لأنها تعكس تراث وهوية أمة

مليكة ميلودي تستثمر في الجبة القبائلية

مليكة ميلودي تستثمر في الجبة القبائلية
الحرفية مليكة ميلودي
  • القراءات: 783
رشيدة بلال رشيدة بلال

تحولت الجبة القبائلية إلى واحدة من أهم المشاريع التي تعتمد عليها النساء من أجل الاسترزاق بالنظر إلى الطلب الكبير عليها في المناسبات، وحتى في الأيام العادية... والحرفية مليكة ميلودي من ولاية تيزي وزو، واحدة من اللواتي اخترن إنشاء مؤسسة عائلية متخصصة في خياطة الجبة القبائلية، لتحقق، بذلك، هدفين؛ أحدهما مادي، والآخر ترويجي لتراث المنطقة. وهذا النوع من الأنشطة اليدوية، حسبها، رغم ما فيه من تعب إلا أنه من المشاريع الناجحة، ويساهم في الحفاظ على هذا اللباس التقليدي من التحريف، وموجة العصرنة التي غيّرت كثيرا من ملامحه.

قصة مليكة ميلودي مع خياطة الجبة القبائلية بدأت منذ كانت صغيرة بمسقط رأسها؛ حيث تُعتبر الجبة القبائلية جزءا من تراث المنطقة وتقاليدها؛ ففي ما مضى كان أغلب النساء يخطن الجبة القبائلية لأنها كانت اللباس الرئيس في المنازل، وبالتالي خاضت هي هذا المجال مقابل الحصول على عائد مالي، تلبي به بعض احتياجاتها. ومع مرور الوقت احترفت خياطة الجبة القبائلية، وأصبح لديها خبرة كبيرة في هذا النوع من الأنشطة. كما أصبح لديها اطلاع كبير على كل النماذج والأنواع الخاصة باللباس التقليدي النسوي.

من نشاط منزلي إلى مشروع استثماري

التفكير في تحويل الجبة القبائلية إلى مشروع مؤسسة عائلية مصغرة، بدأ بعدما ازداد الطلب عليها، وأصبحت العروض التي تأتيها لا تقتصر على خياطة الجبة  اليومية، وإنّما تعدتها إلى تلك التي تلبسها العروس وتتزين بها يوم زفافها، والتي تتطلب الكثير من الجهد؛ لما تحتاجه من دقة كبيرة، خاصة عند ترتيب الخيوط الملونة التي تزيّنها. وبحكم أن أجهزة الدولة أصبحت تقدم قروضا للماكثات في البيوت لتمويل مشاريع منزلية مصغّرة، قررت مليكة بدعم من زوجها، ولوج هذا العالم  وكلها أمل في أن يكون لديها اسمها الخاص في السوق، خاصة أن الطلب عليها  كبير من داخل الولاية وحتى من خارجها؛ تقول: "بالفعل استفدت، بعد الحصول على بطاقة حرفي، من قرض مصغر، ساهم في دعم مشروعي الاستثماري المتمثل في حياكة الجبة القبائلية بطريقة تقليدية".

حضور في المعارض المحلية والوطنية

رغبت الحرفية مليكة في إنجاح مشروعها الصغير في حياكة الجبة القبائلية التي لديها فيها ما يزيد عن 45 سنة خبرة، والذي مكنها من إخراجه من جدران منزلها إلى المعارض المختلفة، بعدما كانت تنشط في المنزل وتلبي طلبات الراغبات في  الحصول على جبة قبائلية منزلية بسيطة؛ حيث شاركت على مدار 12 سنة في عدد كبير من المعارض المنظمة من طرف غرفة الصناعات التقليدية، في عدد من ولايات الوطن.

وحسب محدثة "المساء"، فبالنظر إلى الطلب الكبير على مؤسستها العائلية التي أشركت فيها زوجها وابنها اللذين يتكفلان بالتسويق، فتحت الباب لتعليم بعض الفتيات بالمجان، وتوظيف أخريات. ورغم الغلاء الكبير لأسعار القماش الخام الذي يُستخدم في تفصيل الجبة القبائلية والخيوط التي تزيَّن بها، إلا أن الطلب كبير عليها خاصة في المناسبات الاحتفالية؛ كيناير والأعراس، وحتى في بعض الولائم التي تفضل فيها النساء الظهور باللباس القبائلي بكل ما يحمله من دلالات تاريخية وجمالية.

وأكثر ما يحز في نفس الحرفية مليكة التي تعشق الجبة القبائلية كثيرا، رؤية البعض من غير الحرفيين يبيعونها على حواف الطرق بطريقة فيها الكثير من الإهانة للجبة القبائلية، التي يُفترض أن تُعرض في أرقى المحلات، مشيرة في السياق إلى أن تخصصها في حياكة الجبة القبائلية، جعلها تلمّ بكل الأنواع المتوفرة، وهي قادرة على حياكة الجبة حسب الطلب من حيث  الألوان، وكيفية ترتيب الخيوط؛ لأنها تعكس تراث وهوية أمة. وتتمنى لكل من تلهمه الجبة القبائلية ويرغب في الاستثمار فيها، أن لا يسيء لها؛ لأنها تظل رمزَ أمة.