ضريبة لا مفر منها

مواطنون يثقلون كاهلهم للاستمتاع بالعطلة

مواطنون يثقلون كاهلهم للاستمتاع بالعطلة
  • القراءات: 1001
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة
بعد توديعنا لشهر رمضان وعيد الفطر اللذين مرت فيهما الأسر الجزائرية بمرحلة «تفريغ الجيوب»، تأتي المناسبات والأفراح وما تتطلبه من مصاريف موازية تماما مع موسم العطل السنوية التي تعتبر حتمية للترويح عن النفس، ونسيان تعب وإرهاق سنة كاملة، فكيف يتصرف المواطن مع هذه النفقات؟ وهل يخصص لها نصيبا من ميزانيته؟
مع انطلاق الإجازة الصيفية التي أجلها أغلب الموظفين إلى غاية انقضاء عيد الفطر، يرى الكثيرون أن مصاريف رمضان والعيد عملت على إرهاق ميزانية الأسرة، لاسيما محدودي الدخل الذين يحاولون التأقلم مع ارتفاع الأسعار المصاحبة للمناسبات المتلاحقة خلال فترة وجيزة لا تتخطى الثلاثة أشهر. وبين رمضان وعيد الفطر، ثم مصاريف الإجازة الصيفية، يوضح أحد المواطنين، تحدث إلينا، أن هذه الفترة من السنة مصاريفها كثيرة ومن الصعب الاقتصاد فيها، فمصاريف شهر رمضان، ثم شراء مستلزمات الحلويات وملابس العيد، لتليها مباشرة مصاريف العطلة الصيفية وخرجاتها الترفيهية، خاصة على شواطئ البحر، تزيد من متاعب الأسر المالية، قد تبدو المصاريف في اليوم الواحد بسيطة، إلا أنها بعد انتهاء الصيف تظهر كبيرة وتزداد أكثر مع الدخول المدرسي وعيد الأضحى.
في هذا الخصوص، يقول عبد القادر رب عائلة: «بعد مضي عام مليء بأعباء العمل وضغوطات الدراسة ومسؤوليات البيت والأولاد، ينتظرنا انطلاق موسم الإجازة الصيفية أو موسم السفر، فالتخطيط والاستعداد لتمضية عطلة ممتعة له ثمنه، ليس فقط على ضفاف الشواطئ، وإنما للتمتع بأوقات الاسترخاء والراحة والتنزه والتبضع ولقاء الأهل والأصدقاء بعد طول غياب في دوامة الكد والعمل والدراسة وروتين الالتزامات اليومية خلال باقي أيام السنة».

ضغوطات الصيف

تزداد مصاريف الأسرة خلال الموسم الصيفي، ولا يقتصر ذلك على العائلات ميسورة الحال فقط التي تفضل قضاء أوقاتها خارج الوطن، وإنما هناك أيضا من الأسر من تعمل على الادخار طوال السنة من أجل الاستمتاع بقضاء إجازة ممتعة دولة أجنبية بغية التغيير والخروج من رتابة الحياة اليومية. هذا ما أوضحه معاذ موظف بإحدى الشركات العمومية الذي أكد أن السفر في حد ذاته مشروع، وعلى الأسرة حسن تدبير مصاريفها، حتى تدخر لقضاء عطلة مريحة وممتعة خلال العطلة الصيفية، مشيرا إلى أن قضاء إجازة داخل الوطن أو خارجه تكون تقريبا بنفس التكاليف، معيبا ارتفاع تكاليف كراء منزل على شاطئ البحر أو حتى في أحد الفنادق، وهو ما يجعل نسبة كبيرة من الموظفين يفضلون تمضية عطلهم في أحد الدول الشقيقة أين تكون تكاليف العطلة أقل مع خدمات أرقى!
من جهتها، أوضحت منال 28 سنة وهي ربة بيت، أن أكثر خلافاتها مع زوجها ناتجة عن المصاريف وتكاليف الهدايا التي تشترى للأهل خلال موسم الصيف، وقالت بأن فصل الصيف ترافقه مصاريف لا تعد ولا تحصى، وذكرت منها مصاريف الوجبات السريعة التي تتحول إلى رتابة خلال الصيف بفعل الحرارة التي تجعل الفرد لا يحبذ الوجبات الساخنة، تقول: «أنا أخصص ميزانية خاصة بالوجبات الخفيفة وعلى رأسها الأجبان ومختلف مشتقات الحليب والمرطبات والحلويات، فضلا عن الخرجات ليلا لتناول العشاء في المطاعم، كما أن هناك مستحقات أخرى تظهر خلال الصيف ومنها ركن السيارات عند الخروج وألعاب التسلية للأطفال وغيرها، وهناك أيضا مصاريف إضافية عند نزول الضيوف على العائلة الكبيرة التي أنتمي إليها، فتمضية الإجازة مع العائلة ليس بالشيء المشجع، والأسوأ من هذا أن العديد من الأهل والأقارب يأتون لتمضية الإجازة الصيفية معنا، صحيح أننا نرحب بالجميع، لكن بالتأكيد هذا سوف يعني مصاريف أكثر».

الهدايا.. ضريبة لابد منها

في مجمل الآراء التي جمعتها «المساء»، كانت شكاوى النساء أكثر مقارنة بتلك الخاصة بالرجال، خاصة فيما يتعلق بمصاريف الهدايا التي تقدم للحائزين على الشهادات؛ كالبكالوريا، شهادة التعليم المتوسط، والتعليم الابتدائي، فقد اعتادت العائلات الجزائرية على تشجيع هؤلاء الناجحين بتقديم هدايا لهم تتنوع في العادة بين ملابس وهواتف نقالة وأحيانا تُقدَّم مبالغ نقدية، ضمن حفل عائلي على شرف المتفوق لتمضية أوقات ممتعة.
وتقر دلال وهي أرملة وأم لثلاثة أبناء، بأنها هي الأخرى تعاني كثيرا من مشكلة تكاليف الإجازة، حيث تقول: «مصاريف السفر الهائلة تثقل الكاهل، خصوصا لو كانت العائلة تفتقر للتخطيط، ففضلا عن أعباء احتياجاتنا اليومية يطالب الأبناء أحيانا ببعض الكماليات مثل الألعاب الإلكترونية، وكراء وسائل الترفيه على شواطئ البحر، وغيرها من وسائل الرفاهية الأخرى المكلفة».
من جهته، قال نسيم متخرج جامعي، ساعده أهله بمبلغ مالي أضافه إلى مدخراته السنوية لتمضية عطلة صيفية تنطلق في الفاتح من أوت رفقة أصدقائه وبعض أقاربه على أحد شواطئ شرق البلاد، وأضاف أن العطلة الصيفية مقدسة لديه سواء مع العائلة أو رفقة الأصدقاء رغم ما فيها من مصاريف كبيرة، فقط لا بد من حسن التدبير وتقاسمها على الاحتياجات بشكل يسمح بمواصلة الحياة بصفة عادية بعد انقضاء العطلة دون الوقوع في فخ الاقتراض عند اقتراب الدخول المدرسي وعيد الأضحى، وهما مناسبتان تتطلبان مصاريف خاصة.
كما أوضحت نهال، أن الصيف بالنسبة لها لا يعني بالضرورة التوجه إلى شاطئ البحر، يكفيها الذهاب مرة أو مرتين في الأسبوع للاستمتاع بالاستجمام، وتؤكد أن خرجاتها تلك تكون مدروسة جيدا، حيث تقوم بتحضير الطعام في المنزل لتفادي صرف مبالغ مالية وشراء الطعام على الشواطئ بالنظر إلى ارتفاع الأسعار، إذ تقول: «نحن نكد طوال العام فليس من المعقول أن يضيع تعبنا وأموالنا في الإجازة وضياع الأموال على هذا وذاك، فقط لا بد من التخطيط حتى يمر كل شيء على ما يرام».
ويرى المواطن عبد الحميد ضرورة فرض الرقابة الصارمة على مستغلي المواسم الصيفية الذين يرفعون الأسعار دون حجة، لتلتهب أسعار المخيمات الصيفية والفنادق! داعيا السلطات المعنية إلى العمل بجد في سبيل مواجهة ما أصبح يعرف بـ»الارتفاعات الموسمية»، للسماح للأسر محدودة الدخل بالاستمتاع بقضاء عطلة في أية جهة من جهات الوطن دون الإضرار بمداخليها.
ويلتقط طرف الحديث زميله مصطفى الذي قال؛ «لم نسترجع بعد أنفاسنا من المصاريف التي أرهقتنا خلال شهر رمضان المبارك وبعده في عيد الفطر، حتى لاقتنا مصاريف الإجازة الصيفية التي أجلناها لما بعد رمضان، لتصادفنا مصاريف هدايا المناسبات، ثم الدخول المدرسي وبعده عيد الأضحى.. إنها عقوبات متتالية، لكنها شر لا بد منه»