ترويج للكتاب الموازي

منصات التواصل الاجتماعي تضع الأولياء في دوامة

منصات التواصل الاجتماعي تضع الأولياء في دوامة
  • 165
رشيدة بلال رشيدة بلال

يزداد مع اقتراب موعد الدخول المدرسي، الترويج عبر منصات التواصل الاجتماعي، دورات المراجعة والدعوة إلى التسجيل من أجل تلقي الدعم في مختلف الأطوار التعليمية. والمفارقة أنه إلى جانب دروس الدعم، أصبح هناك أيضاً ترويج لما يسمى "باقات من الكتب" الخاصة ببعض المواد، وأحياناً باقة متكاملة لكل المواد. هذه الكتب، غالباً ما تتضمن ملخصات أو نماذج تمارين محلولة، وهو ما يثير التساؤل: ما مصير الكتاب المدرسي؟

هي حالة من التشويش، يعيشها الأولياء الذين أنهوا اقتناء المستلزمات المدرسية من ملابس، محافظ وكراريس، يتوجهوا نحو نقاط بيع الكتب المدرسية. لكن سرعان ما اتجهت أنظار البعض منهم إلى التفكير في الكتاب شبه المدرسي. هذا الأخير، لم يعد في صورته النمطية السابقة، كوسيلة دعم للتلميذ في حل بعض التمارين، بل بات يُعرض كبديل للكتاب المدرسي، وهو ما يجري الترويج له عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحت عبارة؛ إذا أردت النجاح عليك  بـ.... !؟؟

إحدى المواطنات أكدت في حديثها، أنها اقتنت الكتب المدرسية، فقط لأنها إلزامية، لكنها في المقابل، اشترت باقة من الكتب، رُوِّج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، لأستاذة معروفين، تحتوي على دروس ملخصة في جميع المواد. وقالت إنها رأت أن هذا ما يحتاجه ابنها المقبل على اجتياز شهادة التعليم المتوسط. مواطنة أخرى صرحت لـ«المساء"، أن هذه الكتب الموازية تساعد أبناءها على فهم ما يستعصي عليهم، لأنها تواكب البرنامج وتقدم ملخصات تسهل الفهم. وأضافت: "في أغلب الأحيان، الكتب المستعملة خلال المشوار الدراسي، خاصة في الأطوار الثانوية والمتوسطة، هي تلك المتعلقة باللغة العربية والرياضيات واللغات الأجنبية، أما بقية المواد، فلا تُفتح تقريبا، فما الفائدة من شرائها؟"

وبالعودة إلى منصات التواصل الاجتماعي، يظهر أنها لقيت تجاوبا واسعا من المتابعين. إذ تُسوَّق هذه الكتب تحت عبارات مختلفة، على غرار "باقة النجاح"، مع إقناع الأولياء بأن من يريد لابنه التفوق عليه اقتناؤها. وبعدما كانت محصورة في المواد الأساسية، توسعت لتشمل كل المواد: بعضها يقدم ملخصات، والبعض الآخر تمارين محلولة. أمام هذا الزخم، فأصبح التلميذ يعيش حالة من الفوضى والتشويش، والسؤال المطروح: "من المسؤول عن هذه الفوضى؟ وكيف يمكن مساعدة التلميذ على النجاح، وسط كل هذه العروض التي يسارع الأولياء، لتوفيرها بأي ثمن؟".

الكتاب المدرسي وثيقة رسمية

في هذا السياق، أوضحت الخبيرة في تقويم النظام التربوي، الأستاذة زهرة فاسي، أن الكتب المدرسية هي الوثائق الرسمية الوحيدة المعتمدة داخل المؤسسات التربوية، وتعتبر المصدر الوحيد الذي يرافق الأساتذة والتلاميذ، لأنها تخدم المقرر الدراسي والبرامج التعليمية. وأضافت أنها تنطوي على الأمانة العلمية المصادق عليها في لجان رسمية، وهي السند الوحيد الذي يُعوَّل عليه في الامتحانات الفصلية والرسمية.

لكنها سجلت في المقابل، أن ظاهرة التسويق للكتب الخارجية، التي انتشرت في السنوات الأخيرة، لا علاقة لها بالمناهج الرسمية، بل هي تسويق تجاري. وأشارت إلى أن هذه الكتب باتت تشوش ذهنياً على التلاميذ وتغريهم بمحتوى، قد يتضمن أحياناً معلومات خاطئة. وكشفت أن العديد من التلاميذ استعانوا بكتب خارجية أثناء تحضيرهم للامتحانات الرسمية، فدونوا معلومات خاطئة، انعكست سلباً على نتائجهم.

وشددت الأستاذة فاسي، على ضرورة التأكد من أي معلومة واردة في هذه الكتب، بالرجوع إلى الأساتذة داخل الفصول الدراسية، محذرة من الانسياق وراء الإشهارات المغرية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وأكدت أن الكتب الخارجية، قد تُستعمل كوسيلة دعم فقط، بينما تبقى الكتب المدرسية الرسمية الصادرة عن الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، المرجع الوحيد الذي يجب على التلميذ الاعتماد عليه.

وفيما يخص كيفية توعية الأولياء والتلاميذ، أوضحت الخبيرة، أن طابع "البزنسة" يغلب على هذه الإصدارات، باستثناء بعض الحالات النادرة. لذلك، دعت القائمين على قطاع التربية، وخاصة ديوان المطبوعات المدرسية، إلى تنبيه الأولياء والأساتذة من خطورة هذه المحتويات غير العلمية، والعمل على ترسيخ الثقة في الكتاب المدرسي. وأضافت أن الاستعانة بالكتب شبه المدرسية يمكن أن يكون مفيداً في دعم بعض المواضيع الخاصة، مثل البحوث الفصلية أو المقالات الأدبية، لكنها لا يمكن أبداً أن تحل محل الكتاب المدرسي الرسمي.