلدية والحساسية، تخوفه من لا وعي بعض المواطنين فيما يتعلق بأبسط ضروريات الحياة السليمة، مشيرا إلى التأثيرات السلبية على صحة الجلد والبشرة بسبب الملابس المقتناة من "الشيفون"، وبالأخص الملابس الداخلية، حيث قال؛ إن للملابس الداخلية اتصال مباشر بالجلد، مما يجعله عرضة للجراثيم والبكتيريا التي تحملها تلك القطع. كما شدد المختص على عدم اقتناء تلك الملابس الداخلية من تلك السوق، خصوصا الأجزاء السفلية التي لها اتصال مباشر بأكثر مناطق جسم النساء حساسية.
وأشار المختص إلى أن تجار أو بارونات تلك التجارة من دول أجنبية، يتعمدون وضع إحدى المواد الحافظة على كومات الملابس المستعملة لمنع تكون الفطريات عليها وتعفنها عند نقلها من قارة إلى أخرى، وتلك المواد الحافظة هي التي تعطي الرائحة الغريبة التي يشمها الزبون في جميع ملابس "الشيفون" في مختلف المحلات. فتلك المادة الحافظة تعتبر مادة كيماوية مجهولة الهوية، وقد تكون مضرة بصحة البشرة على المدى البعيد، فلا يمكن تحديد ذلك ما لم تقم دراسات وأبحاث محددة على خطورة تلك الملابس، فيفضل تجنبها قدر الإمكان.
ومن الأمراض التي يمكن أن تنقلها، يقول المتحدث، أن طريقة عرضها في السوق تجعلها عرضة للغبار والبكتيريا، دون الفطريات التي تحملها من الأساس، بالتالي، فهي قادرة على تهييج البشرة وإثارة الحساسية، إلى جانب تسببها في الطفح الجلدي والتهابات على مستوى الأعضاء التناسلية.