أحكام "السلخ" و"التكبيس" في جولات تزهق فيها الأرواح

من فيديوهات للرقص إلى تجارة "الهوى"

من فيديوهات للرقص إلى تجارة "الهوى"
  • القراءات: 1252
أحلام محي الدين / رشيدة بلال أحلام محي الدين / رشيدة بلال

❊ جولات تطبق فيها الرغبات العجيبة... الفضائح فيها بطولة

❊ "الدب" و"الوردة" و"الأسد".. أساليب جديدة لاستنزاف الجيوب أم تبييض للأموال؟

❊ أسعار عملة التيك توك مبالغ فيها وتعادل التي تتداول في المزاد

عاش متابعو منصة من منصات التواصل الإجتماعي، لحظات رهيبة لمؤثرة أوشكت على الهلاك، تناولت الكلور، منذ أيام قليلة، دخلت فيما يسمى بـ"جولات السلخ"، وهي جولات لمؤثرين خصمين، لكل واحد منهما داعم، والفائز من يحوز بأكبر درجات الدعم، قد تصل عملية الدعم فيها الى أرقام خيالية تبلغ 18 مليار في الجولة الواحدة، أو أكثر، حيث ينفذ المؤثر الثاني طلب الأول لكونه في جولة السلخ، التي من قواعدها تطبيق ما طلبه المسيطر على الجولة، حتى وإن كان المطلوب خارج الضوابط الأخلاقية، إنها صورة من الصور الغريبة والجولات العجيبة التي يتم فيها تنفيذ كل الرغبات. في ظل وجود داعمين يطرح السؤال حيالهم، ماذا يستفيد هؤلاء بعد شراء الملايين من الهدايا التي تقدم للمؤثر ليحوز على الجولة في أجواء ساخنة يسودها الدعم و"التكبيس"، زادتها الأغنية الشهيرة "تيكتوك العرب... كبس يا عبد الله جنونا". إذ يعد التكبيس هدية المتابعين والغاية المثلى للمؤثرين، كيف لا وهي أموال طائلة تدخل الحسابات...

الطريقة التي يعمل بها هؤلاء، وتحصيل المال، ومخاطر المنصة ومزاياها، كلها يجيب عنها المختصون من خلال هذا الملف الذي أعدته "المساء".

أحلام محي الدين 


... فيديوهات قصيرة مشاكلها كبيرة...

أخرج العذراء من الخدر إلى المنحدر... أبطاله مرضى الشهرة

السمة التي حصل عليها تطبيق التيك توك على سبيل المثال، الذي يحمل قاعدة موسيقية انطلق بها منذ نشأته عام 2016 أكثر من غيره، لكونه مستعمل من قبل 150 مليون شخص يوميا، هي منصة الرقص، لاسيما وأن الهدف الأكبر فيه هو جمع أكبر عدد من المتابعين لبلوغ غاية الربح المادي.

استهدفت منصة التيك توك، الكثير من الفئات وظهرت عليه كل الفئات والأشكال، فبعد أن كانت الفتاة العربية على وجه الخصوص، في حفظ وصون بفعل الدين والعادات والتقاليد، ها هو"التيك توك" يخرج العذراء من خدرها للمنحدر، حيث نجد راقصات في الفيديوهات قصيرة المدى ومثيرة المحتوى، لكونها تحاكي الغرائز مباشرة برقصات يصفها المتفرجون "برقصات الكباريهات"، والطامة الكبرى في الملابس الفاضحة أو الشفافة والتي باتت ترتديها الفتيات للقيام برقصات غربية أو شرقية، المهم في الأمر هو الحصول على أكبر قدر من المتابعين، وما طبع تلك الفيديوهات ارتفاع درجة الميوعة والمجون، والذي تعكسه التعليقات التي يتركها المتابعون، بين راض عن العرض ورافض له كقول البعض "فيديو يمكن أن تشم من خلاله كراهة المجون". كما نشير الى تسجيل حالات للطلاق، لاسيما حين يصادف الزوج بفيديو صادم لزوجته الراقصة.

ولعل أكثر ما يطبع يوميات المنصة، الجولات التي في ظاهرها لعبة وفي باطنها وجه آخر للتسول، إذ تعمد خلاله إحدى المؤثرات التي لديها مشاهدين لدخول جولة أو منافسة للربح، خلال هذه الجولات تدخل الواحدة أو اثنين ضد واحدة أو واحد، وتباشر الطلب من المتابعين بـ"التكبيس" وإرسال الهدايا التي تترجم ماديا لاحقا، وقد وقفت "المساء" خلال إنجازها لهذا العمل، خلال قرابة شهر من المتابعة، في أوقات مختلفة، أن الجولات تظهر مدى الطمع الذي كسى النفوس وضرب القيم الاجتماعية عرض الحائط، حتى مصطلح "الكرامة" الذي كان يدافع عنه الفرد بشراسة أصبح في حكم "كان"، حيث يطلب على سبيل المثال لا الحصر، المتحكم في اللعبة أو الجولة وهو صاحب أكبر عدد من المتابعين من الآخر طلبات عجيبة على سبيل المثال، طلبت إحداهن من الأخرى أن تقوم بكسر 10حبات بيض، داخل ملابسها الداخلية السفلية، وأخرى طلبت أن تكسرها على رأسها وتضيف الفرينة أمام مشاهدة الكل، في حين يطلب أحدهم من إحداهن أن ترقص رقصة "جمايكا" وتشمر فستانها، وخلال رفع الفستان بالسنتيمتر، تتوالى عمليات التكبيس من قبل المتابعين، أغلبهم لديه اسم مستعار لا يعرف حقيقته الا المؤثر الذي يكبس لصالحه بالملايين وحتى الملايير في بعض الجولات.

أحلام محي الدين


الخبير في التكنولوجيا والأنظمة الرقمية نسيم لوشاني لـ"المساء":

عملة "التيك توك" هيّجت المؤثرين لتحصيل "الأسد" والسيارات الرياضية

أعرب الخبير في التكنولوجيا والأنظمة الرقمية نسيم لوشاني، عن أسفه لتحول منصات التواصل الاجتماعي وتحديدا "تيك توك" المجاني، من قبل المؤثرين إلى مسرح لعرض مواضيع تافهة، دون مستوى، بغرض الحصول على أي مبلغ حتى وإن كان زهيدا، وحسبه فإن"التيك توك" أصبح ينظر إلى صناع المحتوى، على أنهم سلعة، خاصة بعدما تم حظره في مجموعة من الدول بسبب المشاكل السياسية التي نتجت عن استعماله، ما جعل المنصة مفتوحة لكل الأشخاص عبر العالم، حتى وإن كان المستخدم طفلا، لأن الهدف ربحي والغاية جذب المتابعين والمؤثرين. ومنه يطرح السؤال كيف يحصل المؤثرون على مداخيلهم؟، وكيف يتم حصد الجوائز في بعض الجولات والمراهنة على بعض الرموز كالأسد؟

قال الخبير نسيم لوشاني، في تصريح لـ"المساء" إنه لابد أولا من الحديث عن مصادر هذه المداخيل التي تعتبر واسعة ومتعددة، ولعل أهمها الإشهار المباشر عبر صفحة المؤثر أو صانع المحتوى، عبر موقعه الالكتروني، أو بريده، وكذا عبر منصات مشابهة "لغوغل ادسنس" من تلك التي توفر إعلانات عبر عناوين خاصة بالمنصة، بعدها يقوم المؤثر بتأجير مبرمج ويأخذ العناوين ويقوم بلصقها في هواتف المتابعين أو المواقع الإلكترونية، لتظهر بمجرد الاستخدام".

وأوضح لوشاني: "من بين المصادر المعتمدة نجد الإشهار بطريقة غير مباشرة، إذ يستعمل صانع المحتوى منتجات لشركة معينة في عدد من الفيديوهات مع الإشارة إليها بطريقة غير مباشرة، وبالتالي يتلقى المداخيل من هذه الشركة، وهناك شركات أجنبية تدفع مبالغ مالية كبيرة مقابل أن يجرب صانع المحتوى منتجها ويعرض عنه تقرير مفصل عبر صفحته".

وفيما يخص طريقة تحصيل الأرباح التي تصب في جيوب المؤثرين وصناع المحتوى يوضح، أنها هي الأخرى تختلف من مؤثر إلى آخر، فإذا كان يتم التعامل مع الشركة وكانت موجودة في الجزائر، فإن الدفع يتم عبر الحسابات البريدية الجارية بطريقة عادية، أو عن طرق الدفع نقدا بالتواصل مع المؤثر أو صانع المحتوى، وإن كان التعامل في الإعلان ببعض المنتجات، فإن بعض الشركات تهدي المؤثر مجموعة من المنتجات التي يقرر هو الآخر إهدائها لمتابعيه حتى يجذبهم أو يقوم بفتح مسابقات وإرسالها كهدية أو أقل شيء يقوم ببيعها.

وأردف المتحدث: "أما إذا كان التعامل مع مؤسسات أجنبية، فإن الدفع يتم عن طريق فتح حسابات في الخارج، ويجري تحويل الأموال عبرها عن طريق التحويل البنكي أو إلى حساب بنكي بالجزائر". مشيرا الى أن بعض الشركات الخاصة بالتحويلات المالية موجودة هنا، وتعمل بطريقة قانونية منها "ويسترن يونيون" وبالتالي، فإن طريقة تحصيل الأموال بالنسبة للمؤثر تتم بطريقة عادية، فإذا كان يتعامل مع شركة أجنبية بالعملة الأجنبية فإنه يحصل على مداخليه، عبر الحسابات البنكية ومن ثمة يتم إعادة بيعها في السوق السوداء".

استحداث عملة "التيك توك" لتوسيع دائرة المتابعين

الإقبال الكبير على استعمال منصة "تيك توك" لكونها مجانية، جعلها تحدث ثورة في مجال استغلال المؤثرين، حسب لوشاني، حيث سعت المنصة إلى البحث عن الطرق التي تهيّج بها المتابعين وتجعلهم يتعلقون أكثر، من خلال استحداث عملة افتراضية خاصة بالتيك توك، فيما يسمى بالجولات، هذه الأخيرة تعادل قيمة معينة بالدينار الجزائري، ويشرح "فإن أراد المتابع إرسال هدية لشخص، فإن لديها قيمة مالية خاصة بالنسبة لـ"لتيك توك"، وكمتابع لبعض المؤثرين، أقوم بشراء مجموعة من العملات حتى اشتري الهدية وأرسلها للمؤثر الذي أتابعه، وفي المقابل أخذ أنا هدية لتفاعلي مع الشخص، كما أن هنالك أيضا ألقاب بالنسبة للمتابعين حيث نجد مثلا لقب "تيك توك ستار" وغيرها.

وحسبه، هذه العملة أغلى من الدينار، أي واحد عملة تيك توك يعادل 1.25 دينار جزائري، وهدا يقودنا للحديث عن الرموز التي يتم استخدامها وسرّ الجري وراءها فبالنسبة للأسد يعادل 30000عملة تيك توك، والتي" تعادل 37500 دج تقريبا و40000 عملة تيك توك تعادل 50000 دينار تقريبا. مشيرا الى أن الأسد أو السيارة التي تعادله، يتغير حسب مواقيت البث المباشر والأشخاص، حيث يرتفع إلى أسعار مبالغ فيها تعادل تدلك التي يتم تداولها في المزاد، كما يتحكم فيها أيضا المؤثر والمحتوى ونوعية المتابعين، خاصة إن كانوا خليجيين، لكونهم معروفين بكثرة إرسال الهدايا والسخاء بغض النظر على نوعية المحتوى.

يقول لوشاني "هذا ما يفسر إقبال المؤثرين على هذا النوع من الجولات، والسعي وراء بعض الرموز من خلال اختيار المؤثرين الذين يحوزون على أكبر عدد من المتابعين للعب في الجولات، لتحصيل مبالغ مالية كبيرة ويبقى السؤال المطروح: ما الذي تسعى منصة "التيك توك" إلى اختراعه في المستقبل القريب لاستغلال المزيد من المتابعين والمؤثرين عبر العالم.

رشيدة بلال


الإمام قويدر بن عطار يوضح موقف الدين:

الوقت أمانة واللهو والغناء مضيعة له ومجلبة لغضب الله

أكد الإمام والخطيب قويدر بن عطار، أن التقدم التكنولوجي يؤثر بشكل كبير على جوانب كثيرة من حياتنا، وكلما ازداد هذا التقدم كلما أثر في تغيير نمط حياة الأشخاص، ومع الاعتماد المتزايد على الأنترنت، أصبح استخدام منصات التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات، فهناك من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للترفيه وتقضية الوقت وربما لإضاعة الوقت، والوقت أمانة نسأل عنها يوم القيامة وأخرون أدركوا مدى قوة التواصل الاجتماعي فاستخدموها بشكلها الفعال.

وفيما يخص التيك توك قال:"يعتبر منصة رائعة للأشخاص الذين يحبون التعبير عن أنفسهم بشكل إبداعي من خلال فيديوهات قصيرة، وهنا أنصح شبابنا إلى التعبير من خلال فيديوهات ترضي الله سبحانه وتعالى بالقرآن الكريم أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو القصص الإسلامية، فإذا كان في هذا فهذا جائز شرعا ولك الأجر في نشرها".

ويواصل قائلا:"أما إذا كان للضحك والغناء واللهو، فهذا حرام، قد يصاب بعض مستخدمي التيك توك بالإدمان، إذ يقضون ساعات طويلة في مشاهدة الفيديوهات التي تغضب الله سبحانه وتعالى، ويؤثر تأثيرا سلبيا على البعض وخاصة شبابنا اليوم، ومن هنا أحذر الأولياء من التفريط في أبنائهم، فهم أمانة في أعناقكم والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كل مولود يولد على الفطرة فأبواه، يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".

أحلام محي الدين


الأخصائية في علم الاجتماع حياة بركوكي:

مواقع التواصل وراء الانعزال الرقمي وضعف التحصيل الدراسي

أكدت حياة بركوكي، أخصائية في علم الاجتماع العائلي والطفولة، أن التيك توك، إحدى الوسائل الإلكترونية الأكثر تهديما لقيم الطفل المرسخة ودينه وأخلاقه، حيث أصبحنا نرى الأطفال يجربون داخل المدارس أنواع الغناء والرقص وما يشاهدونه من قلة أخلاق وهدم لمنظومة القيم السليمة، فبين هذا يضيع وقتهم ويهملون دراستهم.. مؤكدة أن هذه المنصة تسرق تركيز الطفل فيتولد لديه تشتت الانتباه خلال الأنشطة الدراسية لأن عقله يكون متصلا بما شاهده.

وأضافت أن الغمر الشديد للأطفال مع منصة التك توك، يؤدي إلى انعزالهم عن الأنشطة الخارجية واللعب الإبداعي، مع تغذية الفضول في ملأ الفراغ بالمفاسد الموجودة فيه... موضحة أن البقاء طويلا أمامه يقود الى الادمان الذي يشكل خطرا كبيرا على العقول، وضعف التحصيل الدراسي لدى الأطفال، مفضلة أن يستبدل ذلك بالخروج للطبيعة والمساحات الخضراء التي تحمي سلامة تفكيره. الى جانب تحديد حدود واضحة من قبل الآباء لاستخدام الهواتف وتعزيز التواصل مع الأطفال لضمان تجربة رقمية صحية ومتوازنة.

أحلام محي الدين


المحامي سمير بوزقزي:

القوانين الحامية للأشخاص من "السوشل ميديا" شبه منعدمة

أكد الأستاذ بوزقزي، محامي، أنه ليس هناك نظام قانوني واضح يحمي من استهلاك المادة الإعلامية الضارة، ومنها "التيك توك"، وأوضح بقوله: "صحيح المشرع حاول خلال السنوات الأخيرة وضع نظام قانوني يتصدى به لمختلف أنواع الجرائم على مستوى المنصات التواصل الاجتماعي كلها، لكن للأسف المشرّع ما زال يعتبر الشتم عبر منصة التواصل الاجتماعي والعقوبة أقل من العادية أي التي تردع المتصرف، كما أنه بين النظام القانوني اليوم والثقافة الاجتماعية المستهلكة حديثا، هناك تضاد صارخ، لأن الناس تعتبر حركاتها على المنصة حرية تعبير، فهي شبيهة بحرية المعتقد."

ويضيف المحامي:"كما أنه لابد من الانتباه الى أن منصة التواصل الاجتماعي كلها، مصنوعة بدولة أجنبية والدولة لا تملك التحكم فيها إلا الحجب، وهذا تصرف غير مسموح أي حجب حرية الأشخاص، لكن الدولة يمكن أن تتدخل إذا كان التصرف المعمول على المنصة يشكل جريمة أو جنحة أوجناية، لاسيما إذا مست بالقيم الاجتماعية والأخلاقية، لكن الوصف القانوني الذي يشكل أركان الجريمة ليس لدينا حاليا، أي لابد أن يكون تكيف واقعي، ليكون فيه تكيف قانوني ومنه يبقى النظام القانون لحماية الأشخاص من منصة التيك توك شبه منعدم".

أحلام محي الدين