الملتقى الوطني "الحق في الماء والتعايش السلمي"
مناشدة دولية لضمان حقّ غزة في الماء

- 131

أوصى المشاركون في الملتقى الوطني حول "الحق في الماء والتعايش السلمي في ضوء الفقه الإسلامي والقانون الدولي والتشريعات الوطنية" الذي احتضنته جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية على مدار يومين، بضرورة دعوة المؤسّسات الدولية إلى تطبيق القانون الدولي لضمان حقّ الشعب الفلسطيني في المياه، والحفاظ على السيادة الوطنية لمصادر المياه في دولة فلسطين، لا سيما في قطاع غزة.
دعا المشاركون في الملتقى الوطني خبراءَ القانون الدولي المسلمين، إلى المساهمة في إثراء القوانين الدولية المرتبطة بالحق في الماء عبر مقترحات مستوحاة من مبادئ الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي، بما يساهم في الحدّ من النزاعات الدولية، وتحقيق التعايش السلمي بين الدول. كما طالبوا بإبرام "اتفاقية جنيف الخامسة" الخاصة بحماية المياه خلال النزاعات المسلحة؛ تأكيدا على مركزية "الذهب الأزرق" في حماية الإنسان والبيئة، إلى جانب دعوة منظّمة التعاون الإسلامي إلى حلّ النزاعات البينية حول المياه المشتركة وفق مقاصد الفقه الإسلامي ومنظومة القوانين الدولية، بما يحقّق الأمن المائي والغذائي، ويعزّز قيم التعاون والتكامل بين الدول الإسلامية.
وطالب الأساتذة المحاضرون من مختلف الجامعات الوطنية، على غرار جامعات قسنطينة، وتيزي وزو، والعاصمة، إلى تعزيز الدراسات الأكاديمية المتعلّقة بفقه المياه؛ من خلال إدراج مادة علمية متخصّصة في المناهج الجامعية، وإنشاء مشاريع بحث ومذكرات تخرّج في هذا المجال، إلى جانب جمع التراث الفقهي الإسلامي المتعلق بالمياه من كتب الفتاوى والنوازل؛ للاستفادة منها في معالجة الإشكالات البيئية والمائية الراهنة. كما تضمّنت التوصيات إطلاق رقم أخضر مجاني للتبليغ عن التسربات في شبكات المياه، ومراقبة طرق استغلالها غير الشرعية، مع إشراك المجتمع المدني والمؤسسات ذات الصلة، في نشر ثقافة الحفاظ على الماء، وترشيده؛ باعتباره موردا حيويا، وأمانة مشتركة بين الأفراد والمؤسسات.
كما دعا المشاركون إلى تصنيف المنشآت المائية القديمة والمعالم التاريخية المرتبطة بتوزيع المياه كتراث وطني، مع تعزيز المراقبة، ورفع جودة آليات تسيير قطاع المياه والصرف الصحي، وربطها بمفاهيم البيئة، والطاقة، والتنمية المستدامة، مشدّدين على أهمية نشر الثقافة البيئية، وترسيخ ثقافة ترشيد الماء بشقيها الديني والمدني، مع ضرورة سنّ قوانين رادعة للحدّ من سلوكيات تلويث وهدر المياه، والعمل على تطوير مشروع الرقمنة والحوكمة الرشيدة في تسيير الموارد المائية، بما يضمن فعالية، واستدامة هذا القطاع الحيوي.
وفي مداخلتها العلمية، أوضحت الدكتورة خديجة بركاني أنّ علاقة المياه بالنزاعات المسلّحة "علاقة مركبة" ؛ إذ يمكن أن تكون ضحية للنزاع، أو سلاحا يُستعمل فيه، بل وحتى سببا لاندلاعه، مؤكّدة أنّ القانون الدولي الإنساني مازال عاجزا عن توفير حماية كافية للمياه أثناء النزاعات المسلحة؛ ما يتطلّب مراجعة الآليات الحالية، وإدراج ميكانيزمات جديدة لحماية هذا المورد الحيوي. واستدلت المتحدثة على ذلك بالانتهاكات التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني في الحرب الأخيرة على غزة، داعية إلى إبرام معاهدة جنيف الخامسة لحماية البيئة، وتعزيز وقف إطلاق النار؛ من أجل تأمين إمدادات المياه، إضافة إلى إنشاء مرصد عالمي للمياه، وقوة عسكرية للرد السريع متخصصة في الهندسة الهيدروليكية؛ لحماية البنى التحتية المائية زمن النزاعات.
ومن جهته، أكّد مدير جامعة "الأمير عبد القادر" الدكتور السعيد الدراجي، أنّ الهدف من هذا اللقاء هو إبراز الماء كحق إنساني أصيل، وضرورة حضارية، واستعراض الأسس الفقهية والشرعية التي أقرها الإسلام في ترشيد استعمال الموارد المائية وتحقيق العدالة في توزيعها، إلى جانب دراسة الأطر القانونية الدولية والوطنية المنظمة لهذا الحق الحيوي.
جدير بالذكر أنّ الملتقى الذي جمع نخبة من الأكاديميين والمختصين من مختلف جامعات الوطن، خرج برؤية شاملة، تؤكّد أنّ الحق في الماء ليس فقط مسألة بيئية أو تنموية، بل قضية إنسانية وأخلاقية عالمية، تستوجب تكاتف الجهود بين الدول والمنظمات والمجتمعات؛ لتحقيق التعايش السلمي، وحماية "الذهب الأزرق" للأجيال القادمة.