الطرز فنون

من الخيط إلى الحاشية فالسلك المجلفن

من الخيط إلى الحاشية فالسلك المجلفن
  • القراءات: 2447
 أحلام محي الدين أحلام محي الدين

داعبت أنامل السيدة الجزائرية مختلف خامات القماش لتطرز عليها من خيوط الحرير والخيط العادي بنوعيه الرفيع والخشن، حيث أبدعت في الفتلة، المجبود، المسلول وغرزة الحساب لتصنع أجمل الأفرشة التي تُعتبر فخر العروس الجزائرية، التي لازالت تحرص على أخذها معها إلى بيت الزوجية؛ باعتبارها من عمق أصالتنا. وقد تطورت صور الطرز لتنتقل خلال السنوات القليلة الماضية إلى الطرز بالحاشية وخيط المكرامي، وهي من التقنيات المستعملة في دول جنوب أمريكا. وقد تفننت فيها فتياتنا لتدخل المنافسة بقوة، كما أبدع السيد علي بلقاسمي في الطرز المعدني الذي عشقه كل من شاهده. 

عادت التكنولوجيا بمنافع عديدة على عشاق الفن والباحثين عن الجديد، حيث تعتمد الكثير من الفتيات على ما تجود به القنوات التلفزيونية في مختلف القارات؛ من حصص خاصة بتعليم الفتيات فن الطرز على الحاشية، وهو فن جديد عرف رواجا في مختلف دول العالم نظرا لجمالياته، حيث يمكن من خلاله صنع وسادات منفردة بطرز مختلف بين الحدائق الغنّاء وباقات الورد وأنواع مختلفة من الزهور البرية، وتعدّاه الآن إلى طرز الفراشات بألوانها الزاهية ومختلف أنواع الطيور. كما يمكن للمتمرسات في هذا الفن الفريد صناعة لوحات لتزيين الصالة وغرف المعيشة بتقنية ثلاثية الأبعاد يمكن الاستعانة فيها بعجينة خاصة لصناعة الإصيص أو الفازة التي تحمل الورود على قماش الرسم، ويمكن للحرفية أن تشكل القالب الذي تريده مع تلوينه بالألوان المائية أو الزيتية؛ إذ يمكن أن يجتمع في هذا الفن الرسم والطرز.

وأكدت الحرفية المتمرسة في هذا الفن (وفاء.م) أن الطرز على الحاشية بات مطلوبا من قبل الحرفيات والفتيات الماكثات في البيت وحتى العاملات، مضيفة أنها تعلمت أصوله في مركز خاص للتكوين، مشيرة إلى أن للقنوات التلفزيونية أيضا فضلا كبيرا في تعلمها تقنيات جديدة؛ لأن عمليات الإبداع فيه متواصلة، تقول: "يحتاج فن الطرز بالحاشية لحب وصبر، فبفعلهما يمكن أن تتحول الحاشية إلى باقة ورد بارزة في غاية الجمال، تزيّن الوسائد أو مناديل المطبخ وحتى مناديل الحمّام، فجمالها يُشعر مستعملها بأريحية كبيرة. وشخصيا، أتابع الجديد الذي تم إبداعه في هذا المجال من قبل فنانات عالميات، حيث اكتشفت إمكانية الاعتماد فيه على خيوط الماكرامي، مثلا، بدل الخيط الخشن المستعمَل بالعادة. كما لا أفوّت فرصة وضع لمستي الخاصة  على الأفرشة والقطع المختلفة التي أصنعها". 

 كما عرف جمهور المعارض الحرفية نوعا جديدا من الطرز من إبداع رجل استطاع من خلاله أن يعكس فلسفته في الحياة، مع إرسال عبر رسائل يمكن أن يتذكرها المرء كلما نظر إلى التحفة الموجودة أمامه، وهو فن الطرز المعدني، الذي أصبح عنوانا لأعماله الفنية التي وصفها العديد من زوار المعارض التي شارك فيها، بالمميزة والرائعة، حيث كانت ولاتزال مصنوعاته المختلفة؛ من أشجار البونزاي، الزيتونة المثمرة، الشجرة الباكية ومجسمات لسيدات يعزفن على الكمان وأخريات يعزفن على الموسيقى ويرقصن، السنديانة في مهب الريح، الرجل المسند ظهره إلى شجرة الخروب والفراشة التي تجر الشجرة، من التحف المطلوبة والتي لاقت إعجابا كبيرا لدى عشاق الجمال من داخل الوطن وخارجه. وأشار السيد بلقاسمي في حديثه إلينا، إلى أن أباجورة شجرة الخروب ذات وزن 2 كيلو ونصف كيلو من السلك المجلفن الفضي، قد سحرت كل من شاهدها؛ إذ تُعتبر تحفة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. 

وحول ماهية فنه ودخوله عوالم جديدة في الطرز قال: "لكل عمل خاصية، والطرز المعدني يعتمد على النحاس أو السلك المجلفن، ويتطلب قوة بدنية من خلال الضغط باليدين، علاوة على الصبر الكبير لتحقيق الهدف؛ إذ يلاحظ كل من يشاهد أعمالي أن السلك المستعمل وحدة كاملة ولا أقوم بقطعه أبدا، وهذا يحتاج للدقة. ومن بين التقنيات التي يستعملها السيد علي في طرزه، إضافة العقاش زاهي الألوان إلى الشجيرات لتصبح مثمرة تسرّ الناظرين". هذه الأخيرة قال إنه يشتري مادتها الأولية من الأفارقة عند مشاركتهم في المعارض المختلفة التي تحتضنها الجزائر.