طباعة هذه الصفحة

"التيك توك"..

من اصطياد المعجبين إلى إدمان وتحد بمحتوى جريء

من اصطياد المعجبين إلى إدمان وتحد بمحتوى جريء
  • القراءات: 754
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

صنع التطبيق الصيني "التيك توك"، أو ما يسمى "العالم المريب"، الحدث في الجزائر، بالنظر إلى تفاعل مختلف شرائح المجتمع معه، بما في ذلك كبار السن، وهو ما يعكسه حجم ما يجري مشاركته يوميا من "مقطوعات مصورة"، بعضها يوحي بما يتمتع به الشباب تحديدا من مواهب في الرقص أو التمثيل التعبيري أو الفكاهة، وأخرى تكشف التدني الحقيقي للمستوى الأخلاقي وضياع قيمتي الحياء والحشمة، خاصة بالنسبة للجنس اللطيف.. "المساء" حاولت رصد آراء الأخصائيين ومرتادي هذا التطبيق الذي ألهب عقول الصغار والمسنين قبل الكبار.

شعبيته نسفت تطبيق رقصة "الكي كي" 

رغم أن تطبيق رقصة "الكي كي" لقي تجاوبا من طرف الشباب تحديدا، إلا أن ارتباط تطبيقه بسيارة تمشي، حال دون تمكّن البعض من تنفيذه، الأمر الذي جعل التفاعل معه قليلا مقارنة مع تطبيق "التيك توك" الذي ألهب عقول الشباب، على حد تعبير عدد من الطلبة تحدثت "المساء" معهم بجامعة بوزريعة، حيث أكدوا أنه التطبيق الوحيد الذي مكّنهم من التعبير عما يختلج في صدورهم من مشاعر أو مواهب أو رسائل، تعذر عليهم إيصالها، وما سرّع من وتيرة انتشاره، سهولته وبساطته والانطلاق فيه بكل حرية بلا حدود أو قيود، إذ لا يحتاج إلى الكثير من التفاصيل للعمل عليه، يكفي فقط تحميل التطبيق في الجهاز، ومن ثمة يتم اختيار المقطع المناسب ومشاركته.

من جهة أخرى، أشار عدد منهم إلى أن التطبيق تحول إلى حالة من الإدمان اليومي، إذ لا يمر يوم واحد إلا ويبادرون لمشاركة زملائهم وأصحابهم بعض المقاطع التي يغلب عليها الطابع الفكاهي والجريء، في حين أكد آخرون، أن المداومة عليه جعلهم يحولونه إلى فضاء تنافسي لتقديم الأفضل والأكثر جرأة وتأثيرا من حيث المحتوى.

استهدف المراهقين وشد اهتمام البالغين

استهدف التطبيق، عندما تم إطلاقه فئة المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة، غير أن المتصفح لما يتم نشره بمختلف مواقع التواصل الاجتماعي، يقف على الشعبية الكبيرة لهذا التطبيق في صفوف الكبار والصغار، على حد سواء، والمفارقة أن البالغين الذين بادروا إلى مشاركة أحبابهم أو أبنائهم لبعض المقاطع، حصلوا على نسبة مشاهدة كبيرة، غير أن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو؛ "هل يعي هؤلاء ما قاموا به، خاصة إن كان في محتوى المقطع نوع من الجرأة، أو يفتقر إلى الحياء؟".

اتضح لـ"المساء"، من خلال الدردشة مع بعض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة، ويملكون هواتف ذكية، أن المهم بالنسبة إليهم مشاركة المقطع وجمع الإعجابات، بغض النظر عن المحتوى، وأن أكثر ما يهمهم هو كثرة التفاعل، خاصة إن كان في المقطع نوع من الفكاهة أو الرقص، مشيرين إلى أنهم يتعمدون مشاركته بحثا عن الشهرة، على حد قول الطفل "عبد الرؤف. ف«، البالغ من العمر 11 سنة، والذي أكد أنه يملك موهبة في الرقص ويحب  أن يكون مشهورا ووالدته ليست على علم بما يقوم به.

بينما أكد عدد من البالغين أن الدافع إلى مشاركة أبنائهم لبعض المقطوعات والمشاركة فيها، هو الرغبة في مواكبة ما تقدّمه التكنولوجيا من جهة، وإرضاء فضولهم، وهو ما جاء على لسان عمي محمد، بائع مواد غذائية بالعاصمة، أشار إلى أنه اكتشف هذا التطبيق الذي لم يكن يسمع عنه من قبل من ابنه المراهق الذي ألح عليه بمشاركته، معلقا أن المقطع بعد تصويره، لم يطلع عليه ولا يعرف أصلا أين تم نشره، في حين أشارت مراهقة إلى أنها بادرت إلى مشاركة جدتها في واحد من مقاطع "التيك توك" دون حتى أن تعلم ذلك، لأنها كانت بحاجة إلى شخصيتها على المقطع الذي اختارته".

أغلب المقاطع في المنازل لمزيد من التحرر

الرغبة في الشهرة وحصد المعجبين في الفضاء الافتراضي بالعقلية الجزائرية، يحتاج إلى تفعيلها بنوع من السرية بعيدا عن الرقابة الأبوية، وهو ما توحي به مختلف المقاطع المعروضة، حيث تشير أغلبها إلى أن تصويرها يتم في منازل فارغة، بعيدا عن أعين أفراد العائلة أو في غرف نوم، مما يلغي الخصوصية ويقضي على الحشمة، وحسب بعض الذين مسهم الاستطلاع من فئة الشباب، فإن الرغبة في التمتع بفضاء تعبيري حرّ، خاصة إن كانت بعض المواقف أو المقاطع محرجة أو جريئة، يتم اختيار إما غرف النوم أو الشارع، إن كان ذلك مع بعض الأصدقاء، غير أن الأكيد، حسبهم، أن كل ما يتعلق بتطبيق "التيك توك" ينبغي أن يظل بعيدا عن الرقابة الأبوية، لاسيما إن كان المحتوى يحمل بعض العبارات النابية التي عادة ما تقال في مقطوعات غنائية بالملاهي الليلية، والتي يحبون مشاركتها على الفضاء الأزرق الذي يضمن كل الحرية.

رغم شهرته... الأسر الجزائرية لا تعرفه

بعد أن شعرت وزارة التربية الوطنية بحجم الخطر المحدق، بعد تفشي تطبيق "التيك توك" لدى المتمدرسين من المراهقين والمبالغة في نشر الفيديوهات غير المسؤولة، والتي غلب عليها التهريج وقلة الحياء، وحملت أيضا نوعا من التحدي، بادرت إلى نشر بيان دعت فيه إلى ضرورة التوعية بخطورة مثل هذه التطبيقات، ولفت انتباه الأولياء الذين تفطنوا إلى ضرورة  مراقبة ما يفعله أبناؤهم بالهواتف الذكية، خاصة أن أغلب المقبلين على هذه التطبيقات يجهلون تبعات ذلك، فبعيدا عن الشهرة يعرضون أنفسهم  للابتزاز والاستغلال من بعض المنحرفين، خاصة إن تعلق الأمر ببعض الفتيات اللواتي يبادرن إلى مشاركة ما اخترنه دون مراعاة بعض الخصوصيات، كالظهور بمظهر غير لائق أو مثير، كل هذه المعطيات جعلت الأسر تنتبه إلى خطورة هذا التطبيق، وتحاول ممارسة نوع من الرقابة على أبنائها المراهقين من خلال التجسس على ما يقومون بنشره، وهو ما أكدته والدة أيمن، متمدرس في الطور الابتدائي التي أكدت في معرض حديثها، أنها لم تكن تعرف هذا التطبيق، إنما تسمع عنه فقط، ولا تعيره أي اهتمام إلى أن بلغها ما صدر عن وزارة التربية، حيث سارعت إلى تفقد هاتف ابنها، ووقفت على بعض المقاطع التي جعلتها تعاقبه بحرمانه منه، خاصة بعد أن قام بمشاركتها، بالنظر إلى محتواها السيئ.